رياضةمنوعات

هافنجتون بوست: أنس المصري.. من ميادين الثورة إلى ملاعب السلة الأمريكية

انتقل أنس المصري إلى أمريكا في 2013 هربا من العنف في مصر وشارك في بطولة الجامعات لكرة السلة الأمريكية بجانب دراسته للهندسة

هافينجتون بوست – لوسي ماكلمونت – ترجمة: محمد الصباغ

قبل 7 ثوان من نهاية الشوط الأول في مباراة كرة السلة بين فريقي جامعتي لويفيل و ايوا الشمالية دخل إلى أرض الملعب أنس محمود، كانت مباراة في دوري كرة السلة للجامعات وتحديداً في جولته الثالثة يوم الأحد.

ساعد أنس زملائه في الفريق للحصول على نقاط  قبل أن يعود لاعبي الفريقين إلى غرف الملابس بين الشوطين. لاحقاً، مع تبقي أكثر من 90 ثانية على نهاية اللقاء، امتلك أنس زمام الملعب ونجح في تنفيذ رميتين حرتين على السلة وساعد فريقه في الفوز بنتيجة 66-53.

مازال أنس في مرحلة المراهقة ،19 عاماً، وأصبح جزء من تاريخ فريق الكاردينالز (اللقب الذي يطلق على فريق جامعة لويفيل) بعد صعود فريقه (من التصنيف الرابع) إلى دور الـ 16 في البطولة للموسم الرابع على التوالي. على العكس من زملائه، شهد أنس نوعاً مختلف من التاريخ، فقبل سنوات تعد على أصابع اليد الواحدة، كان يعيش في موطنه الأصلي القاهرة وسط الأجواء المضطربة التي أودت بحياة أحد أقاربه.

تحدث الشاب إلى ”هافينجتون بوست“ عن شعوره حين لعب في دوري الجامعات المعروف باسم “جنون مارس” لأول مرة، وذلك بعد أن شهد الاضطرابات التي طالت أنحاء مصر.

يقول أنس محمود عن التوترات في مصر حين غادرها عام 2013: ”كان العنف في كل مكان. لقد رأيت شخصين يطلق عليهما النار عدة مرات.. كان أمراً سيئاً“.

وقال أنس إنه لم يكن لاعب كرة سلة في البداية لأن طوله الفارع جاء لاحقا. وأضاف أنه مارس لعبتي كرة القدم والكرة الطائرة، وأمسك بكرة السلة وعمره 12 عاماً وعشق تلك الرياضة.

يقول: ”أخبرني أبي أنني أفضل في الكرة الطائرة. لكني قلت له أعشق كرة السلة أكثر“، وأضاف: ”أحب ديرك نوفيتسكي، وكيفن لوف وبالطبع كوبي براينت”.

لا تحتاج الكثير من الوقت كي تلاحظ موهبة أنس محمود. وعقب نجاحه مع المنتخبات المصرية وتحقيقه المركز الثاني مع المنتخب المصري في بطولة أفريقيا لكرة السلة عام 2013، قال إن الكثيرين تحدثوا معه عن اللعب في الولايات المتحدة.

ويقول: ”في البداية، لم أجد الأمر ممتعاً بالنسبة لي، فقد كنت مع عائلتي وأعيش حياة جيدة وكنت أفكر أكثر في الهندسة“.

وعن الوضع في مصر، تحدث أنس عن الأوضاع غير المستقرة التي ببلاده . فقد شهدت البلاد العنف والثورة في السنوات التي سبقت قدومه إلى الولايات المتحدة، وذلك بعد تنحي الرئيس الأسبق حسني مبارك عام 2011 وسط مظاهرات الربيع العربي. ووسط الأحداث، وجد شقيق أنس نفسه محتجزاً بين المتظاهرين والشرطة. يقول أنس: ”كان يحاول فقط العودة إلى المنزل، لكنه كان وحده وحقيقة لم يجد طريقاً للخروج“. ويضيف: ”كان موقفاً سيئاً، وكان علي أن أذهب لاحضاره. وأخبرني أبي ألا أذهب، فرددت بأني الوحيد الذي يمكن إخراجه لأني على علم بطريقة الخروج“.

عاد الشقيقان إلى منزلهما بأمان. لكن أنس قال إن الحذر والقلق كانا سمتين للحياة اليومية في ذلك الوقت. ولم يكن طول قامته ميزة في ذلك الوقت. وأضاف أنس ضاحكاً: ”والدي لم يكن يسمح لي بالذهاب إلى أي مكان لأنه يعلم بأني قد أتعرض للأذى، وكان ينصحني:”أنت طويل القامة وأول من سيبحثون عنه”.

في نهاية الأمر قرر أنس الذهاب إلى الولايات المتحدة الامريكية. وقال إنه اتخذ قراره بالانتقال لأنه سيكون هناك قادراً على لعب كرة السلة، وأيضاً سيحصل على تعليم جيد، ويمكن أن يستمر حتى يصبح مهندساً.

أطيح بالرئيس محمد مرسي في صيف 2013 عقب عام من بقائه في السلطة. وقاد ذلك لفترة أخرى من الإضطراب وعدم الاستقرار. وفي نهاية هذا العام غادر أنس ليلتحق بأكاديمية “ويست أوكس” بولاية فلوريدا حيث لعب بفريق كرة السلة. وقال إنه بمرور الوقت استقرت الأوضاع في مصر.

وبعد مرور أقل من عامين، أصبح أنس الآن في جامعة لويفيل حيث ينهي دراسته للهندسة، ويلعب في فريق الجامعة الأول لكرة السلة في دوري الجامعات. مازال أنس يتعلم كي يستطيع اللعب في المستويات المتقدمة من بطولات كرة السلة. وهو ليس نجم فريق الجامعة لكرة السلة، لكنه انهى أول موسم منتظم له بمعدل ثماني دقائق في كل مباراة ونقطة واحدة تقريباً. لكن مدربه بيتينيو صرح بأن مستواه في تقدم.

لم تستطع عائلة أنس زيارته منذ قدومه إلى الولايات المتحدة. وعاد هو إلى مصر مرة واحدة فقط في الصيف الماضي لحضور زفاف شقيقته. قال إن الأمر صعب على والدته لكنهم يتحدثون تقريباً بشكل يومي عبر برنامج ”فيس تايم“ مما جعا الأمر أسهل، وتستطيع عائلته مشاهدة المباريات على الإنترنت.

ويرى أنس أنه يستطيع أن يصنع الفارق بالرياضة، ويساعد في أن تصبح رياضة كرة السلة أكثر شعبية في مصر. وبدأ أنس بعائلته، فقال إن شقيقه الأصغر، 16 عاماً، يخطط للقدوم إلى الولايات المتحدة للدراسة بدء من المرحلة الثانوية. وباعتباره الأخ الأكبر يساعد أنس أخيه للبحث عن أفضل مكان للدراسة ويأمل في أن يبقيه قريباً منه بلويفيل بولاية كنتاكي.

يقول أنس إن شقيقه لاعب كرة سلة جيد وجسده أيضاً جيد، وأضاف: ”أعتقد أنه من الأفضل له أن يبقى قريباً مني خصوصاً في أول عامين له هنا“. وأكمل ضاحكاً: ”أنا أطول منه، لكنه مازال صغيراً“.

يبدو أن أنس لن يدخل في قائمة البطولة الوطنية لكرة السلة للمحترفين (NBA Draft ) هذا العام، واعترف بأنه يحتاج للمزيد من العمل و”أن تكون عضلاته و بنيته أقوى“.

ورغم أنه كان متردداً في القدوم إلى الولايات المتحدة، إلا أنه يحلم الآن باللعب في دوري المحترفين لكرة السلة الأمريكي (NBA) يوماً ما. ولو فعل ذلك، سيكون قد سار على درب لاعب “بورتلاند ترايل بلايزرز” علاء عبد النبي، المصري الوحيد الذي شارك في بطولة (NBA). وكان عبد النبي عكس أنس حيث عاش في الولايات المتحدة منذ أن كان عمره عامين.

وقبل مباراة الجمعة الماضية ضد الفريق الثامن بولاية نورث كارولينا، لا يفكر أنس في كرة السلة فقط. ويقول: ”أفكر كثيراً في عائلتي. وفي كوني هنا و كوني ناجحاً فيما أفعل، كيف سيؤثر ذلك على أسرتي؟“، وأضاف: ”كيف سيساعد ذلك أخي القادم هنا العام القادم؟ كيف يؤثر الأمر على عائليتي، وشقيقاتي، وأمي، وأبي؟ أفكر في ذلك أكثر من أي شئ آخر“.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى