ثقافة و فنسياسة

لماذا خلا مجلس مكافحة الإرهاب من وزير الثقافة.. وحضر صبحي؟

لماذا خلا مجلس مكافحة الإرهاب من وزير الثقافة.. وحضر صبحي؟

كتبت- غادة قدري

ما زال الجدل دائرًا في الأوساط الثقافية المصرية حول تشكيل المجلس القومي لمكافحة الإرهاب والتطرف، الذي أمر بتشكيله الرئيس عبدالفتاح السيسي الأسبوع الماضي، وأثار تشكيله انتقادات بسبب خلوه ممن يمثل وزارة الثقافة الحالية في نفس الوقت الذي استعان المجلس بالفنان محمد صبحي، ووزير الثقافة الأسبق “محمد صابر عرب”،  فضلا عن تمثيل الوزارات الأخرى. الأمر الذي دفع البعض نحو الاعتراض على دور وأهداف هذا المجلس الذي استبعد خبراء الإسلام السياسي أيضًا، معربين عن مخاوف من عجز المجلس من تنفيذ مهمته في مكافحة الإرهاب.

وحول تلك الانتقادات حاول “زحمة” الوصول إلى إجابة من وزير الثقافة حلمي النمنم ولكنه لم يستجب لأي من اتصالاتنا، لكن مسؤولا آخر في الوزارة -رفض الإفصاح عن اسمه- تحدث معنا معربا عن استيائه من أداء الوزير الحالي، وقلة اهتمامه بإقامة فعاليات تتعلق بالوعي ومكافحة الإرهاب، واقتصار نشاط الوزير -حسب قول المسؤول-  على الحضور في المناسبات الرسمية فقط كافتتاح قصور الثقافة والمهرجانات، وعدم اتخاذه مواقف حقيقية لمست حياة المثقفين وحرية الرأي.

(ملحوظة: بعد حوالي أسبوع من إعلان التشكيل، بدأت وزارة الثقافة رعاية مؤتمر “دور الشباب في الإصلاح الثقافي” بالأقصر والذي يهتم بمناقشة قضايا التطرف والإرهاب خلال الجلسات الحوارية).

تخبط ثقافي

ووصف الشاعر رفعت سلام وضع وزير الثقافة الحالي بالمتخبط، وتم اختياره وزيرا على مضض لسد فراغ في خانة، موضحا أن الوزير باقٍ إلى الآن كما لو كان اسمه مكتوبا بالقلم الرصاص، لا دور له في الوضع الثقافي الحالي، مشيرا إلى بيان وقّعه ما يقرب من 350 مثقفا مصريا، جميعهم يطالبون بإقالته من منصبه.

رفعت سلام: المجلس القومي لمكافحة الإرهاب “كيان شكلي”

وأضاف سلام في تصريحاته لـ”زحمة”: الوزير لا يمثل قيمة حتى لدى أجهزة الدولة، والدليل على ذلك أنهم استعانوا بوزير سابق ما يعكس دلالات سيئة، وكان أكرم له أن يقدم استقالته.

وعن دور المجلس يرى سلّام أنه “كيان شكلي” لن يكون له دور فاعل، كما لو كان استكمالا لديكور، وسيظل التصدي للإرهاب مهمة رجال الجيش والداخلية.

تجاهل الثقافة يدعو إلى الاستغراب

وحول تلك الانتقادات يرى الدكتور عمار علي حسن أن المجلس لا ضرورة له ويشبه الأمر حكومة موازية، كما أنه ضم أهل الثقة قبل أن يضم أهل الخبرة، موضحا أن “الأمن” سيكون حاسما وليس الفكر، وكأن الخبراء لن تكون لهم الكلمة العليا وسيقتصر الأمر على رؤساء الأجهزة الأمنية وستنفذ قراراتهم ما يعني أن هذا التشكيل في تطبيقاته العملية لن يختلف عن ما اعتادت عليه الدولة في معالجة الإرهاب.

عمار علي حسن: يشبه الأمر حكومة موازية

مؤشرات سلبية
وأشار المفكر والكاتب السياسي في تصريحاته لـ”زحمة” إلى إهمال وزارة الثقافة في تشكيل المجلس، قائلًا إنه أمر يدعو إلى الاستغراب، فالإرهاب قضية ثقافية بامتياز، وكان ينبغي أن يمثل وزارة الثقافة الوزير أو ما ينوب عنه، لكن غيابه يعطي مؤشرا سلبيا على تصور السلطة للإرهاب، التي ما زالت تغلّب الجانب الأمني.

أهمية المجلس الحقيقية
وعن تمثيل الثقافة في المجلس الوطني لمكافحة الإرهاب يرى الدكتور شوكت المصري، محاضر النقد الأدبي الحديث بأكاديمية الفنون، أن الثقافة ممثلة بالفعل، الأمر لا يعني تمثيل وزير الثقافة أو ما ينوب عنه، فالتشكيل ضم بالفعل شخصيات مثقفة مثل الفنان محمد صبحي، ووزير الثقافة الأسبق محمد صابر عرب.

شوكت المصري: أين الدور الحقيقي للمجلس؟

مضيفا: كما ضم التشكيل أيضا، وزارات مثل التربية والتعليم والتعليم العالي، والتنمية المحلية، المشكلة ليست في من يمثل الوزارات في هذا المجلس، الأهم هو أن نطرح سؤالا عن أهمية هذا المجلس، إلا إذا كانت وزارة الثقافة غائبة، كان من الممكن تأسيس لجنة ضمن المجلس الأعلى للثقافة لمجابهة الإرهاب، لافتا إلى أن التجربة أثبتت فشل المجالس العليا التي تشكلت من قبل مثل المجلس القومي للمرأة وغيره.

غياب خبراء حركات الإسلام السياسي
وعن المختصين بمكافحة الإرهاب أكد مصطفى زهران، الكاتب والباحث في حركات الإسلام السياسي لـ”زحمة”، أن لدى السلطة إشكالية في التعامل مع التيارات الإسلامية في شقيها السياسي والراديكالي، فهي تبحث عن شخصيات غير مختصة بهذا الحقل وهو سبب رئيسي لحجم الانقادات الموجهة لتشكيل المجلس.

وتابع: كان من المفترض أن يجمع المجلس بين دفتيه مجموعة من الباحثين المعنيين بهذا الأمر، ولديهم من الدراسات البحثية، والأعمال التقريرية التحليلية، لا أن يتم البحث عن شخصيات لديها صلة ما بالسلطة السياسية ويتم الدفع بها وهي بعيدة كل البعد عن هذا الفكر والخلل الذي يحتويه.

مصطفى زهران: ندور في حلقة مفرغة

وأضاف: “من المفترض أن يقدم هذا المجلس مفردات حقيقية أو خطة علاج وكشف حساب حقيقي لواقع ومستقبل هذه التيارات في مصر، لكن المجلس أتى بشكل بيروقراطي بعيد كل البعد عن الأهداف التي بنيت دعائمه من أجله”.

وختم حديثه مؤكدا أننا إزاء إشكالية أخرى لأننا لم نقرأ حتى الآن حالة التطرف كما يجب أن نقرأها ولم نقدم تحليلات حقيقية لواقعها ومستقبلها وسنظل ندور في حلقة مفرغة لا نهاية لها.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى