اقتصادسياسة

“فوربس: قناة السويس “إنجاز عظيم على أرض هشة

فوربس: المشروع يقدم مصر إلى العالم كدولة تسير في الاتجاه الصحيح

فوربس – كريس رايت  – ترجمة: محمد الصباغ

 

حدث شيء  غريب في مصر هذه الأيام، لقد أنجز هدف قبل موعده المحدد.

لا يعني ذلك أن هذا شيء يدعو للفخر كما قد يبدو الأمر، فالمصريون أنفسهم مستاؤون من نمط الحياة في السنوات الأخيرة والذي يشهد خطوة إلى الأمام وخطوتان إلى الخلف.  قال لي أحد  المصريين في القاهرة الشهر الماضي ”نملك دائماً تاريخاً رائعاً في مصر. تكمن المشكلة في الحاضر.“ إذاً فكيف تم إنجاز امتداد قناة السويس يتم ا في ثلث الوقت المتوقع؟

إنه حدث جيد اقتصادياً بشكل واضح. ويؤمن المسؤولون عن القناة بأن التوسعة الجديدة ستزيد من أرقام السفن التي تعبر يومياً من 49 إلى 97 بحلول عام 2023، ويعني ذلك زيادة دخل القناة إلى 13,2 مليار دولار عام 2023 بدلاً من 5،3 مليار حالياً. وكل ذلك تم تنفيذه في مدة تقل عامين عن  الفترة التي كانت متوقعة .

تم تمويل المشروع الذي كلف 8 مليار دولار  بالأساس من خلال شهادات الاستثمار، كما أظهر المشروع السيولة النقدية المتوفرة في مصر. (بالرغم من أن البعض كان يفضل أن يتم استغلال تلك الأموال على نطاق أوسع وليس في قناة السويس فقط.)

كما يتلائم أيضاً مع الشعور بأنه بالرغم من السنوات الصعبة التي مرت بمصر إلا أن الأمور تسير للأمام. كان ذهابي إلى هناك الشهر الماضي أمراً مشجعاً، فمع بعض التحفظات. هناك شعور بأن الاستقرار قد عاد وأن البيئة التي  يمكن من خلالها  للأمور أن تتحرك، موجودة،  فالمشاريع تنمو، والبنوك يمكن أن تقرض، والناس يمكنها الشعور بالأمل.

وتنشر  حواري هذا الشهر مع هشام عز العرب، المدير التنفيذي للبنك التجاري الدولي، أكبر البنوك الخاصة في مصر. كان شاهداً على كل ما حدث في السنوات الاخيرة من منصبه، و لديه ايمان راسخ بأن الدولة تخرج من فترة التقلبات بشكل جيد.  ويقول ”تخطينا الأسوأ بكثير.“ كما أن البنك الذي يديره نتائجه في تحسن كبير: فبين الأعوام المالية 2013 و 2014، ارتفع رأس المال السوقي بنسبة 52,31%، والأرباح دون احتساب الضرائب بنسبة 32,56%، كما زادت الأصول الإجمالية بنسبة 26،43%.

ويدعم النظرة الإيجابية دلائل عملية من الخارج. فمع بداية هذا العام ارتفع تصنيف مصر وفقاً لموديز إلى ، وكان ذلك أول ارتفاع للتصنيف الاقتصادي المصري بعد الانخفاض 6 درجات تزامناً مع الثورة. واستمرت مصر في النمو بمعدل 2,7% سنوياً منذ عام 2010 إلى 2014 بالرغم من الاضطرابات الحادثة، ويعود ذلك جزئياً إلى وجود اقتصاد سوق سوداء في مصر (لا يمكن احصائه) لم يتباطأ أبداً على ما يبدو. وذكرت وكالة موديز للتصنيف الإئتماني بداية العام إن توقعات النمو في السوق كانت 4،5% لسنة 2015 المالية و 5% لسنة 2016، بالرغم من وجود قلق مستمر من ضغوط التضخم، واحتياطي النقد الأجنبي والعجز المالي وأيضاً نسبة الدين الحكومة إلى الناتج العام المحلي.

كما يوجد قلق أكبر بشأن الأمن، وهناك سبب جيد للقلق. فأظهرت الهجمات في تونس المجاورة أن تنظيم الدولة الإسلامية والجماعات الأخرى المماثلة له (يشمل ذلك بعض الجماعات الموجودة في مصر وخصوصاً ف شمال سيناء)، قوية جداً في شمال إفريقيا، وتتخذ تلك المجموعات من وجهات السياح الغربيين أهدافاً. قامت مصر بعمل جيد في إبقاء شرم الشيخ آمنة، وأمكن فعل ذلك لأن المدينة تقع في عمق شبه جزيرة سيناء، وبالتالي يمكن حمايتها، لكن أي شخص يزور الأهرامات أو المتحف البريطاني (تصحيح: المتحف المصري -المحرر) في القاهرة، وخصوصاً في الأماكن البعيدة في الجنوب كالأقصر وأسوان يقوم بذلك خائفاً.

في النهاية، يجب أن نتذكر أنه في تلك البيئة بعد الثورة، فالحكومة في مصر ليست  تلك التي تم انتخابها. تم الإطاحة بحكومة الإخوان المسلمين المنتخبة بواسطة الحكومة الحالية في انقلاب عسكري. وصدرت أحكام متنوعة ضد شخصيات بارزة في الإخوان المسلمين منها أحكام بالإعدام. لو أراد أحد أن يصنع بيئة  يجذب الإسلام الراديكالي عبرها المحرومين من الناس، فستكون هي البيئة الحالية بمصر.

هي حقيقة غير مستقرة، فحكومة السيسي تنمي الاقتصاد المصري بالرغم من عدم ديمقراطيتها بنفس طريقة حكومة مبارك التي أطاحت الثورة بها في المقام الأول. من يعملون في مصر يرون أن حرية الصحافة أكثر تقييداً الآن مما كانت عليه سابقاً، كما حدث في احتجاز صحفيي الجزيرة في عملية قانونية هزلية.

وبالتالي، فالآملون في مستقبل أكثر إشراقاً لمصر يمكن أن يكونوا على حق، وتنفيذ مشروع توسعة قناة السويس هو انجاز عظيم سيساعد مصر في تقديم نفسها إلى المسرح العالمي كدولة تسير في الاتجاه الصحيح. لكن لا يمكننا نسيان أن الاستقرار الحالي هو استقرار هش.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى