إعلامسياسة

في الصورة الصحفية .. كل شيء مباح؟

 عندما يصبح الإنترنت مثل الغرب القديم المتوحش حيث ”كل شئ مباح“، يظهر هنا دور الصحفيين لتنقية كل ذلك المحتوي

love-letter-to-war-photographer-killed-in-syria-leaves-journalist-in-choked-silence

TIM FRANCIS – Ethical Journalism Network

ترجمة – محمد الصباغ

دائماً ما يكون اختيار الصورة مشكلة أخلاقية كبيرة للصحفيين، لكن مع الأسابيع السابقة أدى ظهور بعض الحالات المعقدة في بعض القضايا المهمة إلى انتقادات للإعلام من مجموعات متنوعة و معلقين.

و بصورة خاصة، التغطية الصحفية للقتل البشع للصحفيين جيمس فولي و ستيفان سوتلوف بالإضافة لموظف الإغاثة دافيد هاينز، تعرضت لإدانات حادة من معلقين على استخدام الصور و اللقطات من مقاطع الفيديو التي يتم بثها في التقارير. فبعضهم قام بأخذ مشهد لمكان الحادث قبل عملية الإعدام بلحظات و تم إبرازها في الصفحات الأولي حول العالم.

ظهرت في المشهد اثنتان من القضايا الأخلاقية: الأولي، مسئولية الإعلام عن إحداث التوازن بين رغبته في بث القصة الخبرية بوضوح و بصورة كاملة بقدر الإمكان،  مع التزامه بعدم الإضرار و إظهار الإنسانية تجاه ضحايا العنف. فإظهار وجوه الضحايا قبل قتلهم بثواني، يقول البعض، يعد  قمة الألم بالنسبة للمتابع.

القضية الثانية، أنه عند بث وسائل الإعلام للقطات من تلك  الأفلام التي تم إنتاجها بشكل جيد، فإنها  بذلك يمكن أن تساعد  الدعاية الإعلامية للإرهابيين، الذين قدّروا أن بأساليب المونتاج و الإنتاج الجيدة، سوف يحققون  تأثيرا  مضاعفا بإعادة نشر تسجيل الفيديو في جميع أنحاء العالم. وقد  ثبتت صحة ذلك. وسائل الإعلام التى استعملت الصور تم إغوائها بواسطة حملة دعائية وحشية  ودهاء المنظمة  الإرهابية.

و أوضح مقال من “استعراض الصحافة الأمريكية” سبب تعقيد هذه المسألة، و ذكّرنا بأن ”في هذه الحالة، تم تقديم هذا الفيديو لوسائل الإعلام و ليس هي من صنعه“، و كصحفيين، “هل نحن متواطئون لو سرنا في هذا الطريق؟“

و هذه الأسئلة أصبحت وثيقة الصلة بالموضوع مع استمرار تطور الأزمة في الشرق الأوسط، و عبر المشهد العام للصحافة، كيفية استخدامنا للصور أصبحت  سببا رئيسيا للتنافس مع التمدد الكبير للإنترنت و انتشار التعامل مع كاميرات الهواتف حتى في الدول الغير متطورة، و تسبب ذلك في طوفان من محتوى جديد انتشر على الفور في جميع أنحاء العالم.

أصبح المواطن العادي يستطيع الوصول لسيل من الصور و الفيديوهات، وكان ذلك لا يمكن تخيله منذ عشر سنوات، و ألقى ذلك بأنواع جديدة من التحديات الأخلاقية في مواجهة الصحفيين.

ليس فقط هذه الفيديوهات هي من لفتت الإنتباه، بعد إطلاق النار على مايكل براون من قوات الشرطة في فيرجسون، ظهرت انتقادات واضحة حول اختيارات صور براون المستخدمة في تقارير عن وفاته التي في وسائل الإعلام.

قام الآلاف من الأمريكيين السود بالتوجه إلى تويتر و وضعوا صوراً لأنفسهم و هم يظهرون بشكل ”الأسود النمطي  “ في هاشتاج #IfTheyGunnedMeDown.

كان المقصود من ذلك أن وسائل الإعلام اختارت الصور التي قد توحي بالتهديد و لم تختر الصور الأخري مثل التخرج من الجامعة أو حضور حفلات التخرج.

ظهرت أيضاً العديد من التساؤلات عقب انتشار الصور العارية و الواضحة على الإنترنت و ذلك بعد اختراق العشرات من هواتف المشاهير و حساباتهم الإلكترونية. اندفعت بعض مصادر الأخبار و نشرت الصور، لكن معظمهم فكر مرة أخري في الأمر عقب مواجهة ردود أفعال قوية.

عندما ظهر مقطع فيديو للاعب كرة القدم الأمريكية راي رايس و هو يعتدي على زوجته الحالية جاناي رايس بعنف، تم نشره على نطاق واسع من وسائل الإعلام، مما جعل ”ريبيكا لوتز“ مديرة تحرير جريدة تالاهاسي الديمقراطية ،والتي تعتبر نفسها ناجية من عنف شريكها، تقول بحسرة ”كان العنف نفسه صعباً بدرجة كافية على أن نشاهده، لكن رؤيتها عارية و ضعيفة و غير قادرة حتى على تغطية نفسها، سحقني. لقد كانت بلا حيلة في تلك اللحظة و رأى العالم كله ذلك.“

و في حالة حديثة، رد المحرر العام بنيويورك تايمز على الإنتقادات الموجهة له عقب نشر صوراً لضحايا العنف الجنسي في جمهورية الدومينكان.

عندما يكون الإنترنت مثل الغرب القديم المتوحش حيث ”كل شئ مباح“، يظهر هنا دور الصحفيين لتنقية كل ذلك المحتوي و التأكد من دقته و صلاحيته، و أيضاً تقديم خلفية مفيدة للقصة الخبرية لمساعدة المتلقي على فهم السياق الواسع لها.

يوجد ضوابط أخلاقية محددة لاستخدام الصورة الخبرية. و على سبيل المثال، ضوابط جمعية الصحفيين المحترفين، وفالصور يجب ألا تشوه الحقيقة أو تبسطها و دعت الجمعية الصحفيين ل”التعامل بحساسية شديدة عن إجراء المقابلات و استخدام الصور المتعلقة بالمتأثرين بالحزن أو المأساة.“ و تمتلك أيضاً جمعية أخبار الراديو التليفزيون الرقمي قائمة بالضوابط و الإرشادات المتعلقة بنشر المواد المصورة.

لكن، على الصحفيين بذل المزيد لتجنب نشر المواد الغير مرغوب فيها ولو بدون قصد، و التفكير بحرص في الرسائل بين السطور التى يمكن أن يتم إرسالها في المادة المنشورة و مدى تأثيرها على موضوعية القصة الخبرية.

يمكن أن توجد صعوبة  في عمل توازن أخلاقي بين تزويد القراء و المشاهدين بكل المعلومات المتاحة مع تجنب أن تكون منصة للنقد اللاذع و الصور العنيفة.

و كما تظهر القضايا الأخيرة، و تبدأ صناعة المعايير في التبلور حول هذه القضية، فهناك خطوط أخلاقية واضحة يجب أن ترسم و لا يجب تخطيها.

http://ethicaljournalismnetwork.org/

 هذه المقالة برعاية  شبكة الصحافة الأخلاقية ، وهي منظمة إعلامية  غير ربحية تدعو إلى الصحافة الأخلاقية والحكم الرشيد والتنظيم المستقل لوسائل الإعلام. تم إنشاؤها في عام 2011 في إطار حملة مهنية  لتعزيز مهنة الصحافة. يمكن قراءة النسخة الأصلية لهذه المقال بالإنجليزية  على هذا الرابط

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى