اقتصادسياسة

لماذا فاز نتنياهو بالانتخابات؟ .. ج: إنه الاقتصاد أيها الحمقى

 سي إن بي سي: نتنياهو فاز بالإنتخابات بسبب رؤيته الإقتصادية.. وقضايا الإرهاب وإيران والسلام مع الفلسطينيين لم تكن حاسمة

 

سي إن بي سي – جاك نوفاك – ترجمة: محمد الصباغ

قال بعض المحللين الأذكياء إن فوز رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الواضح والمفاجئ يرجع إلى الشعب الإسرائيلي الذى مازال يضع الأمن القومي كأولوية عند الذهاب إلى صناديق الإنتخابات، و شعروا بالغضب إثر تدخل إدارة أوباما في انتخاباتهم.

نصف ما قاله هؤلاء المحللين صحيح.

حاولت وسائل الإعلام في أمريكا وإسرائيل إظهار أن الاقتصاد هو نقطة ضعف نتنياهو. لكن في الحقيقة، كان نقطة قوة له وخطأ كارثي لمنافسيه.. لماذا؟

انتهى اليسار التقليدي في إسرائيل منذ 14 عاماً عندما انتخب آرييل شارون كرئيساً للوزراء وسط سيل من الهجمات الإرهابية الفلسطينية. وعاد وقتها الشعب الإسرائيلي إلى بطلهم العسكري العظيم لينهي المذابح اليومية. وقد حقق لهم ذلك.

لكن اليسار أيضاً انتهى خلال نفس الفترة لأسباب اقتصادية. كانت قوة إسرائيل الاقتصادية الكبيرة التي عرفت بمصطلح ”أمة الشركات الناشئة“ قد بدأت في هذا الوقت، واقنعت الجماهير الأميل للاشتراكية أن الإبداع والتنافس، والإسراع إلى الأسواق هم وسيلة إسرائيل لإنهاء عزلتها الإقتصادية إلى الأبد.

حدث الكثير منذ ذلك الوقت. لكن في النهاية لم يعد معظم الإسرائيليين يؤمنون بتقديم تنازلات من أجل وهم السلام. كما أنهم لا يعتقدون أيضا أن تدمير صناعة التكنولوجيا المزدهرة في البلاد، والأدوية وقطاعات الطاقة عن طريق لوائح مدمرة جديدة وضرائب هو السبيل لنشر الرخاء بين قطاعات من السكان الذين يعانون اقتصادياً. لكن وسائل الإعلام اليسارية لم تفهم ذلك.

وعند الإقتراع، كان واضحاً لأي شخص أن حملة اليسار الإسرائيلي التى اعتمدت على وعود بتحسين الإقتصاد لم تحظ بأي بنجاح . نعم، كانت ثقة الناخب في سياسات نتنياهو الإقتصادية مرتفعة بسبب ارتفاع تكلفة المعيشة وأزمة الإسكان. لكن الثقة كانت أقل في الخطة الاقتصادية الجديدة للمعارضة التي كانت تقريباً نفس الخطة الإشتراكية منذ عام 1954.

ورغم ذلك يبقى نتنياهو بعيداً عن الوضوح في الجانب الإقتصادي، ويجب عليه أن يركز على ذلك الأمر إذا أراد أن يكمل فترته الجديدة كرئيس للوزراء. فالنمو الاقتصادي الإسرائيلي السريع خلق زيادة لا مفر منها في تكلفة المعيشة للمواطنين، سواء تأثروا مباشرة  بالإزدهار الاقتصادي أم لا. وتبقى مهمة نتنياهو هي إيجاد طريقة بعيدة عن الإشتراكية لنشر الثروة، ولديه طريق واضح للبدء في هذا الأمر، وهة أن يتبع سياسة السوق الحر.

لحسن حظ نتنياهو والشعب الإسرائيلي، فإن استخدام السوق الحر لتقليل الأسعار وتحسين الخدمات ليس أضغاث أحلام. ويرى الشعب الإسرائيلي أن الفضل المباشر في ذلك يعود إلى قائد الليكود السابق وزميل التحالف ”موشي كهلون“، الذي فاز بعدد كبير من المقاعد مع حزبه. وكهلون مليونير عصامي نجح في تخفيض أسعار فواتير الهواتف المحمول في إسرائيل بنسبة 90% خلال عمله كوزير للاتصالات، وذلك ليس من خلال التحكم المنتظم في الأسعار، لكن بواسطة فتح مجال المنافسة في سوق شركات المحمول.

الآن من المتوقع لـ”كهلون” أن يصبح وزير المالية الجديد، وهو يجهز رؤيته لتحسين المنافسة في مجالي البنوك والإسكان. في الماضي، كان نتنياهو يبعد أي شخص يستشعر أن سيمثل تهديدا لغروره وسيطرته لكن على نتنياهو الآ أن يتوقف عن ممارسة تلك العادة.

في الحقيقة، هو في حاجة إلى أن يكون أكثر ترحيباً، ويعني ذلك أن يدعو الإصلاحي الاقتصادي يائير لبيد وحزبه الشهير إلى التحالف أيضاً. فلبيد ونتنياهو كانا حلفاء في الحكومة السابقة، لكن كانت بينهما خلافات بسبب مشاكل شخصية. يجب أن يصنع “بيبي” – اسم يطلقه الاسرائيليون على نتنياهو – شراكة عمل مع لبيد على المدى الطويل، لأن لبيد وكهلون يشتركان في حس الإصلاح الإقتصادي السليم الذي لا علاقة له بالإشتراكية. كان إسهام لبيد الكبير في ضغطه في قضية دمج اليهود الأرثوذوكس المتشددين في الجيش، قاطعاً بذلك حالة الرفاهية التى كانت تستمتع بها هذه الفئة المتنامية وجعل الكثير منهم يدخل إلى عالم التوظيف. صنع لبيد تقدماً جيداً في كل تلك الجبهات في الحكومة السابقة ويجب ألا يتوقف عمله.

إذا استطاع نتنياهو إغراء لبيد وإدخاله إلى تحالفه وعمل معه بحق في نفس الوقت، لن تحتاج الحكومة أي دعم من أحزاب اليهود الأرثوذوكس المتشددين الذين عارضوا نجاحات لبيد الهامة.

ستلاحظ أن الإرهاب لم يذكر ضمن العقبات السياسية الحاسمة المذكورة بالأعلى، ولم تذكر أيضا عملية السلام الفلسطينية ولا حتى إيران. هذا لأن تلك القضايا ثابتة بشكل عام في إسرائيل.

واعتماداً على نتائج الانتخابات، يوافق حوالي 70% من الشعب الإسرائيلي على سياسات نتنياهو في تلك القضايا. وظل الأمر كذلك منذ عام 2001. وتلك أغلبية ضخمة جداً في دولة كإسرائيل. أما التحدي الحقيقي الآن لنتنياهو فهو أن يكون متأكداً أنه لن يُسقط الإقتصاد من حساباته.

لا أعتقد أن الشعب الإسرائيلي يريد العودة إلى الإشتراكية وحزب العمل، لكن التعثر الحكومي الاقتصادي قد ينتج عنه كتلة يسارية في إسرائيل قد تشمل أشخاصاً مثل كلهون ولبيد يقفون ضد نتنياهو. وقد تفوز تلك الكتلة.

الآن فاز نتنياهو بالانتخابات بفضل الاقتصاد، لكن عليه أن يظهر شيئا من النتائج إذا أراد البقاء في السلطة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى