إعلامسياسة

لأن صداقة أمريكا أخطر مرتين من عداوتها

 

آرتيوم كوبزيف  في صوت روسيا يشرح لماذا لا يثق العرب في الولايات المتحدة؟

آرتيوم كوبزيف – صوت روسيا –  ترجمة – ملكة بدر

عندما بدأ الربيع العربي يكتسب زخمًا، حاولت الولايات المتحدة الأمريكية أن تنحاز إلى “الجانب الصائب  من التاريخ”، ولكن في الحقيقة، كان ذلك يعني موافقتها على دعم القوى التي أطاحت بالقادة المستبدين في بلاد المغرب والشرق الأوسط. وفي الوقت نفسه، لم يضع الأمريكيون في حساباتهم أن هؤلاء الحكام المطاح بهم كانوا حلفاء واشنطن لسنوات طويلة.  وكانت نتيجة هذه السياسة مؤسفة إلى حد كبير: فقد عزز الإسلاميون نفوذهم في المنطقة، بينما دمرت سمعة الولايات المتحدة في العالم العربي. وبما إن مصر هي الدولة الأكبر عربيًا، لم يكن مفاجئًا أن يكون تغيير النظام فيها على وجه التحديد هو الحدث المركزي الأهم للربيع العربي. فخلال السنوات الثلاث التي أعقبت الاحتجاجات التي بدأت في 2011، تغيرت مقادير السلطة والنفوذ في مصر عدة مرات.

اعترف الأمريكيون كل مرة بالنظام الجديد باعتباره نظامًا شرعيًا، ناسين بسهولة علاقاتهم السابقة بالقيادة في مصر. وهنا يوضح دكتور جورج ميرسكي، الباحث بالأكاديمية الروسية لعلوم العلاقات الدولية والاقتصاد العالمي قائلا “في البداية دعموا القوى الثورية، ثم عندما سيطرت الثورة المضادة على مقاليد الأمور، دعموا قوى الثورة المضادة، واعترفوا فورًا بالسلطات الجديدة التي يقودها المشير السيسي الذي يوشك أن يصبح الرئيس المنتخب الجديد. وضعوا رهانهم على هؤلاء الذين سيحددوا في المستقبل القريب شكل الأوضاع في مصر”.

هذه السياسات القادمة من واشنطن لا تبدو سوى  براجماتية، وبالرغم من ذلك، يساء استغلالها كثيرًا. خاصة وأن الكثيرين في العالم العربي لاحظوا كيف خانت الولايات المتحدة الأمريكية بسهولة حليفها المخلص منذ فترة طويلة حسني مبارك.

ويرى إيفيجيني ساتانوفسكي، مدير معهد الشرق الأوسط أن “صورة الولايات المتحدة في العالم العربي سيئة من ناحية وجيدة من ناحية أخرى. لا أحد يثق بأمريكا، كما أن هناك مقولة تشتهر في العالم العربي مفادها (إنه من الخطير أن تكون عدوًا لأمريكا، لكن الأخطر أن تكون صديقها)، ومن هذا المنطلق، كانت خيانة مبارك مؤشرا لكل الأطراف، سواء الذين أحبوه أو كرهوه، على أن الولايات المتحدة يمكن أن تخون حلفائها في لحظة”.

وعمومًا كانت نتائج الربيع العربي مؤسفة كثيرًا بالنسبة للولايات المتحدة، فمن ناحية، أطيح بالحكام المستبدين الذين ظلوا في السلطة سنوات عديدة من على رؤوس الحكم، لكن من ناحية أخرى، لم يأت بدلا منهم ليبراليون موالون للغرب، بل جاء الإسلاميون. وبسبب التصرفات التي قامت بها الدول الغربية، لم تفلح ليبيا في أن تظل دولة واحدة، وسقطت ترسانات أسلحة معمر القذافي، الذي أطيح به وقتل فيما بعد، المتطورة والثقيلة في أيدي المتشددين.

يوضح ساتانوفسكي إن “انتشار الإسلام الراديكالي، السياسي والإرهابي، كان واسعًا، بالإضافة لذلك، أصبح عالميًا. ثم بدأ منظمو الربيع العربي في التناحر مع بعضهم البعض: قطر التي تدعم الإخوان المسلمين من ناحية، والسعودية وحلفائها من ناحية أخرى، وهو ما أضر كثيرًا بوضع الولايات المتحدة في المنطقة”.

أما سوريا فيجب ذكرها بشكل منفصل، فقد أصابها الربيع العربي أيضًا لكن لم يؤد إلى تغيير في النظام، وإنما أسفر عن حرب أهلية دموية تكاد أن تتحول لحرب دينية. وككل الحالات السابقة، دعمت الولايات المتحدة في البداية المتمردين، لكن بعد فترة أصبح واضحًا أن حركات الجهاد الدولية تقاتل هناك ضد بشار الأسد، وبالتالي، وجد الأمريكيون أنفسهم في موقف لا يريدون فيه دعم الإسلاميين، لكنهم لا يستطيعون الاعتراف رسميًا على الأقل بأن نظام بشار “أقل شرًا”. وتعليقًا على ذلك، قال أمير البحرين سلمان بن حمد آل خليفة أن الولايات المتحدة اعتمدت سياسة “متغيرة ورجعية” تجاه الخارج، وبالتالي ستفقد قريبًا تأثيرها ونفوذها بين دول العالم العربي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى