سياسةمجتمع

لا تحذف أصدقائك العنصريين على فيسبوك

 لا تحذف أصدقائك العنصريين على فيسبوك  

الجارديان – ديكستر توماس – ترجمة: محمد الصباغ

 ربما يكون  أول ما تفعله صباح كل يوم هو تفقد مواقع التواصل الاجتماعي، مثلما أفعل. وربما أيضاً في أحد الأيام فتحت فيسبوك لتجد  إحدى  صديقاتك القدامى في الدراسة قد كتبت الآتي حول أحداث الشغب في بالتيمور (التي اندلعت عقب مقتل شاب أسود على يد الشرطة)، كتبت الصديقة:

 ”لماذا لا نرسل قوات المارينز الأمريكية إلى بلتيمور ” لتنظيفها”؟ لا نريد هؤلاء الحيوانات من حولنا مرة أخرى!“. نشر ذلك منذ ساعة مضت، ونال هذا الكلام إعجاب 107 أشخاص. وعندما تنزل إلى الأسفل قليلاً، ستجد أن أحد أصدقائها انسجم مع ما كتبت، وعلق قائلاً: ”كجندي مارينز مخضرم، أوافق على ذلك، أحب أن أقتل بعضا من هؤلاء الحيوانات”. وأعجب بهذا التعليق 46 شخصاً.

سأقوم بحذف هذا الأحمق من قائمة أصدقائي، أنت تفكر في ذلك.  فأنت لست في حاجة إلى تلك الطاقة  السلبية وخاصة في هذا الصباح المبكر. لا يهم حتى لو كانت تقاسمك كيس  البطاطس الخاص بها عندما كنت تتخلى عن الذهاب إلى ”الجيم“ وتذهب إلى “برجر كينج”. كان ذلك في الماضي، أما الآن فهي تشعرك بالإشمئزاز. تبدأ في تحريك مؤشر الماوس وتحوم حول زر (Unfriend).

من فضلك انتظر. ليس فقط لأنها بحاجة إليك، لكن لأنك بحاجة إليها. فهي الشئ الوحيد الذي يربطك بالواقع حالياً.

أتفهم أن الأمر محبط. مررنا بذلك في أحداث فيرجسون وستاتن أيلاند. حينذاك، نشرت صديقتك صوراً مزيفة لمايكل براون يحمل مسدساً، والآن تنشر صوراً مزيفة لأحداث نهب. ونشرت مقاطع فيديو لحريق صيدليات CVS. بينما لا تنشر مقاطع لرجال الشرطة وهم يلقون بالحجارة على الأطفال، أو المقطع الذي قامت فيه الشرطة حرفياً باختطاف شاب وتجاهلته قناة سي إن إن. في أفضل الأحوال ستجدها تنشر الفيديو المشهور وسيىء السمعة الذى تظهر فيه سيدة تصفع ابنها، وتقول عنها صديقتك إنها بطلة. نعم إنها ستاسي التي نشرت الأسبوع الماضي عشرة أسباب كي لا تضربي طفلك. لكنها سعيدة لأنه مسموح لها أن تفرح بضرب طفل أسود.

بالنسبة لها فإن النوافذ المكسورة في الحقيقة أسوأ من كسر عمود فقري لرجل (أسود).

الأمر غريب. فجأة صار لأصدقائك والكثير منهم من البيض (ليس جميعهم)، صار  لديهم رأي حول ” السياسات السوداء”.

هؤلاء الناس –أصدقاؤك- لم يتحدثوا بكلمة حول بلتيمور قبل أزمة فريدي جراي. لا يعنيهم الفقر ولا يشغلهم نقص الأغذية الصحية. وحتي وحشية الشرطة لا تعنيهم في شئ، إلا لو تعلق الأمر بمقطع فيديو فهو متعة مجانية. هؤلاء – فجأة –  لم يصبحوا فقط أصحاب سلطة اخلاقية، بل محللين سياسيين ومؤرخين. ويبدأون في طرح أسئلة مثل: لو قام شخص منكم بسرقة شئ ما، سوف يدمر ذلك قضيتكم- ألا تعتقدون ذلك؟ يجب أن تحافظوا على أنفسكم. أليست هذه المشكلة بسبب موسيقى الراب؟ لماذا لا تكون مثل دكتور كينج؟ لم يزعج الناس مطلقاً.

هو نوع غريب من الجدل لا طائل منه يحدث عقب المباريات الرياضية في صباح الأثنين، لكن بدلاً من الرياضيين، أصبحوا وكأنهم قادة سياسيين، وصاروا يتعصبون لحركات سياسية لا يدعمونها أصلا.

نعلم ما هو تفكيرهم الحقيقي، ومشاعرهم تجاهنا – وهنا لا أعنى بكلمة “تجاهنا” السود فقط –  التي تتأرجح بين اللامبالاة الغاضبة، والكراهية. يقولون إنهم ليسوا عنصريين، لكننا نعرف بشكل أفضل. نعلم أن كلمة ”عنصري“ لا تنطبق فقط على الرجل الذي يضع حبلا حول رقبة رجل أسود كما في مشاهد الشنق القديمة. تنطبق الكلمة أيضاً على المتفرجين الذين كانوا  يشيرون إلى الأجساد  وهى تتطاير في الهواء. كما تنطبق على الناس في المنازل الذين لم يحضروا  تلك  “الاحتفالات” مفضلين عدم التفكير في وجودها.

نعلم أن العنف العنصري لا يأتي دائماً في شكل مشانق أو إطلاق رصاص. أحياناً، قد  يأتي عبر هزة كتف (دليل على اللامبالاة)، أو أن تصدر ضوضاء بحركة لسانك (تعبيراً عن الامتعاض أو الغضب). لكن، إن  لديهم وجهة نظر حينما يشكون من الشغب، ويقولون إن مشكلة العنف لن يحلها العنف.

ما يحدث في بلتيمور هو نتيجة دفن أمريكا لرأسها في الرمال. هو عنف ناتج عن التجاهل المتعمد الذي لم نعد قادرين على تحمله. لن يكون هناك ”فضاء آمن“ لنا، حتى تكون كل ”الفضاءات آمنة“. إن لم نكن آمنين في قاعات المحاكم أو الشوارع، لن نكون قادرين على الإدعاء بأننا آمنون على الإنترنت.

لذلك: لا تكن مثلهم. الحياة ليست كخزانة ملابس يمكنك ترتيبها جيدا. إنه العالم  حيث  قد تكون  فتاة  اعتادت أن تلتهم الحشرات معك في الحضانة، لكنها عندما تكبر  تتحول إلى  شخص يخاف الغرباء ويكرههم. ستاسي وأصدقاؤك الآخرين يمكن أن يكونوا مستائين من أحداث بلتيمور فينصرفون إلى تأمل القطط،  لكنك أنت لا تستطيع فعل ذلك. اقرأ ما ينشروه، ولاحظ أكثر ما يزعجهم. لست مجبراً على الرد  فورا.

لكن لا تنصرف بعيداً.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى