سياسةمجتمع

كيف بدأت الـ “إف بي آي” التجسس على طلبة المدارس الأمريكية

كيف بدأت الـ “إف بي آي” التجسس على طلبة المدارس الأمريكية

fbi

 

http://www.salon.com/

SARAH LAZARE, ALTERNET

ترجمة فاطمة لطفي

في ظل توجيهات جديدة، طلب مكتب التحقيقات الفيدرالي، من  إدارات مدارس الثانوية   عبر الولايات المتحدة الأمريكية،  الإبلاغ عن الطلبة الذين ينتقدون سياسات الحكومة وما يعرف بـ ” بفساد الغرب” باعتبارهم إرهابيين محتملين في المستقبل. محذرين كذلك من   الأناركيين”الفوضويين” المتشددين واضعين إياهم على نفس القائمة مع  “داعش” الدولة الإسلامية، والفقراء من الشباب، والمهاجرون إلى دول “مشبوهة” تزيد من احتمال ارتكابهم أعمال عنف.

استنادا إلى “البرنامج البريطاني لمكافحة الإرهاب” الذي  لم يحظ بشعبية كبيرة، وبرنامج مراقبة الإعلام، فإن برنامج “إف ابي آي التوجيهي ” لمكافحة التطرف والعنف في المدارس” الذي صدر في يناير الماضي،  يتركز بشكل مؤكد على استهداف الجاليات الأمريكية الإسلامية، ومع ذلك تحاول الوكالة تجنب الوصم  بالتمييز وتوضح أن عوامل الخطر مبهمة وواسعة النطاق، حيث أن أي شاب قد يشكل خطرًا يستوجب الرقابة عليه، خاصة إذا كان من المهمشين إقتصاديًا وإجتماعيًا، أو صريح في إعلان آراءه السياسية.

يُستخدم إذن “الإرهاب” هذا التهديد الكبير لتبرير آليات الرقابة الهائلة، التي من خلالها تكون وظيفة المعلمين والطلبة ماهي إلا امتداد لما تقوم به “إف بي آي”  في المراقبة والإبلاغ عن بعضهم البعض.

وتستند مبررات المباحث الفيدرالية لهذا النوع من الرقابة  إلى نظريات مكارثية،  تتضمن مراقبة السُلطة لأفكار وسلوكيات من يشتبهون أنهم قد يمارسون أعمال عنف أو تخريب، حتى وإن لم يرتكب هؤلاء الأشخاص أي فعل غير مشروع،. هذا النموذج كان قد فقد مصداقيته كبرنامج للوقاية من العنف حتى من الحكومة الأمريكية،ورغم ذلك يتم إطلاقه الآن في المدارس باعتباره سياسة رسمية من مكتب التحقيقات الفيدرالي.

المدارس بؤرة للتطرف

يصف البرنامج الرقابي المدارس الثانوية كبؤرة للتطرف، حيث يكمن الخطر في كل ركن من أنحاء المدرسة، طلاب الثانوية  هم أهداف مثاليون للاستقطاب من المتشددين الذين يسعون لدعم أفكارهم الراديكالية، أو لشبكات المقاتلين الأجنبية، أو لتنفيذ أعمال عنف داخل حدود الدولة، وتدعي الوثيقة المتضمنة للبرنامج، أن لدى الشباب أخطار كامنة بداخلهم، وعلى ضوء هذا التهديد المزعوم تعطي “إف بي آي” التعليمات للمعلمين لإدراج تمرين في المناهج التعليمية لمدة ساعتين لزيادة الوعي “بالتطرف العنيف” لجميع الطلبة من سن التاسعة والثانية عشرة.

وحسب المواد التعليمية التي أقرها مكتب اف بي آي للشباب المراهقين، والتي يروج لها كمساعدات بصرية للبرنامج الرقابي الجديد، فإن ممارسة “الجرائم”  التالية علامات تشير إلى احتمالية أن الشخص الممارس لها قد يقوم بارتكاب أعمال عنف، وبالتالي يتوجب الإبلاغ عنه، هذه  التصرفات هي :” التحدث عن السفر إلى أماكن تثير الريبة والشكوك، استخدام شفرات أو لغة غير مستخدمة، استخدام أجهزة هواتف محمولة مختلفة أو تطبيقات رسائل سرية، بالإضافة إلى الدراسة أو التقاط  صور لأهداف محتمل تعرضها لأعمال عنف كالمباني الحكومية. ”

كما يندرج تحت فئة الإرهابيين،” الأناركيون المتطرفون”، وتشير اف بي اي إلى أن هذة الفئة تؤمن أن المجتمع يجب أن يكون بلا حكومة، أو قانون، أو شرطة، كما أنهم غير منظمين وليس لهم قيادة رئيسية. وتوضح كذلك أن الأناركيين عادة ما يستهدفون أشكال رموز الرأسمالية التي يؤمنون أنها سبب كل إشكاليات المجتمع، الشركات الكبيرة، الهيئات الحكومية، بالإضافة إلى جهاز الشرطة.

ويعامل بالمثل المتطرفون في مجال حقوق الحيوان والبيئة، جنبًا إلى جنب مع جماعات المتشددين لصالح” تفوق الرجل الأبيض”، مع إرهابيي داعش والقاعدة لتجنيد طلاب الثانوية العامة. وتحذر المواد التعليمية أيضًا التلاميذ للإحتياط من المواد الدعائية المتطرفة التي توجه انتقادات “لدول الغرب الفاسدة” و إعلان التشكيك بمصداقية الحكومة.

وتضيف مصادر في الفيدرالية” إذا شككت في سلوك معين قد يؤدي إلى أعمال عنف، تأكد من إبلاغ شخص تثق به”، والذين هم العاملون في مجال حماية القانون، كضباط الشرطة أو مكتب عملاء مكتب اف بي آي.

خطر الأرهاب لم يتوقف عند حد المدارس ، لكنه امتد إلى شبكة الإنترنت، حيث وصفتها اف بي أي ” بساحة اللعب” للمتطرفين. وحذرت الوكالة من أن الألعاب الإلكترونية تستخدم كوسيلة تواصل للتخطيط لأعمال عنف”. والتشفير، والذي يعرف ب “التخفي” يستخدم عادة لتسهيل “النقاشات حول التطرف”. لكن في حقيقة الأمر، يستخدم التشفير عمومًا للحماية من تجسس الحكومات، وغالبًا ما يستخدم لحماية المعاملات المالية.

 

الشبان المسلمون هم الأهداف الأساسية

قد لا يبدو واضحًا أن برنامج اف بي آي الجديد يُستخدم في الأساس لاستهداف الطلبة المسلمين. ويحذر البرنامج من مجموعات واسعة من التهديدات، يأتي ضمنها مجموعة” مكافحة الإجهاض”،والمتطرفين المؤمنون بتفوق الرجل الأبيض. ويضم البرنامج “رابطة الدفاع عن اليهود” جنبًا إلى جنب مع حزب الله، والقاعدة كخطر وشيك على الشباب في الولايات المتحدة.

ولكن القراءة المتأنية تكشف أن اف بي آي تقصد خطر الدولة الإسلامية دون تسمية ذلك. كما يتم التكرار أن الإختلافات الدينية والثقافية، ونقد الإمبرالية الغربية، هي خطر مستقبلي، يصرح البرنامج الرقابي أن بعض الأسر المهاجرة لا تتواجد بشكل كاف في حياة الأبناء تبعًا لظروف العمل مما يعزز لديهم التفكير النقدي.

صرح أرون كوندناني، مؤلف كتاب” المسلمون قادمون” والأستاذ في قسم دراسات الحرب على الإرهاب، والتطرف، والإسلاموفوبيا بجامعة نيويورك، أن البرنامج يهدف لتشجيع المدارس على مراقبة تلاميذها بحرص شديد وملاحظة علامات الراديكالية، ولكن مفهوم الراديكالية لديها مبهم.

وأضاف كوندناني ” عمليًا، ستنتهي هذه المدارس التي ستقوم بمراقبة تلاميذها  إلى مراقبة التلاميذ المسلمين” وأضاف كونداني لشبكة ألتر نت” المسلمون الذين سيحاولون الحصول على مواد سياسية أو دينية سيكونون دومًا موضع للشك، حتى وإن لم تتضمن هذه المواد أي احتمالية لممارسة الإرهاب.

يتأثر برنامج” مواجهة التطرف العنيف” CVE، الذي تعتمده إدارة الرئيس الأمريكي أوباما على نظيره البريطاني، و يرتكز تحديدًا على الجاليات الإسلامية، والذي أثار جدلًا واسعًا من البداية.

تم إطلاق برنامج ” مكافحة التطرف العنيف” عقب تفجيرات لندن عام 2005، ويعمل البرنامج على رصد ومراقبة الجاليات الإسلامية والأفراد، بالإضافة إلى مرتادي المساجد وأعضاء المنظمات الإجتماعية الذين لم يمارسوا أي جرم. تم وصفه في البداية  أنه استبدادي، كما انتقدته لجنة من المشرعين البريطانين عام 2010.

وتوسع الحظر منذ بدء دخول البرنامج حيز التنفيذ، وبحلول صيف 2015، أصبحت مدارس بريطانيا الحكومية مفوضة للإبلاغ عن التلاميذ الذين يظهر عليهم مبكرًا علامات التطرف. ووفقًا ل منظمة الدعوة GAGE”  فإن البرنامج أدى إلى استجواب واسع النطاق لأطفال دون موافقة الأباء. ومنذ نحو شهر حقق شرطي مع تلميذ من مقاطعة لوتن في المرحلة الثانوية بسبب إرتداءه زيا يحمل شارة ” الحرية لفلسطين”.

يعود إطلاق البرنامج في الولايات المتحدة على غرار نظيرها البريطاني لخمسة أعوام مضت. بعد توحيد مجموعة واسعة من الجهات الحكومية تضمنت مكتب التحقيقات الفيدرالي ووزارة الأمن الداخلي للتصدي للعنف الفكري في الوطن. في عام 2015، أعلن النائب العام، إريك هولدر، عن قمة CVE  في البيت الأبيض أثمرت ثلاث منشورات ” لبرنامج تجريبي” في ثلاث ولايات، بوسطن، ومينيابولس، ولوس أنجلوس. وتبعًا لمجلس العلاقات الأمريكية-الإسلامية فإن هذه المبادرات تستهدف المسلمين في هذه المدن.

كما أعربت الجاليات الإسلامية ونشطاء حقوق الإنسان في بيان عن قلقهم البالغ إزاء انتهاك الحقوق المدنية للمواطنين، جاء فيه ” الانتهاكات في العهد الماضي يجب أن تعلمنا أن نكون حذرين  تجاه ما تقوم به الحكومة من إعادة تعريف لسلطتها الأخلاقية والقانونية لحماية الأمن القومي. جاء هذا في بيان مما يقرب من خمسين منظمة إسلامية في مينابولس. وأضاف البيان” هذه  توصيتنا للحكومة للكف عن البرامج التي ستعمل على تقسيم وتهميش المجتمعات بشكل أكبر”

صرح ميشيل جيرمان، زميل في مركز برينان على برنامج تحقيق العدالة والأمن القومي. أن الفكرة الأساسية ل CVE  تقوم على نظرية ” الحزام الناقل”، ما يعني أن الفكرة المتطرفة تؤدي بالضرورة إلى العنف”، كما أضاف أن هذة البرامج تعود بنا إلى مراحل ماضية من نماذج التطرف، والتي كانت أهم مؤشراتها المظالم السياسية والممارسات على أساس ديني.

تستكمل الحكومة الأمريكية طريقها في تبني هذا النموذج رغم حقيقة اكتشاف عدم جدواه بعد سنوات من البحث العلمي، ومن وكالة تجسس بريطانية وودراسات أكاديمية مدعومة من وزارة الأمن الداخلي.

هناك أسباب كثيرة تستدعي القلق بشأن الفئة الأكثر عرضة لخطر تطبيق البرنامج الفيدرالي ، فيما يعرف شعبيًا ” خط أنانيب من المدرسة إلى السجن”، سيكون الأكثر عرضة هم التلاميذ ذوي البشرة الملونة، والتلاميذ من ذوي الإحتياجات الخاصة، والذين يعانون التأخر الدراسي بسبب البيئات غير الداعمة،  يتم إقصاءهم، وإيقافهم والقبض عليهم والزج بهم في سجون الأحداث أثر ممارستهم سلوكيات مخالفة مزعومة في المدرسة.

ما تقوم به وكالة اف بي آي للإبلاغ عن التلاميذ ليس بسبب جرم قد ارتكبوه، لكن بسبب عنف من المحتمل أن يمارسوه في المستقبل، لكن يبدو واضحًا أن هذا البرنامج يتم استخدامه للتجسس على شباب الجاليات الإسلامية، حيث تعمل الحكومة على تحويل منابر العلم إلى أماكن للمراقبة يقوم فيها المعلمون بالإبلاغ عن التلاميذ المشتبه بهم.

يقول  ميشيل جيرمان، زميل في مركز برينان على برنامج تحقيق العدالة والأمن القومي. أن الفكرة الأساسية ل CVE  تقوم على نظرية ” الحزام الناقل”، ما يعني أن الفكرة المتطرفة تؤدي بالضرورة إلى العنف”، كما أضاف أن هذ  البرامج تعود بنا إلى مراحل ماضية من نماذج التطرف، والتي كانت أهم مؤشراتها المظالم السياسية والممارسات على أساس ديني.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى