سياسة

فورين بوليسي: مواقع التواصل تفيد “الديكتاتور” أكثر مما تساعد النشطاء

فورين بوليسي: كيف تضرك السوشيال ميديا وتساعد الأنظمة الديكتاتورية؟

إريكا تشينويث – فورين بوليسي

الجانب المظلم للسوشيال ميديا

ترجمة وإعداد: فاطمة لطفي

يعتقد الكثير من الناس أن وسائل الإعلام الإجتماعي (السوشيال ميديا) كانت نعمة للحركات السياسية والإجتماعية، ومن السهل فهم السبب وراء ذلك. حيث تزامن صعود فيسبوك وتويتر وغيرها من التنكنولوجيات منذ أواسط  العقد الأول من القرن الواحد والعشرين مع التزايد الهائل في الانتفاضات والثورات التي اندلعت في الفترة نفسها. وسواء كانت انتفاضات كما في  مصر وإيران، أو حركات سياسية، كان من المفترض أن تساعد السوشيال ميديا النشطاء على التقدم في ما يريدون تحقيقه.

وهناك بالتأكيد سبل كثيرة يمكن من خلالها أن تساعد هذه التكنولوجيا الجديدة النشطاء، حيث يمكن أن تخفض السوشيال ميديا تكلفة عمليات الاتصال الحيوية مثل” أين، كيف، ولماذا” لدى الاحتجاجات ذات الأعداد الضخمة، كما فعل تويتر خلال الثورة الأوكرانية في 2014 .

        لكن رغم هذا التفاؤل، الأمر ليس كذلك في الحقيقة.  صحيح أننا شهدنا الكثير من أحداث التعبئة الجماهيرية منذ صعود التواصل الرقمي أكثر مما كان من قبل.  لكن علينا ملاحظة أن الصعود المذهل للمقاومة السلمية جاء قبل ظهور الإنترنت. وفي الحقيقة، المقاومة السلمية أصبحت أقل نجاحًا مقارنة بالأوقات السابقة، قبل وجود الإنترنت.

وبينما نجح ما يقرب من 70% من حملات المقاومة المدنية في تسعينيات القرن الماضي، نجح فقط 30% منذ عام 2010، لماذا ذلك إذن؟.. يوجد أسباب قليلة محتملة لذلك

أولًا: وثقت العالمة السياسية أنيتا جوديز، أن أداء الحكومات يكون أفضل في التلاعب بالسوشيال ميديا أكثر منه بالنشطاء. كما أن الرقابة الحكومية والتجارية جعلت الخصوصية على الإنترنت شيئا من الماضي. على سبيل المثال، استطاعت الحكومة الروسية اختراق اتصالات النشطاء لتوقع ولتسحق حتى أصغر الاحتجاجات الناتجة عنها. لكن حتى هذه الممارسات شائعة في الديمقراطيات أيضًا. في الولايات المتحدة، برنامج وكالة الأمن القومي الأمريكية للتنصت ، أو تعاون ياهو مع الحكومة الأمريكية في جمع معلومات مستخدميها هو غالبًا مجرد بداية.

كما يشجع المناخ الرقمي اليوم الأشخاص على الإعلان بفخر عن معتقداتهم الدينية والإجتماعية والسياسية وهوياتهم الشخصية، البيانات التي من شأنها السماح  لأجهزة الأمن وقوات إنفاذ القانون باستهدافهم بسهولة.  بالتأكيد، هناك سبل يمكن للأفراد حماية خصوصيتهم بها، لكن قليل من هذه التكنولوجيات يمكن أن تصمد أمام خصم عاكف على ما يريد الوصول إليه.

ثانيًا:  تسبب تداخل السوشيال ميديا بين الحركات الشعبية في تدهور تجربة المشاركة. ربما يشارك ويبدى النشطاء اهتمامًا بقضية لبعض الوقت، لكن يفشلون غالبًا في الاستغراق  كاملًا في المقاومة. لأن بناء ثقة في جماعات معارضة أو مهمشة يستغرق وقتًا وجهدًا وتفاعل على فترة طويلة. الاشتراك في نشاط رقمي يمكن أن يمنحك انطباعا أنك تقوم بشيء فارق، لكن صناعة تغيير حقيقي يتطلب تفانيا أكبر وتضحيات.

ثالثًا: يمكن أن تمكن السوشيال ميديا الحكومات أو المنظمات المسلحة من تهديد أو تنظيم أعمال عنف موجهة ضد نشطاء بعينهم.  مثلما حدث على سبيل المثال، خلال  الثورة الليبية عام 2011، حيث سيطرت حكومة القذافي على شبكة الهواتف المحمولة للبلاد، وأرسلت رسائل نصية أمرت الناس فيها بالعودة إلى العمل. كان هذا تحذيرا مخيف يبين أن الحكومة تراقب المواطنين، وعدم الرضوخ لما يطلبونه منهم سيكون له تبعات. هذا بالإضافة إلى قول علماء سياسيون أن التوافر الكبير للهواتف المحمولة في أفريقيا ارتبط بتزايد وتيرة العنف.

هذا ينتهي بنا إلى عيب هام أخير: التضليل والمعلومات الخاطئة تتنشر بشكل أسرع على السوشيال ميديا من المعلومات الموثوقة. الأمر الذي يزيد من حدة التضليل، بسبب ميل الناس إلى اختيار مصادر أخبار تؤكد على معتقداتهم الموجودة سالفًا.

وأخيرًا: جدت دراسة لكورت ويلاند أجريت على ثورات 1848 أن المنشقين والمعارضين تعلموا من الدروس الخاطئة من ثورات الأمس لعقود.  لكن وسائل التواصل الاجتماعي (السوشيال ميديا) أثارت هذه المعضلة عبر تشجيع انتشار منشورات مبسطة في 140 حرف بدلًا من الدراسة والتحليل المنهجي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى