سياسةمجتمع

كيف توقفت شرطة فيجاس عن إطلاق الرصاص؟

كوارتز: أصبحت معدلات استخدام القوة المفرطة من جانب الشرطة في لاس فيجاس أقل بكثير من السابق

كوارتز – دانيل هيرنانديز – ترجمة: محمد الصباغ

في إحدى ليالي يونيو 2010، طرق رجال شرطة لاس فيجاس باب منزل رجل يدعى تريفون كول،  الذي اعتقد رجال الشرطة أنهم يملكون مذكرة اعتقال بحقه بتهمة الاتجار في الماريجوانا، لم يجدوا أي رد من الداخل  فقرروا اقتحام الشقة وأسلحتهم معهم. وفقا للشرطة، كان كول يخفي الماريجوانا بالمرحاض، وقد اندفع  الرجل نحو الضابط – وهو الإدعاء الذي تناقض مع الأدلة المادية التي تم جمعها بعد استخدام القوة المميتة- فأطلقت النار عليه

قُتل كول على الرغم من كونه غير مسلح. ربما يكون عاما قياسيا بالنسبة لضباط الشرطة الذين تورطوا في إطلاق النار في لاس فيجاس، ومقتل كول كان من بين الوقائع العديدة التي نتج عنها نداءات لإصلاح ما بدا رغبة من الشرطة في الضغط على الزناد في مقابل أي استفزاز ولو بسيط.

وكما اتضح بعد ذلك، لم يكن تريفون كول هو الشخص المستهدف في تلك الليلة. كان الرجل الذي صدرت بحقه المذكرة لديه سجل إجرامي أكبر، وعمره مختلف ومواصفاته الجسدية أيضاً.

وفي حالة مشابهة بعد أشهر قليلة، قامت شرطة مترو بإطلاق النار على جندي سابق شارك في حرب الخليج، وكانت سيارته تشبه أخرى استخدمت في عملية سطو. كان الرجل يعاني من اضطراب نفسي ورفض مغادرة سيارته حتى بعدما أحاطت به الشرطة.

قد يعيد الخبراء كلا الحالتين السابقتين إلى ”ضعف التدريب، أو انعدام السياسات الواضحة، وعدم الرغبة في تأديب الضباط المتسببين في المشاكل،“ وفي سلسلة تحقيقات استقصائية من ستة أجزاء بعنوان ”القوة المميتة: عندما تطلق شرط فيجاس النار وتقتل,“ نشرتها جريدة لاس فيجاس.

والآن بعد 5 سنوات، يعتبر هذا القسم نموذجا لإصلاح الشرطة. بالرغم من زيادة العنف الموجه ضد الشرطة في فيجاس، كان عدد وقائع العنف المميت مع المشتبه بهم غير المسلحين تساوي صفر خلال عام 2014. كما انخفضت أعداد ضباط الشرطة المتورطين في إطلاق النار بشكل واضح أيضاً.

في الأشهر الاخيرة، قرر أعضاء من مركز شرطة نيويورك وبالتيمور، وأيضاً قوة إنفاذ القانون يوتا و ماساتشوستس وحتى أستراليا، زيارة شرطة لاس فيجاس من اجل دراسة وسائل التدريب والمحاسبة الجديدة.

وإليكم كيفية إيقاف شرطة لاس فيجاس لظاهرة القوة المفرطة.

المراقبة الفيدرالية

عندما نشرت صحيفة لاس فيجاس جورنال تقريرها حول تاريج جهاز شرطة المدينة مع العنف المفرط، كانت الإدانات تاتي من خبراء مستقلين قاموا بتحليل بيانات حول جهاز الشرطة بلاس فيجاس خلال عشرين عاماً، وتوصلوا إلى أن أغلب تلك الوقائع من القتل باستخدام القوة المفرطة كان يمكن تجنبها.

بعد ذلك بدأت وزارة العدل الأمريكية تحقيقها الخاص –مراجعة كاملة لثقافة القوات وتدريباتها والرقابة عليها- فيما بدا بأنه حالة اختبار لتدخل فيدرالي في سياسات قوات إنفاذ القانون المحلية.

شملت توصيات وزارة العدل أفكارا تعتبر الآن جزءا من الحوار الوطني الدائر حول الحد من ”استخدام القوة“ والإيذاء  بواسطة الشرطة. وترتبط طرق التدريب الجديدة بحوالي ثلث عدد التوصيات السابقة، وكان التقدم الأكبر من بينها في التحيز الطبقي وحيث تم مواجهة التصرفات النابعة وفقاً للعرق. فقد كان في السابق معظم حالات القتل باستخدام القوة المفرطة من جانب قوات الشرطة تكون مع ضحايا من الرجال ذوي البشرة السمراء.

دورات ”العدالة والنزاهة“

في تدريبات شهدت محاضرة لمدة أربعة ساعات، يدرس ضباط شرطة لاس فيجاس حالياً بواسطة متخصصين نفسيين يوضحون لهم أن جميع البشر عرضة للتحيز العرقي. تلك التصرفات تم زرعها بداخلنا عبر أفراد أو بواسطة خصائص ثقافية، أو عبر ما تصوره وسائل الإعلام لنا والتي أصبحت تتجه إلى التعميم وبالتالي يجب تجاهلها.

هذه الأحكام التلقائية ربما يكون لها بشكل واضح تأثير على قدرة الضباط على العمل بنزاهة وعدالة. ومع صعوبة إزالة ذلك، التحيز المتأصل يمكن التعامل معه من خلال تحديد الافتراضات السلبية وتعديل سلوك الأفراد وفقاً لذلك.

ووفقاً لحديث مات مكارثي، االمسؤول عن مراقبة شرطة لا فيجاس، مع كوارتز ”عندما تدرك أنك تمتلك تلك التحيزات، التي تكون تجاه أشخاص أو عرق أو نوع اجتماعي، وتشعر انك ستقوم بالتصرف وفقاً لهذا التحيز دون أي سبب مسبق، هنا يجب أن تضع نفسك تحت الفحص.“

تدريبات وفقاً للواقع الفعلي

غيرت شرطة لاس فيجاس من الطرق الرئيسية للتدريب: بدأت بالتركيز على عدم تصعيد الصراعات وتطوير سيناريوهات جديدة وفقاً لوقائع تم فيها استخدام القوة بالفعل. تلك التدريبات القائمة على واقع كانت أكثر تعقيداً وغموضاً من التدريبات المتوقعة على الأرض التي كانت تقوم بها الشرطة في الماضي.

تكون التدريبات في الأزقة، وأماكن انتظار السيارات، ووحدات سكنية، والتي قد يحدث فيها سطو محتمل سواء على سيارات أو غير ذلك وقد يدور بها اشتباكات مع مسلحين مطاردين. يتم إعادة خلق الحدث الذي وقع بالفعل وفقاً لسبب حدوثه الاصلي. ويقرر الضباط مدى احتياجهم لعدد من القوات. وبمجرد انتهائهم، يقوم ضابط التدريب بالحكم على قراراتهم. على سبيل المثال يقول ”كيف لم تضمن  للمشتبه به بأنك لن تطلق عليه النار حينما عبّر عن خوفه من قيامك بذلك؟ أو ”لماذا استخدمت سلاحك الجانبي بدلاً من الصاعق؟“

لذلك أفضل من السابق، يتعلم الآن رجال شرطة فيجاس كيفية التحدث من أجل تهدئة المواقف التي قد تصل إلى نقاط مأسوية.

كتبت وزارة العدل في تقريرها أن تدريبات شرطة فيجاس كانت بلا تناسق وتتم بتعجل من أجل إنهاء الأمر فقط، والإبقاء على الضباط في الشوارع. أما الآن، يقضي رجال الشرطة أوقات أكثر في فصول الدراسة والتدريبات على الأرض، حيث تقع العمليات الخطيرة.

الزيّ المزود بكاميرا

في عام 2013، كانت فيجاس أول مدينة كبرى يتم فيها تجربة نظام زرع كاميرات بملابس رجال الشرطة. أبدى بعض صناع القانون مخاوفهم من التكلفة الباهظة، وأن التكنولوجيا لم تثبت فاعليتها، وأن هذا التصوير هو انتهاك للخصوصية، وبالرغم من كل ذلك يعد هذا البرنامج أحد النجاحات.

تسببت تلك التكنولوجيا في فصل ضابط قام بالتعدي على إمرأة بالضرب كانت مشتبه بها كعاملة بالدعارة. (ألقت كوباً من القهوة جانباً في طريق الشرطي كتحد له.) في الماضي، كان من الممكن أن يكذب الشرطي حول ظروف القبض على السيدة، لكن بدلاً من ذلك أصبح اول شرطي في البلاد ينك اتهامه بسلوك مسجل أثناء ارتدائه لزي مزود بكاميرا.

كما تم تبرئة الشرطة في إحدى المرات أيضاً. فقد حاول أحد الضباط تهدئة حوار انفعالي قام أحد الرجال أطرافه بسحب سلاحه وأطلق النار. انتهى الأمر بإصابة رفيق الشرطي، ومقتل السائق. ومن خلال الكاميرا بزي الشرطي، تأكد العامة وعائلة الجاني والشرطة نفسها من أن القوة المميتة كانت مبررة تماماً.

ثقافة المحاسبة

لن تكون أي من تلك المبادرات مؤثرة بشكل كامل لو استمر الضباط في الإفلات من العقاب. وفقاً لصحيفة ريفيو جورنال، فقبل عملية إصلاح شرطة لاس فيجاس، تم تبرئة حوالي 97% من حالات استخدم فيها رجال الشرطة القوة المميتة.

منذ ذلك الوقت، أظهرت شرطة فيجاس استعدادها لعقاب، والفصل، وحتى محاكمة الضباط المخطئين. وقال مكارثي ”الطريقة التي ننتهجها الآن أصبحت تؤدي إلى المحاسبة أكثر من أي وقت مضى.“

سبق وأن وصف أهالي ضحايا الشرطة من قبل عمليات إطلاق النار بأنها عملية تخلص تقوم بها الشرطة. والآن هم متأكدون من أن مخاوفهم يتم التعامل معها بطريقة توضح لهم أساليب العقاب.

مع ذلك، مازال أمام شرطة فيجاس الكثير من التقدم قبل تحقيق كل الأهداف التي وضعتها وزارة العدل عام 2014. فقال تود ستوري، المدير التنفيذي للاتحاد الامريكي للحريات المدنية، إن جهاز الشرطة بفيجاس مثل الكثير من الأجهزة الأمريكية الاخرى، لا يتم تمثيل تنوع المدينة بشكل دقيق فيه. ففي مقاطعة كلارك هناك 30% من أصل لاتيني بينما يمثلون في قوى إنفاذ القانون 11%. وأضاف ستوري أن شرطة فيجاس يجب أن تستعين برجال شرطة يتحدثون الإسبانية، وأشخاص ذوي بشرات ملونة أكثر وخصوصاً في دوريات المناطق التي يعيش بها الإقليات. ومع ذلك مازل متفائلاً بان جهود الإصلاح في فيجاس ستنجح.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى