ثقافة و فنمجتمعمنوعات

كيف يهدد هوس التصوير ذكرياتنا

كيف يضعف هوس التصوير  قدرتنا على تذكر تجاربنا

Quartz-Reuters- فابريزيو بينسش

ترجمة دعاء جمال

berlinwall

نشأتُ لوالد  يعمل مصوراً، ما جعلنى مهتمة بالطريقة التى تشكل بها الصور ذكرياتنا، كيف لشىء بسيط مثل صورة أن يساعد أو يؤذى قدرتنا على تذكر التجربة؟

الآن أتاحت لنا التكنولوجيا أخذ الكثير من الصور فى ثانية واحدة،  فنتوقف فقط عندما نلتقط تلك الابتسامة المثالية، وأصبحت الصور سلعة  في مقابل الذكريات الغالية التى كانت يوماً ما، قالت دراسة لشركة  “shutterfly” أن الأمريكان الآن يلتقطون أكثر من 10.3 مليار صورة كل شهر، والأجهزة المحمولة الآن هى جهاز التصوير الأساسى ل 60% من ملتقطى الصور المنتظمين.

يعد هذا تناقضا تاما مع الوضع الذي ساد حتى  بضعة عقود، عندما كانت كلفة التصوير تعنى أننا بطبيعة الحال سنلتقط فقط اللحظات التى تستحق الاحتفاظ بها وتمريرها للأجيال القادمة، وقد كان  أحد الأسباب الرئيسية لالتقاط الصور  التي ذكرها المشاركون في استطلاع شاترفلاي   ، هو أنهم يلتقطونها ليتمكنوا من تذكر تجاربهم، لكن الآن، تلك اللحظات الثمينة الموزعة  على المنصات الإلكترونية المتعددة، والتي تتقاطع غالبا مع صور  عشاء الليلة الماضية وصور السيلفى وصور أصابعنا فى الرمال من إجازتنا الأخيرة، تلك اللحظات نادرا ما نعود إليها أو نسترجعها ،  لذلك، أهناك أى تعجب من فقداننا القدرة على معرفة أي الصور التى  تستحق التذكر؟

مشكلة فقدان الذكريات  تتضاعف بسبب كيفية عمل عقلنا، عندما نعتمد على مساعدات للتذكر مثل الكاميرات والهواتف الذكية، فنحن نستعين بمصادر خارجية للتذكر، مبتعدين عن العملية الإدراكية اللازمة لخلق ذكريات دائمة، ومؤخراً راقبت كيف يؤثر تصوير الأشياء على ذاكرتنا، ففى دراستين، تم إرسال 74 طالب جامعى لمتحف فن لتصوير بعض الأشياء،  وملاحظة أشياء أخرى.

اليوم التالى، طلب من الطلبة تذكر الأشياء التى رأوها، فأظهرت النتيجة ما أسميه التأثير الاعتلالى لالتقاط الصور: عندما التقط الطلبة الصور، تذكروا أشياء قليلة فى المجمل وتفاصيل أقل عن تلك الأشياء ومكانهم فى المتحف مقارنة بالأشياء التى كان عليهم فقط ملاحظتها، وهذا يتوافق مع الأبحاث الأخرى التى أظهرت أنه عند اعتمادنا على أجهزة خارجية مثل الكمبيوتر، فنحن فى الواقع نتذكر أقل.

 من خلال استعراض العالم عبر عدسات كاميراتنا، فنحن فى الواقع نقلل من فرصنا للحفاظ على ذكريات، ولست أقترح بالضرورة أن تتوقف عن التقاط الصور، منذ ولادة  حفيدى قبل  أربعة أشهر التقطنا ما يزيد عن 1000 صورة،  ما يوجه نفس الاتهام إلينا، ولكن بينما تضاعف سلوكنا في التقاط الصور السريعة، فإن مطالعتنا لتلك الصور صارت أقل.  .

المفتاح للتذكر هو إعادة رؤية ومشاركة صورنا، فالرجوع للنظر إلى صورة يساعد على تنشيط وتعزيز الذاكرة، جاعلاً الوصول إليها أسهل لاحقاً ومدرباً العقل لتذكر القصة وراء الصورة، للأسف نفس بحث “Shutterfly” وجد أنه على الرغم من إلتقاطنا صور أكثر من أى وقت مضى، فنحن نشارك القليل منها، وعلى الرغم أن 90% من الأشخاص الملتقطين للصور بانتظام يوافقون على أن الصور تصبح ذات معنى أكثر عندما تشارك قصصهم بشكل شخصى إلا أن أكثر من نصف الصور التى نلتقطها لا يتم حقاً مشاركتها، بالإضافة إلى أن أغلبية الأشخاص أفادوا بأنهم لم ينظروا مؤخراً لصور مر عليها عشرة أعوام أو أكثر.

وبينما ندخل على موسم الإجازات ووقت لذكريات تستحق الاحتفاظ بها، لا تأخذ فقط صورا بشكل عابر ولكن أعد رؤيتها، اسمح للصور بأن تكون أدلة قوية للذاكرة والقصص التي تحكيها،  سواء عن طريق فتح ألبوم صور أو تمرير صورة على هاتفك، شارك القصة مع أحبائك وستشكرك ذكرياتك.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى