ترجمات

في كندا.. السعوديون “في جنون”

صدمة ومشكلات للجالية السعودية في كندا بعد الأزمة بين البلدين


المصدر: The Independent

ترجمة: رنا ياسر

يواجه المواطنون السعوديون الذين يعيشون ويدرسون في كندا، كابوسًا لوجيستيًا بعد “إنهاء جميع العلاقات الكندية ومُطالباتهم بتقديم طلب للحصول على تذكرة للعودة إلى السعودية في خلال شهر واحد”، إذ فوجئ المجتمع الدبلوماسي في الرياض بإعلان السلطات السعودية طرد السفير الكندي بسبب انتقادات أوتاوا، العاصمة الاتحادية لكندا، لسجل المملكة في مجال حقوق الإنسان، وتمت متابعة هذه الخطوة بتجميد تجديد روابط التجارة والاستثمار وبيع الأصول الكندية، ومقاطعة القمع الكندي وإلغاء رحلات الخطوط الجوية السعودية إلى تورنتو.

وأثارت انتقادات كندا، التي تبدو كأنها اعتيادية لاعتقال اثنين من نشطاء حقوق الإنسان من السيدات في السعودية -في أثناء حملة قمع مستمرة- رد فعل المملكة، وأدى ذلك إلى خلاف دبلوماسي غير مسبوق بعد أن كررت كندا موقفها بشأن حقوق الإنسان.

وحسبما أشارت صحيفة “الإندبندنت” البريطانية، إلى أنه من غير المتوقع أن تكون للتدابير الجديدة تأثير مالي كبير، على اعتبار أن التجارة بين البلدين معتدلة، وفقًا لوكالة “بلومبيرج” الأمريكية، حيث قامت كندا بتصدير سلع بقيمة 1.37 مليار دولار كنديًا إلى المملكة العربية السعودية واستوردت 2.63 مليار دولار من البضائع في خلال عام 2017، التي شكلت 0.4% فقط من إجمالي التجارة الكندية خلال عام.

ورغم ذلك، يبدو أن أكثر المتضررين هم السعوديون أنفسهم، سواء الطلاب أو المرضى أو الأطباء المتدربين أو المقيمين في كندا، والذي انغمس مستقبلهم في حالة من الريبة وعدم اليقين.

وفي هذا الإطار قال أحد السعوديين المقيمين في مونتريال، وهي مدينة كندية وأكبر مدن مقاطعة كيبك لصحيفة “الإندبندنت”: “إنها صدمة بالفعل، الجميع أصابهم الجنون ولا يعرفون ما الذي يستوجب قيامهم به؟ تخيل أنك تدرس هنا لمدة 4 أو 5 أو 8 سنوات، وفجأة يخبرك أحدهم لا يمكنك البقاء هنا وعليك العودة إلى بلادك، فأنت تدُمر حياته”.

والجدير بالذكر أن ما لا يقل عن ألف متدرب سعودي يعمل في المستشفيات التعليمية الكندية، كجزء من برنامج تدريبي مُكثف منذ فترة طويلة، فقد تم منحهم مهلة حتى 31 أغسطس لمغادرة البلاد، وتبعًا لما أورده تقرير الصحيفة البريطانية فإن الاستعدادات أيضًا جارية لنقل المرضى السعوديين الذين يتلقون الرعاية في كندا إلى الولايات المتحدة.

“إن العديد من المتدربين الموجودين في كندا، كبار في السن، مقيمون عقب حصولهم على منح لدراسة الماجستير أو الدكتوراه وللحصول على خبرة في التخصصات الفرعية، إلا أنهم سيعودون إلى بلادهم والخسارة لديهم ستكون مؤسفة”، حسبما يقول نائب عميد كلية الطب في جامعة تورونتو الكندية، ويؤكد أن “هذا الخلاف الدبلوماسي سيؤثر على 216 طالبًا”.

ويقول تقرير “الإندبندنت” إن هناك نحو 8300 طالب سعودي في مجالات أخرى غير الطب، مُسجلين في الجامعات الكندية، وبأمر وزارة التعليم السعودي “بإنهاء علاقاتهم هناك”، فما عليهم سوى حجز تذكرة عودة حتى نهاية الشهر الجاري.

ومن خلال ذلك، يدرس البعض هناك تقديم طلب للحصول على اللجوء حتى لا يتخلى عن سنوات الدراسة وكذلك عن الحصول على الدرجات العلمية من الجامعات هناك، إلا أن محامي الهجرة حذروا من أن العملية طويلة وصعبة وستشمل التنازل عن تأشيرات الطلاب الحالية من أجل التأهل للحصول على وضع لاجئ على المدى القصير.

من ناحية أخرى، فإن الأزمة لها أصداء سلبية بالنسبة إلى السعوديين المقيمين في بلادهم، فإن الناشط السياسي عمر عبدالعزيز الزهراني، الذي تقدم بطلب للجوء حينما كان طالبًا في كندا لعام 2014، نشط على وسائل التواصل الاجتماعي خلال الفترة الأخيرة وأُجريت معه لقاءات مع مؤسسات إخبارية مختلفة منذ اندلاع الأزمة.

وصرح للصحيفة البريطانية بأن أخوته وأصدقاءه في الرياض تعرضوا للتهديد وسيتعرضون للاعتقال في حال استمراره في الحديث عن الأزمة، في الوقت الذي لم تُعلق فيه السلطات السعودية على التهديد الموجه لأسرته، قائلاً: “في عهد الملك عبدالله، كنت أنتقد النظام، وكنت أعارض العديد من السياسات، وواصلت ذلك حتى في عهد الملك سلمان، لكن لا أدري ما يحدث في الوقت الحالي، ولا أعرف إن كان أشقائي وأصدقائي سيكونون في أمان أم لا”.

ورغم أن ولي العهد السعودي الشاب، الأمير محمد بن سلمان، يتمتع بسمعة اندفاعية، يقول المحللون إن المملكة العربية السعودية ربما تجعل من موقفها من كندا رسالةً ومثالاً ليُوجه للمجتمع الدولي أجمع.

وينوه تقرير الصحيفة البريطانية أن الضغط الدولي لإنهاء الخلاف لا يُعتبر وشيكًا، فقد رفضت الولايات المتحدة -وهي أقرب أصدقاء كندا- إشراك نفسها في الخلافات الجارية، في حين دعا بيان من مكتب الخارجية البريطاني الجانبين لإظهار “ضبط النفس”.

وبعد مرور أسبوع، يبدو أن الشكل النهائي للنزاع استقر لكن لا يبدو أن المشاكل التي تواجه السعوديين في كندا ستنتهي في أي وقت قريب، والدليل على ذلك قوة مقاطعة السعودية لقطر منذ 2017.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى