سياسة

فورين بوليسي: السعودية ربما استخدمت قنابل عنقودية ضد المدنيين في اليمن

فورين بوليسي: شكوك حول استخدام السعودية قنابل عنقودية في اليمن.. وواشنطن ستتحرك


فورين بوليسي- JOHN HUDSON 

ترجمة: فاطمة لطفي

أسفرت الغارات الجوية ضمن الحرب التي شنتها الرياض على اليمن عن مقتل وإصابة مئات المدنيين. وأخيرًا، ستحاول واشنطن وقف هذه المذبحة.

قال مسؤولون أمريكيون لـ”فورين بوليسي” إن البيت الأبيض أوقف بهدوء توريد القنابل العنقودية إلى السعودية بعد شعوره بالإحباط جراء تزايد عدد القتلى في أثناء استمرار حليفها السني في حربه الدموية على المتمردين الشيعة في اليمن.

هذه هي الخطوة الأولى الملموسة من جانب الولايات المتحدة لإظهار قلقها حيال حملة القصف التي تشنها السعودية والتي قال عنها نشطاء في حقوق الإنسان إنها قتلت المئات من المدنيين اليمنيين، بينهم العديد من الأطفال.

جاءت هذه الخطوة بعد تصاعد الانتقادات من مشرعي القوانين لدعم أمريكا للأنظمة الملكية الغنية بالنفط في صراعتها خلال الفترة الأخيرة. باعت واشنطن أسلحة ووفرت تدريبا لهذه الدول، كما دعمت تزويد قوات التحالف التي تقودها السعودية بالوقود في حربها على اليمن، كما أنها أيضًا باعت للرياض قنابل عنقودية بملايين الدولارات في السنوات الأخيرة.

وبالسؤال عن وقف توريد شحنات القنابل العنقودية، نقلت الصحيفة عن مسؤول أمريكي رفيع المستوى تقارير تفيد بأن قوات التحالف التي تقودها السعودية قد استخدمت قنابل عنقودية في مناطق يُزعم تواجد مدنيين بها أو كانوا قريبين منها.

قال المسؤول الذي رفض ذكر اسمه: “نأخذ هذه المخاوف على محمل الجد ونبحث عن معلومات أكثر بهذا الشأن”.

ويسري هذا التحفظ على القنابل العنقودية “CBU-105” التي تصنعها شركة تيكسترون بالولايات المتحدة. وأشارت منظمتا العفو الدولية وهيومن رايتس واتش إلى أن القوات التي تقودها السعودية ألقت قنابل “CBU- 105” على مناطق متعددة من اليمن، منها منطقة العمار، وسنحان وعمران، وميناء الحيمة.

تحتوي القنابل العنقودية على قنابل صغيرة تتناثر على نطاق واسع وتقتل أو تجرح دون تمييز. أحيانًا تفشل القنابل الصغيرة في أن تنفجر في الحال ويمكنها أن تقتل مدنيين بعد شهور أو حتى سنوات لاحقًا. تم حظر الأسلحة في عام 2008 في معاهدة دولية، ورفضت الولايات المتحدة وروسيا التوقيع.

واستجابةً لمخاوف إنسانية، قلّصت الولايات المتحدة تصديرها للقنابل العنقودية وطالبت بتغييرات مثل منع هذه القنابل التي تحوي نسبة كبيرة من القنابل التي لا تنفجر وقت الارتطام في الحال. ويحظر قانون الولايات المتحدة لعام 2009 تصدير القنابل العنقودية التي قد تفشل في الانفجار بنسبة 1%. وتقول أيضًا إن الأسلحة لا يجب أن تستخدم في أماكن بها مدنيون، وأن تستخدم فقط ضد أهداف عسكرية واضحة.

وتوصف قنبلة CBU-105 بأنها صمامات تفجير استشعارية لتوافق مطلب أن تنفجر بنسبة 1%، لكن في فبراير الماضي قدمت هيومن رايتس واتش دليلا على أن الأسلحة تستخدم في هجومين في اليمن، وكان معدل الفشل قد تجاوز 1%، وقال ستيف جوس، مدير إدارة الأسلحة في هيومن رايتس واتش: “تثير الأدلة تساؤلات خطيرة عن الامتثال لسياسة القنابل العنقودية وسيطرة الخبراء”.

ووفقًا لسكان محليين وطاقم طبي أجرت معهم هيومن رايتش ووتش مقابلة، وثقت المجموعة هجومًا على ميناء الحيمة في اليمن تسبب في جرح امرأة وطفلين أثناء تواجدهم في منزلهم. وأصيب اثنان مدنيان في هجوم بقنابل CBU-0105 بالقرب من قرية “العمار”.

كانت إدارة أوباما قد أصدرت عدة تصريحات تعرب فيها عن قلقها حيال أعمال العنف في اليمن، لكن لم تعلن رسميًا أي تخفيض في الدعم العسكري والتكْتِيكِيّ لقوات التحالف. وقال مسؤول أمريكي إن اتفاقية واشنطن مع الرياض تلزم المملكة بإجراء تحقيق في مقتل مدنيين في صراعها مع اليمن.

وقال المسؤول الأمريكي: “تعهدت السعودية بإجراء تحقيقات لتقييم الاستهداف العسكري، وضمان حماية المدنيين، والتحقيق في حوادث إصابة مدنيين خلال الصراع مع اليمن”. وأضاف أن هذه خطوة حيوية نحو حماية أرواح المدنيين ولتجنب أي إضرار بالمدنيين في المستقبل.

وفي حين أشاد بقرار وقف تصدير القنابل العنقودية إلى الرياض، قالت جماعات لحقوق الإنسان لفورين بوليسي إن هذا القرار ليس كافيًا.

قال سانجيف بيري، مدير الدعوة لمنظمة العفو الدولية: “أي خطوة تتخذها الولايات المتحدة لإنهاء إنتاج وبيع ذخائر القنابل العنقودية هي شيء جيد، لكن لا يزال هناك الكثير ينبغي فعله بهذا الشأن”. وأضاف أنه دفع منظمته -دون جدوى- لمحاولة منع بيع 1.3 بلايين دولار من القنابل للرياض، والتي كانت قد أقرتها الولايات المتحدة في نوفمبر.

ما زال غير واضح إذا ما كان قرار إدارة أوباما بوقف بيع القنابل سيؤثر على شحنة القنابل العنقودية التي تستعد لشحنها إلى السعودية. أو أنها فقط متعلقة بما سيحدث في المستقبل. أبرمت الولايات المتحدة عقدا لتصنيع وتوريد 1300 وحدة من CBU-105 للسعودية في عام 2013. استغرقت الشحنة الأخيرة أعوامًا لتكتمل، لكن رفض مسؤولون أمريكيون أكثر من مرة توضيح إذا كان إذا ما تم تسليم الشحنة النهائية.

وقال ماثيو كولبتس، المتحدث الرسمي لشركة تكسترون: “الشركة لا تعلق على مواعيد التسليم مع عملائها”.

كما لم تستجب السفارة السعودية في واشنطن لمحاولة إبداء أي تعليق من جانبها.

منذ مارس 2015، عندما أطلقت السعودية حملتها العسكرية ضد المتمردين الحوثيين في اليمن، قُتل ما لا يقل عن 6.200 شخص وشُرد نحو ثلاثة ملايين. غالبًا ما يظهر الصراع على أنه معركة بالوكالة بين السعودية، التي تدعم الحكومة اليمنية في المنفى، وإيران، التي تدعم بشكل ما الحوثيين، والذين هم جزء من الطائفة الشيعية. ورغم تأكيد عمال الإغاثة على الوضع الإنساني الأليم في اليمن. وتشديد خبراء مكافحة الإرهاب على أن استمرار القتال والفوضى يسمح لتنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية بتعزيز مكانتها في البلاد.

ورغم أن الصراع في عامه الثاني فإنه البداية لمشرعي القوانين في الولايات المتحدة ليتشككوا في ما يجري.

وافقت لجنة الخدمات المسلحة على مشروع قانون يدافع عن الإنفاق المقترح لإنشاء صندوق مال رئيسي من أجل الإسراع في توريد القنابل للشركاء وقوات التحالف.

وعلى الرغم من أن القانون لا يحدد أي حلفاء أخذهم المشرعين بعين الإعتبار فإن جماعات حقوق الإنسان وعلى الأقل عضو واحد بمجلس الشيوخ أبدت قلقها حول أن التوريد قد يستخدم لتسهيل إيصال شحنات الذخائر إلى السعودية.

اقترح السيناتور كريس مورفي، في تصريح صدر عن مكتبه، اقتراح إجراء تعديل يوم الخميس حيث إن التوريد قد يمكن السعودية من توسيع حملتها الجوية لتزايد قتل المدنيين.

وأوضح المتحدث الرسمي للسيناتور قلقه حول أن الحكم الوارد في مشروع قانون الدفاع قد يسهل تورط الولايات المتحدة.

كما تقدم مورفين باقتراح آخر، جنبًا إلى جنب مع السيناتور الجمهوري راند بول عن ولاية كنتاكي، لفرض شروط صارمة على أي بيع في المستقبل للقنابل إلى السعودية. سيتطلب الاقتراح تصديق رئيس الولايات المتحدة على أن الحكومة السعودية تستهداف جماعات إرهابية. والعمل على تقليل إصابة المدنيين، وتمكين إيصال المساعدات الإنسانية قبل أن ينظر الكونجرس في بيع أو إيصال الذخائر الجوية أو البرية.

وأكد مورفي في تصريح له: “السعودية شريك هام، لكن الولايات المتحدة تحتاج أن تميّز متى تخالف أفعال السعودية الصديقة مصالحنا الوطنية.”

وأضاف مورفي: “ليس هناك دليل على أن حملة السعودية على اليمن، التي تدعمها الولايات المتحدة توافق مصالحنا أو تجعلنا أكثر أمنًا، في الحقيقة، الحرب الأهلية في اليمن تطيل أمد المعاناة الإنسانية وتصب في صالح الجماعات الإرهابية التي تعمل ضد الولايات المتحدة”.

وتحاول الولايات المتحدة التوصل لاتفاق بين الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا، والمتمردين الحوثيين.

وبعد سلسلة من التأجيلات، قال مبعوث الأمم المتحدة التابع لليمن، إسماعيل ولد الشيخ أحمد إن محادثات السلام في طريقها للانعقاد في مدينة الكويت بعد توقفها الأسبوع الماضي.

وقال أحمد إن كلا الجانبين أبدى استعداده أن يعقد محادثات للوصول إلى حل، رغم بذله وعودا مماثلة في الماضي أيضًا.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى