سياسة

فاينانشيال تايمز: تقديس السيسي يُخجل عبد الناصر

 فاينانشيال تايمز: القبضة الأمنية هي الأشد في مصر منذ 1952EGYPT-TOURISM

ديفيد جاردنر – فاينانشيال تايمز

ترجمة – محمود مصطفى

بعد أربعة أعوام من إحراق بائع الفاكهة التونسي  الشاب نفسه، وإشعاله سلسلة من الثورات ضد الأنظمة الاستبدادية المتحجرة في شمال أفريقيا والشرق الأوسط. فشل ما عرف بالربيع العربي في كل مكان ما عدا تونس.

في مصر حيث خلبت انتفاضة ميدان التحرير في 2011 ألباب العالم، تبدو الثورة المضادة كما لو أنها استعادت النظام القديم.

الأمر أصبح درامياً بداية الأسبوع الجاري عندما أسقطت محكمة مصرية تهم القتل الموجهة إلى حسني مبارك، الذي أُسقط بعد 30 عاماً كرئيس في 2011، وابنيه وأحد شركائهم التجاريين.

وتمت تبرئة معظم قادة أمن مبارك من موت حوالي 900 شخص في الثورة، وقد يبدو أن “الدولة العميقة” ورأسمالية المحاسيب اللتان ميزتا النصف الثاني من حكمه تعودان للمشهد بكامل طاقتهما.

الدعوى ضد مبارك ومعاونيه، التي أقيمت بإملاء من الجيش في محاولة لاسترضاء الحشود التي أسقطت مبارك، ملأتها الأخطاء الإجرائية بالثغرات.

إلا أن المشكلة الحقيقية التي تواجهها مصر هي عودة الدولة الأمنية، في وجود القضاء كأحد أذرعها، ولكنها الآن في القبضة القوية للجيش الذي حصّن امتيازاته ووسع إمبراطوريته الإقتصادية ونظم دستورياً هيمنته السياسية.

بعد عام ونصف من الانقلاب الذي أطاح بحكومة الإخوان المسلمين المنتخبة ديمقراطيا،  وما ترتب عليه من  تنصيب عبد الفتاح السيسي، قائد الجيش السابق، رئيساً في انتخابات جرت هذا العام، فإن التلاعب بالقانون ليس العلامة الوحيدة على عودة النظام القديم.

قُتل حوالي 1400 متظاهر، معظمهم من الإسلاميين، في الشوارع خلال العام الماضي، قيادات التنظيمات الشبابية الليبرالية واليسارية التي قادت ثورة التحرير، وكثير منهم نزل إلى الشوارع مرة أخرى الصيف قبل الماضي ليحثوا الجنرالات على التحرك ضد الحكومة الإسلامية  التيصممت على الإستحواذ على المؤسسات المصرية، انضموا إلى الإخوان في زنازين النظام العائد.

لم ينه الانقلاب الجدل المحتدم، بالرغم من حملة اصطياد تهدف لإسكات الأصوات المستقلة وخنق الإعلام المعارض إضافة إلى هالة التقديس حول المشير السابق السيسي،  التي قد تخجل جمال عبد الناصر نفسه، جبار مصر الحديثة، الذي تقارن حاشية السيسي رئيسها به.

وفقاً لقرار أصدره السيسي في أكتوبر، تحت ذريعة الحرب على الإرهاب، تمددت سلطات المحاكم العسكرية ضد المعارضين أكثر من أي وقت مضى منذ وصل الجيش إلى السلطة في مصر عام 1952. وقالت سارة لي ويتسون مديرة قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بمنظمة هيومان رايتس ووتش إن “هذا القانون يمثل مسماراً آخر في نعش العدالة في مصر” وأضافت “يمكن للكثير من المدنيين المشاركين في المظاهرات الآن أن يتوقعوا مواجهة محاكمة أمام قضاة بزيّ موحد يخضعون لأوامر قادتهم العسكريين.”

السيسي أكد يوم الأحد على أن “مصر تتطلع نحو المستقبل ولا يمكن أن تعود أبدا للوراء”، لكن حتى الآن فإن حكمه في بعض المناحي أسوأ من عهد مبارك. تواجه مصر بالفعل تهديداً إرهابياً من جهاديي أنصار بيت المقدس الناشطين في المناطق غير المحكومة من سيناء وينفذون عمليات من آن لآخر داخل القاهرة وأعلنوا الآن أنهم ولاية سيناء التابعة للدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش).

وليس من المثير للعجب أن الكثير من المصريين يعتقدون أن جنرالاتهم فقط يقفون حائلاً بينهم وبين الرايات السود للجهاديين.

لكن قرار نظام السيسي بحظر إسلاميي التيار السائد من جماعة الإخوان المسلمين يقدم المزيد من الغلال لطاحونة الجهاديين. انهار الإخوان بعد عام في السلطة كرسوه لاستيلاء طائفي على السلطة، إلا أنهم ربحوا خمسة انتخابات متتالية،  وكثير ممن صوتوا لهم قد يقتنعون  بحجة داعش بأن الجهاد هو الطريق الوحيد للمضي قدماً.

ما تم استعادته حقاً في مصر هم الأبطال التقليديون للدراما العربية: الفرسان يحاربون ضد المتطرفين المعممين.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى