مجتمعمنوعات

كل ما تعتقد أنك تعرفه عن السعادة.. خاطىء!

كل شىء تعتقد أنك تعلمه بشأن السعادة، خاطىء!

Qz- جيس وايتلستون

ترجمة دعاء جمال

يعتبر كثيرون ان السعادة هى الهدف النهائي للحياة، لذا فهي تستحق أن نسعى ورائها قبل كل شىء. إذا سألتني قبل عدة أسابيع، كنت سأوافقك. إلا أنني مؤخراً، أفكر في أنواع الأخطاء التي نرتكبها عند السعي وراء السعادة. واتساءل إذا ما كانت أكبر الأخطاء على الإطلاق أن نعتبر السعادة هدفا يجب أن نسعى ورائه.

الخطأ الأول: عدم التفكير في معنى السعادة

ما نكرسه من تركيز على السعادة، نادرا ما نقدمه لمحاولة فهم معنى السعادة. في الواقع، هناك طرق متعددة قد نفسر بها “السعادة”.

أحد الفروق المهمة بين الأشكال المكثفة قصيرة المدى للسعادة، مثل التحمس والنشوة، والأشكال الأقل كثافة أن الأخرى ربما تكون أكثر ثباتاً، وهدوءً واطمئنانا. تلقي إطراء من شخص تحبه حقاً قد يعطيك شعوراً رائعاً لبضع ساعات، لكنه سيتبدد على الأرجح خلال يوم أو نحو ذلك. وعلى النقيض، نجد أن الشعور بأن لديك علاقات ذات معنى وداعمة في حياتك يمكنها أن تعطيك دفعة سعادة أدنى، لكنها أكثر استمرارية. في بحث مثير للاهتمام بمجلة “أبحاث المستهلكين”، فرّق الباحثون بين نوعين مختلفين من السعادة، الهادئة والمثيرة، ووجدوا أنه يتم اختبارهم بشكل مختلف اعتماداً على الإطار الزمني الذي كان يفكر فيه الشخص. عندما نركز على الحاضر، نكون أكثر قابلية للشعور بالسعادة في شكل الهدوء؛ عندما نكون مركزين على المستقبل، نكون أكثر ميلا للشعور بالإثارة.

ليس ضروريا أن تكون بعض أشكال السعادة أفضل من الأخرى، فللسعادة أشكال مختلفة، والسعي ورائها أيضا له معاني مختلفة. أشارت جينيفر هيكت في كتابها “أسطورة السعادة”، أن أنواع السعادة المختلفة نادراً ما تكون متناغمة مع بعضها. السعي وراء التجارب الإيجابية في الوقت الحالي قد يقودنا إلى إهمال الاشياء التي تؤدي لحالة الرضا طويلة المدى، مهملين الاصدقاء القدامى من أجل معارف جدد مثيرين أو التخلف عن العمل ليوم أو اثنين للذهاب للسينما.

لذلك، إذا كنا نريد أن أن نكون “سعداء” علينا التفكير بحرص في نوع السعادة التي نهدف لها والمقابل الذي نحن مستعدون للقيام به. إذا لم نفعل ذلك، فالسعي “للسعادة” هدف واسع قد يعنى أن ينتهي بك الأمر بالسعي وراء أشياء خاطئة.

الخطأ 2: البحث عن السعادة في الأماكن الخاطئة

هناك الكثير من الأمور في الحياة تعطينا دفعة مكثفة من السعادة قصيرة المدى: الحصول على ترقية، أو شراء سيارة جديدة أو قطعة ملابس، أو تلقي الثناء والشكر. عندما نجرب تلك الدفعة، نريد بطبيعة الحال المزيد منها لأن المشاعر الإيجابية المكثفة تدعمنا وتقوينا للغاية. ولأن رد الفعل يكون فوريا ومكثفا، المشاعر القوية التي نحظى بها خلال فترة عمل جاد ومرضية أو علاقة مع شخص عرفناه منذ فترة طويلة. قد تكون لدينا دواقع طبيعية للبحث عن الاشياء التي تمنحنا أشكالا مكثفة من السعادة. لا بأس في ذلك طالما أن فكرت وقررت أنها المقايضة التي ترغب فيها. لكن لأغلب الناس، لا أعتقد أن تلك هي الحالة.

من الطبيعي أيضاً أن تستشعر الجوانب الرئيسية لتحقيق السعادة في حياتك: مثلا مدى استمتاعك بمهنتك، وهل لديك علاقات مقربة وذات معني. لكن قد يكون هذا أكثر خطورة مما يبدو. تشير أبحاث علم النفس أننا نميل للمبالغة في تقدير التأثير طويل المدى لأكبر التغييرات المؤثرة على السعادة في حياتنا.  نحن جيدون بشكل مدهش في التكيف مع الأشياء الجديدة، سواء جيدة وسيئة، ثم نعود إلى المستوى الأساسي من السعادة. هذا لا يعني بأنك لن تكون أكثر سعادة إذا حصلت على وظيفة ملائمة لك بدلا من وظيفة تمقتها. لكن هذا يعني أن علينا الاحتراس وعدم وضع الكثير من آمالنا بالسعادة في تحقيق العلاقة المثالية أو الحصول على وظيفة مثالية. حتى إذا وجدنا تلك الاشياء، سنجد حتماً أشياء أكثر لنكون غير راضين عنها. الطبيعة المؤسفة للسعادة، أنها تشبه الطاحونة: هناك دائما المزيد من الأرض كي تغطيها.

الخطأ 3: تتمنى لو كانت الأمور مختلفة

هل كنت في اجتماع عمل من قبل وتمنيت لو كنت بمكان مختلف؟ أو تمنيت أن تبدو مختلفاً قليلاً أو عشت بمكان آخر أو أن مهارة عانيت معها جاءت أسهل؟

يمكن للسعي وراء السعادة أن يرتد عليك عندما تبدأ في الرغبة بتغيير الأمور التي لا تسيطر عليها. من السهل التفكير في طرق حيث ستكون أسعد إذا كانت الأمور مختلفة، وهذا بالأخص سبب كوننا غير راضين تماماً أبداً. بالنهاية، لا تكون الأشياء التي نعتقد أن سعادتنا تعتمد عليها تحت سيطرتنا بالكامل. لا نستطيع التحكم في حصولنا على وظيفة احلامنا. لا نستطيع السيطرة علي ما يعتقده بنا الآخرون. لا يمكننا التحكم في الطقس. يمكننا التأثير على بعض من تلك الأمور بأفعالنا، لكن أحياناً لا تسير الأمور وفق ما نريد، وليس هناك شيئاً كان يمكننا القيام به بشكل مختلف.

الرغبة في تغيير الأمور التي لا نسيطر عليها هى على الأرجح أفضل طريقة لتعيش حياة مليئة بالإحباط وعدم الرضا. وللأسف، يمكنها أن تكون نفس طريقة السعي وراء السعادة الذي تقود الناس لحالة من الإحباط بشأن الأمور حالياً.

الخطأ 4: الاعتقاد بضرورة أن نكون سعداء طوال الوقت

لأن هناك الكثير من الأشياء التي تؤثر على سعادتنا وليس لنا تأثير عليها، من المستحيل أن تكون سعيداً طوال الوقت. ستحدث أمور سيئة لك على مدار حياتك. أحد أحبائك سيمرض ويموت. ستمر بأيام ستشعر بها أن إنجاز كل ما عليك معاناة مستحيلة. ستختبر حصتك العادلة من المشاعر السلبية، وهذا لا بأس به. محاربة تلك المشاعر السلبية عندما تكون ملائمة، إخبار نفسك بأنه لا يجب ان تحزن عندما يحدث شيء سييء، أو معاقبة نفسك لشعورك بالتوتر عندما يكون لديك ساعتين للقيام بعمل أسبوعين، سيجعل الأمر أسوأ فقط.

من السهل أن تقع في فخ التفكير بأن على السعادة أن تكون دائماً الهدف . لكن أحياناً لا تكون السعادة هي أكثر المشاعر المفيدة لتحسها. أحياناً لا يمكننا الانتشاء، بغض النظر عن مدى جدية محاولتنا، والمحاولة تجعل الأمور أسوأ فقط. أحياناً يكون لا بأس بألا نكون سعداء.

الخطأ 5: السعي وراء تحقيق السعادة بأي شكل؟

بدلاًمن ان تسأل نفسك: ” كيف يمكنني أن أكون سعيداً؟” أعتقد بأننا سنكون بحال أفضل إذا سألنا أنفسنا:

1. ما الذي اهتم بشأنه في النهاية وأريد تحقيقه في حياتي؟

2. ما نوع الشخص الذي أريد أن أكونه؟

ثم فكر في كيفية تحقيق تلك الأهداف. عندما اسأل نفسي السؤال الأول، أدرك بأنني أهتم اكثر بأمرين: جعل العالم مكان أفضل بينما أقوم بعمل مرضي، وأن أحصل على علاقات مقربة وذات معنى مع الأشخاص الآخرين. وبطرح السؤال الثاني، وضعت لائحة من السمات والخصال والسلوكيات التي أريد زرعها: التعاطف، والعقل المتفتح، والامتنان والفضول. على عكس” أن أكون سعيداً”، تلك الأشياء أكثر تحديداً، فعلاً وفي حدود السيطرة.

والمثير للسخرية، أن ذلك بالأخص نوع الأشياء التي قد ينصح الباحثون بالتركيز عليها إذا رغبنا في السعادة: إيجاد عمل مرضي وعلاقات ذات معني، القيام بأشياء للآخرين وتقدير الاشياء الجيدة في حياتك. لكن الاختلاف هو أنني لا اقترح بأن نقوم بتلك الأشياء لأنها ستجعلنا سعداء. علينا أن نضع في الاعتبار الأشياء التي نهتم بها ومن نريد أن نصبح، ونترك هذا يرشد اختياراتنا وأفعالنا. السعادة ليست هدفا، إنها إشارة على أننا نعيش الحياة جيداً ووفقاً لما نهتم بشأنه. لكنها إشارة صاخبة، وأحياناً يكون من الصعب معرفة ما ينتجها. علينا أن نكون حذرين من عدم الاندماج في مطاردة الإشارة بحيث نفقد رؤية ما تريد إخبارنا به فعلياً.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى