سياسة

!فورين بوليسي: “حليف القاعدة” يصنع السلام في سوريا ؟

فورين بوليسي: أحرار الشام طرف في الحوار السياسي وجبهة النصرة أمامها فرصة لو فكّت ارتباطها بالقاعدة

فورين بوليسي – كولوم لينتش – جون هادسون – ترجمة: محمد الصباغ

ربما يتوقف نجاح محادثات السلام السورية على إذا ما كانت مجموعة المعارضة الإسلامية التي حاربت مع تنظيم القاعدة، سوف يسمح لها بالاشتراك في الجولة القادمة من المحادثات، ومن المحتمل أن تلعب دوراً في الحكومة الجديدة، بعدما بدأوا حملة يصورون فيها أنفسهم كملشيا معتدلة.

وجهت السعودية الدعوة لأحرار الشام، مع أكثر من 90 آخرين من ممثلي المعارضة السورية، إلى الرياض الأسبوع المقبل في محاولة لتوحيد الرسالة قبل محادثات القوى الكبرى المقرر لها يوم 18 ديسمبر في نيويورك، وفقاً لدبلوماسيين بالأمم المتحدة مطلعين على التطورات.

لكن روسيا من جانب آخر تريد وضع جماعة أحرار الشام إلى قائمة المنظمات الإرهابية التي يجب استبعادها من محادثات السلام، وكانت المجموعة قد قامت ببعض من أشرس عمليات المقاومة ضد الرئيس السوري بشار الأسد.

يعتبر مجلس الأمن كلاً من تنظيم الدولة الإسلامية وجبهة النصرة –الموالية لتنظيم القاعدة- جماعات إرهابية. لم تصل الولايات المتحدة إلى درجة منع أحرار الشام من المشاركة في محادثات السلام، لكنها صرّحت بقلقها من علاقاتة التنظيم بالقاعدة في سوريا.

تعرف جماعة أحرار الشام أيضاً بالحركة الإسلامية لأحرار سوريا، تكونت في أواخر 2011 من سجناء سياسيين سابقين لقتال النظام الأسدي. وتعد من بين أكثر المجموعات المعارضة للأسد قوة وغير مدرجة بقائمة المجموعات الإرهابية. عبر السنوات، انضم مقاتلو المجموعة إلى الجيش السوري الحر المدعوم من أمريكا، وجبهة النصرة، والعناصر الأخرى المعارضة للأسد، وتقوم تركيا مع قطر بتمويلها.

في مقال نشر بواشنطن بوست والتليجراف اللندنية بداية هذا العام، نفى المتحدث الإعلامي لأحرار الشام،لبيب النحاس، تماشيهم مع أيدلوجية تنظيم القاعدة المتطرفة. وبدا أنه يصور أحرار الشام كلاعب رئيسي في المعارضة السورية.

وفي نفس التوقيت، بدأت المجموعة تحالفاً باسم جيش الفتح، بجانب مقاتلين من جبهة النصرة وكتائب إسلامية متطرفة أخرى تسعى لإسقاط النظام السوري.

قال جوشوا لانديس، مدير مركز دراسات الشرق الأوسط بجامعة أوكلاهاما ”هم على علاقة قوية جداً بالنصرة.“

في الواقع، بداية هذا العام بدت النجاحات كبيرة لهذا التحالف –استولى على معاقل استراتيجية وحيوية في إدلب على أطراف حلب- مما دفع إيران إلى زيادة دعمها العسكري للأسد. كما مهدت مسرح الأحداث أما تدخل روسي في سوريا من أجل تفادي انهيار الحكومة.

أبدت الولايات المتحدة في السابق قلقها من علاقات أحرار الشام بجبهة النصرة. لكنها لم تصنف رسمياً المجموعة كمنظمة إرهابية، تاركة الباب مفتوحاً أمام إمكانية التعاون معها بالمستقبل. وحالياً، تبدو واشنطن على استعداد كبير لاستكشاف إمكانية لعب أحرار الشام لدور –طالما دعمت الجهود الدولية من أجل حلاً سياسياً مع الحكومة السورية، وفقاً لدبلوماسيين مطلعين على العملية الجارية.

قال أحد المسؤولين والقريب من العملية الدبلوماسية ”يقول الأمريكيون إن أي شخص يوقع إتفاقية وقف إطلاق النار سيتم رفع اسمع من قوائم الإرهاب…. والعكس لو قررت عدم التوقيع.“

ورفض مسؤول بالخارجية ،بشرط عدم الإعلان عن هويته، تحديد الموقف الأمريكي من أحرار الشام لكنه قال إن الولايات المتحدة كانت ”مدركة بأن الكثير من العمل مازال أمامها للوصول لتسوية في تلك القضية.“

يعد تصنيف المجموعات في سوريا إلى إرهابية وعضو شرعي في الحكومة المعارضة للنظام السوري، هدف رئيسي للمجتمع الدلي من أجل إنهاء الحرب الأهلية المستمرة منذ قرابة 5 سنوات وتسببت في مقتل أكثر من ربع مليون سوري، وتغذي التطرف.

قال مسؤول غربي لفورين بوليسي ”تعريف روسيا للإرهابي هو في الغالب تعريفنا لمقاتل معارض معتدل.“ وأضاف ”هجماتهم الجوية في الإلب تستهدفهم، بدلاً من تنظيم الدولة- بعيداً عن المستشفيات والمدارس والمدنيين.“

نفست روسيا بشكل متكرر تلك المزاعم.

بينما هناك توافق واسع حول استبعاد تنظيم الدولة الإسلامية من محادثات السلام، إلا أن القوى الدولية الرئيسية –أمريكا، وروسيا، وتركيا، وإيران والسعودية- تباينت آرائهم بشكل كبير حول المجموعات التي سيشملها الحوار. وعلى سبيل المثال، طالبت قطر جبهة النصرة بفك ارتباطها بتنظيم القاعدة من أجل أمل بإعطائها دور في الانتقال السياسي.

في النهاية يبدو أن الولايات المتحدة قررت أن تمسك بالعصا من المنتصف فيما يخص أحرار الشام: فبينما ترفض دعم المجموعة الإسلامية، فواشنطن أيضاً لن تمنع مشاركتها في محادثات السلام المدعومة من الغرب. وقال مسؤول غربي إن القضية قد يتم حلّها لو لعبت الجماعة المسلحة بالاوراق التي تمتلكها بالشكل الصحيح.

وأضاف ”نحن لا ننظر إلى أحرار الشام كأمر شائك، لو التزمت المجموعة بالعملية السياسية والمفاوضات الساعية إلى انتقال سياسي، هنا لن يتم استبعادها. ولن يتم استهدافها بشكل مشروع.“

من الممنتظر أن تجرى محادثات الرياض في الفترة بين 8 إلى 11 ديسمبر، ومن المتوقع أن يجلس أغلب المجموعات المتباينة والمعارضة للنظام السوري على نفس الطاولة. سيشمل الحوار الإئتلاف الوطني السوري المعوم من أمريكا، والجيش السوري الحر، وأيضاً لجنة التنسيق الوطنية لقوى التغير الديمقراطي المدعومة من روسيا. بالإضافة إلى أن تنظيم جيش الإسلام سيكون حاضراً ،وهو التحالف الذي تدعمه السعودية والمتكون من أكثر من 40 كتيبة سلفية وإسلامية وتكون في سبتمبر 2013 من أجل تكثيف الحرب ضد الأسد.

وقال نجيب الغضبان، ممثل الإئتلاف السوري في الولايات المتحدة، إن اجتماع الرياض سيشهد أكبر تجمع لقوى المعارضة السورية منذ بداية الحرب. يأمل أن تقود المحادثات إلى خلق ”موقف موحد“ للمعارضة السورية حول عملية الانتقال الديمقراطي وتشكيل قائمة ربما من حوالي عشرين مرشح من أجل تمثيل المجموعة الواسعة. كما عبر عن دعمه ايضاً لمشاركة أحرار الشام في الاجتماع.

وأضاف، بينما ”لا نمتلك تأكيد بنسبة 100% بأنهم سوف سينأون بأنفسهم بعيداً عن تنظيم القاعدة ويصبحون جماعة معتدلة، لكن نأمل أن يكونوا، وسنعطيهم الفرصة.“ وأكدا ”هم يحاربون النظام، هم قوة معترف بقوتها على الأرض، وهم سوريون.“

يتواصل مبعوثي أمريكا وبريطانيا يومياً مع السعوديون والأعضاء الآخرين من التحالف ضد تنظيم الدولة، من أجل مناقشة قضية تمثيل المعارضة السورية. لكن الرياض تتصدر المشهد فيما يخص توحيد المعارضة السورية.

وأكد دبلوماسي بريطاني ”تحدث السعوديون قبل ذلك عن رغبتهم في لعب دور في القضية، والآن الأمر قد حدث.“

يأتي الصراع الدبلوماسي قبل أسابيع من لقاء القوى الكبرى الرئيسية (الولايات التحدة – روسيا- إيران- السعودية) في نيويورك من أجل عقد الجولة الثالثة من المحادثات الدبلوماسية الرفيعة التي بدأت في فيينا بداية هذا العام، والتي ستنتهي في نهاية المطاف بانتخابات رئاسية في سوريا. إلى الآن، تم استبعاد الحكومة السورية وقوى المعارضة من محادثات القوى الكبرى.

ومن جانب آخر، ندد نائب وزير الخارجية الإيراني للشئون العربية والإفريقية، حسين أمير عبد اللهيان، بسعي السعودية نحو توحيد مجموعات المعارضة، وقال إن اجتماعات الأسبوع المقبل في الرياض ”سوف تنحرف بالمساعي السياسية في فيينا حول سوريا عن مسارها الطبيعي وستقود محادثات فيينا نحو الفشل.“

أظهرت محادثات القوى العظمى في فيينا العديد من نقاط الخلاف في جولتيها الاولى والثانية. ومن المسائل المعقدة هو أن القوى الرئيسية في المنطقة قاموا بضخ نفوذ مالي وعسكري إلى مجموعة من الكتائب المتنافسة في سوريا، حيث قطر وتركيا والسعودية يدعمون كتائب إسلامية مختلفة.

وزاد التوتر الحالي بين أنقرة وموسكو من التعقيدات، وذلك في أعقاب إسقاط تركيا لطائرة روسية على الحدود السورية التركية. يزعم أن الطائرات الروسية كانت تقدم الدعم للمقاتلين الأكراد، في تحد لمخاوف أنقرة ومعارضتها للطموحات الكردية في حكم مستقل. موسكو ليست القوة الدولية الوحيدة التي تدعم المقاتلين الأكراد: فرغبة في الاستيلاء على مناطق بشمال سوريا من قبضة تنظيم الدولة، تقوم الولايات المتحدة بدعم الجناح العسكري لحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي، الذي يستوحي تحركاته من عبدالله أوجلان، مؤسس حزب العمال الكردستاني والسجين حالياً. وتعتبر واشنطن وتركيا حزب العمال الكردستاني جماعة إرهابية.

ومع اقتراب الاجتماعات الدبلوماسية، أعطت تركيا للسعودية قائمة بأفراد تعتبرهم أنقرة غير مرغوب فيهم، من بينهم زعيم أحد المجمهوات الكردية الإنفصالية. وحتى يوم الجمعة، لم يتسلم زعيم حزب الاتحاد الديمقراطي ،سالم مسلم، دعوة لمحادثات الرياض.

لكن تواصل الولايات المتحدة الضغط على أنقرة من أجل إعادة التفكير في الأمر أو إرسال دعوة لممثل آخر عن حزب ”مسلم“ السياسي في سوريا. من اليوم الأول كانت تركيا صريحة وواضحة في معارضتها لحزب الاتحاد الديمقراطي، وقال أحد الدبلوماسيين المطلعين ”لكن الولايات المتحدة قادت بعض النقاشات القوية مع الأتراك حول الأمر. ولم تكن مرضية.“

يعد الأكراد أكبر إقلية عرقية في سوريا –حوالي 10% من تعداد سكان السنة الواسع في البلاد قبل الحرب الذي وصل إلى 23 مليون نسمة. وكانت الولايات المتحدة والثوى الغربية الأخرى قد قالوا إن قائمة ممثلي المعارضة يجب أن تسع بقدر الإمكان لتشمل كل السوريين- من بينهم السنة والأكراد، والدروز والمسيحيين والعلويين أيضاً.

وقال المسؤول الغربي ”خيمة كبيرة، هو الوصف الجيد للأمر. لا يجب أن يكون الغرب هو من يحدد ذلك. يمكن تمثيل المعارضة السورية بمختلف أنواعها وخلفياتها. الهدف هو التيسير ومساعدتهم على التوحد سوياً من أجل تمثيل سوريا الحرة في المفاوضات.“

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى