مجتمعمنوعات

كيف تهزم إغراءات الحياة؟

حيلة ذكية قد تساعدك على مقاومة كل الإغراءات.. من الطعام حتى الفساد في مجال الأعمال

Psychologytoday- سوزان كراوس وايتبورن

ترجمة دعاء جمال

الإغراء في كل مكان، من تورتة الشوكولاتة في قسم المخبوزات بالسوبرماركت، إلى احتمالية الارتباط أخيراً بجار أو زميل عمل تهتمين به منذ أعوام. تفكرين مع نفسك، “ما المشكلة في قطعة واحدة؟” أو في حالة الارتباط ( إذا افترضنا أنكما بالفعل في علاقة ملتزمة) “ما المشكلة إذا خرجت لاحتساء مشروب ولو لمرة واحدة؟”.

قد يدفعك الإغراء أحياناً للتصرف بطريقة تفسد إحساسك بالصواب والخطأ. وقد يفشل موظف مبيعات في تغريمك مبلغا كبيرا مقابل منتج مرتفع الثمن، أو يخطىء في الحساب ويعطيك مالا زائدا عن حقك خلال شرائك منه. هل ستشير لهذا الخطأ الذى حدث أم تضع المال الزائد في جيبك؟. الحصول على أموال إضافية بسبب خطأ شخص اخر قد لا يعد سرقة، لذا فإن مقاومة هذا الاغراء سيكون أمرا صعبا.

تميل دراسة الإغراء لمعرفة كيف يتصرف الناس بشكل غير أخلاقي عندما يرغبون حقاً في أن يكونوا أخلاقيين. العوامل الأقل دراسة كانت تلك التي قادت الناس لمقاومة الإغراء عندما يواجههم مباشرة. يؤمن أوليفر شيلدون، عالم النفس بجامعة روتجرز وأيليت فيشباتش من جامعة شيكاغو، أن الناس سيكونون أكثر شجاعة على مقاومة الإغراء إذا تمكنوا من رؤية الموقف بنظرة أبعد وأشمل، ورؤية ارتباط التصرف غير الأخلاقي في اللحظة الحالية بسلسلة من الأفعال المترابطة.

يخالف المنطق وراء سلسلة اختبارات شيلدون وفيشباتش، فلسفة علاجات مدمني الكحوليات التى تشجع الضحايا المحتملين للإغراء على أسلوب “يوم بيوم”. وبدلاً من ذلك، يعتقد الباحثان أن المهتمين بالحمية سيكونون أكثر قابلية لتناول قطعة حلوى واحدة مثلا إذا فكروا في الأمر باعتباره “مجرد قطعة حلوى واحدة”. لكنهم سيرفضون تناول قطعة الحلوى إذا أخذوا في الاعتبار أنها ستكون قطعة واحدة ضمن 20 قطعة أخرى قد ينتهي بهم الأمر وهم يستهلكونها على مدار الشهر. قد لا ترى الكثير من الضرر في قطعة حلوى، لكنك سترى الكثير من المشاكل إذا تصورت أنها ستقودك إلى تناول ما يقرب من دستتين من الحلوى.

كما أنهما يؤمنان بأن مقاومة الإغراء تتضمن رؤية الفعل غير الأخلاقي باعتباره انتهاكا لاحساسك بهويتك كشخص أمين. الشخص الأخلاقي حقاً قد يضل طريقه مرة، لكن ليس عدة مرات على مدار حياته.

توقع الإغراء في المستقبل طريقة جيدة لدعم المقاومة. وكما أشار المؤلفان في دراستهما “الأمر أقرب لشخص يستعد لرفع قطعة أثاث؛ سيظهر قوة أكبر إذا توقع هو أو هي أن يكون الأساس ثقيلاً، لذا، فتوقع الإغراء قد يؤدى لوضع الناس في حالة استعداد لتخطي تلك العقبات في سعيهم لهدفهم. مثلا مجرد تذكير بسيط  باقتراب إغراء ما يمكنه أن يؤدي لتنشيط الشخص للسيطرة على ذاته والتغلب على الإغراء”.

لاختبار هذه التكهنات، أجرى الفريق سلسلة من أربع دراسات مصممة بذكاء حيث تخيل المشاركون أنفسهم وهم يتعرضون لإغراء لدفعهم للتصرف بشكل غير أخلاقي. ثم اعطيت لهم الفرصة للاندماج بفعل غير أخلاقي فعلياً. في الدراسة الأولى، أعطى الباحثون التعليمات لطلبة كلية الأعمال لتذكر وقت في الماضي عندما ساعدهم تجاوز بعض القواعد بشكل لا يؤذي أحدا على تحقيق أهداف قصيرة الأمد. كان هذا ظرف “فترة التعرض لإغراء”. أما في ظرف “الحياد”، كتبوا عن فترة في حياتهم عندما كانت لديهم خطط بديلة. وكان الإغراء الذي ذكره الطلاب أكثر جدية، متضمناً رشوة صغيرة، والاختصار في العمل وانتهاك قواعد متعلقة بسياسات العمل. تباعاً لذلك، أعطى للمشاركين تمرين يعرضهم لإغراء الغش في مفاوضات خلال عملية بيع وشراء.. كما كان متوقعا، هؤلاء الذين استجابوا لإغراءات صغيرة في الماضي كانوا أقل قابلية للتجاوب مع إغراءات الغش في سيناريو البيع والشراء.

سعى بعدها فريق البحث لمعرفة دور “الترابط النفسي” في ميلنا للوقوع ضحية للإغراء.  الافتراض أنه كلما ترى نفسك تتصرف بطرق غير أخلاقية كجزء من نمط أكبر لنفسك، كلما يجب أن يكون من الأسهل مقاومة إغراء الفرصة للغش. فباستخدام سيناريوهات غش مختلفة، وجد فريق البحث أن المشاركين ممن هيئوا لتذكر وقت في الماضى قاموا بالغش فيه، ومن شعر بحس قوي بالتواصل مع ماضيهم  مع الوقت، في الواقع تجنبوا إغراء فرصة للغش.

أخيراً، استكشف الباحثون دور محدودية وتعدد الخيارات المتاحة في مسألة الاختيار. وطلب من المبحوثين أن يجيبوا في حالة محدودية الخيارات على سؤال عن حادثة غش وحيدة قاموا بها. بينما طلب منهم أن يجيبوا في حالة تعدد الخيارات عن حوادث غش أكثر في حياتهم.  تعدد الخيارات يشجع على التفكير في العدد الكبير من المناسبات التى حدث فيها الغش. في واحدة من تلك الدراسات، طلب من المشاركين أن يحددوا موقفهم هل سيتورطون في تصرف غير أخلاقي مثل سرقة تجهيزات المكتب إذا عرض عليهم الأمر لمرة واحدة أم إذا عرض عليهم الأمر لسبع مرات.  إذا كانت النظرية صحيحة، يصبح الأشخاص الذين أخبروا من قبل عن تصرفات غير أخلاقية أقل ميلا للدفاع عن السلوكيات غير الأخلاقية عند سؤالهم عن سيناريو أوسع.

تأكيداً للدراسات الأخرى، كان المشاركون أكثر احتمالاً لتجنب التصرف بشكل غير أخلاقي عند تقديم خيارات “القوسين الأوسع”. يبدو أنه يمكن تشجيع الأفراد على التصرف بطريقة مترابطة مع معاييرهم الأخلاقية عندما يأخذون نظرة أبعد بدلاً من رؤية كل خيار كحادثة منفصلة

إذا اردت مقاومة الإغراء، أفضل طريقة هي تذكر الأوقات في الماضي عندما استسلمت للإغراء، ولتنظر أمامك للأوقات في المستقبل عندما تقوم بذلك مجدداً. فحصت دراسة شيلدون وفيشباتش الغش في عالم الأعمال، لكنه من السهل استنتاج أنه للإغراء نواح أخرى أيضاً مثل علاقة تحاول الابتعاد عنها، أو لا تفكر بها كموعد لليلة واحدة. إذا كان طعاماً، كحوليات أو العلاج الغالي الذي تريد تجنبه، التفكير بطريقة “سأفعل ذلك فقط هذه المرة” قد يؤدي لسقوطك.

 تحقيق أهدافك يحتاج إلى أن تتبع الطريق الذي تشعر بأنه أخلاقي ومتوافق مع أخلاقياتك الخاصة. وستتمكن على الأرجح من القيام بذلك عندما تراه موصولا مع ما كنت في الماضي وما ستكونه في المستقبل.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى