منوعات

عن الاستيقاظ في منتصف الليل

هل تستيقظ في منتصف الليل؟

ed

سيكولوجي توداي – جينيفر هوبت – ترجمة: محمد الصباغ

هل تعاني من الأرق؟ ربما يرتبط الأمر بالضوء.

ناقش كلارك ستراند هذا السؤال في كتابه الجديد ” Waking Up to the Dark: Ancient Wisdom for a Sleepless Age“. ويقول إن النوم هو إدمان متكامل، ويوضح: ”لا يجعلنا فقط نشعر بالنشوة من خلال زيادة الاندروفين في الجسم، بل يستهدف الخلايا المستقبلة للضوء، و يسبب تغيرات أكثر من ذلك بكثير. الضوء هو المحول الرئيسي لكل عمليات انتاج الهرمونات في الجسم“.

والتالي حوار مع ستراند موضحاً الكثير حول الأمر.

جينيفر هوبت: ما هو حجم مشكلة إدمان الضوء؟

كلارك ستراند: الكائن البشري يستهلك الكربوهيدرات مرة كل موسم. البداية أحياناً من منتصف الصيف، يجب أن يتغذى على السكريات النباتية استعداداً لفصل الشتاء، الذي خلاله تكون تلك الأطعمة نادرة جداً. والمرأة على وجه الخصوص قد تكتسي ببعض الدهون الكافية خلال فترة الحمل، والتي كانت في العصر الحجري القديم تبدأ في آخر الصيف. سبب ذلك كان كل ما تستطيع أن تأكله من الكربوهيدرات كان في أكثر ساعات الضوء. كان الناس يحبون البنية الجسدية ذات الدهون التي تسببها الكربوهيدرات و كانت متاحة في ذلك الوقت من العام.

ومع التوصل إلى النيران منذ مليون عام، بدأ أجدادنا في الانتقال حسب التطور إلى الصيد والجمع. أخذ الأمر حوالي مليون عام من التطور للوصول إلى الزراعة، التي سمحت لهم باستهلاك الكربوهيدرات في أي وقت في العام. وتسبب ذلك في زيادة عدد المواليد من الجنس البشري الذي استطاع الحياة والتواصل ثم اختراع المدن والثقافة.

الآن نعيش في حالة من الجوع والاحتياج للطعام، والجنس، وأيضاً لجميع أنواع المنبهات، لأن أجسامنا اقتنعت بأن كل يوم في العام هو أغسطس (أكثر الشهور حرارة) و لا يوجد سبيل لتغير هذا الإقتناع. يمكن للعقل أن يصرخ: ”أبطئ قليلاً، هذا شهر مارس، لا تأكل كثيراً“, وبأعلى صوت ممكن ولا يعني ذلك شيئاً لأن الجسد يستجيب بشكل مباشر إلى الضوء. الجسد يعرف من خلال الخلايا المستقبلة للضوء بأن هذا وقت الأكل والتزاوج وكأنه لن يأتي يوم آخر يمكنك فيه أن تمرر جيناتك إلى الجيل القادم. لا يمكن لأحد أن يناقش الجسد في هذا الأمر طالما نشعل الأنوار عندما تظلم بالخارج. في نهاية المطاف، الجسد هو بيت القصيد.

جينيفر هوبت: كتبت أن الناس يمكن أن تنظر إلى فكرة الاستيقاظ ليلاً من النوم وكأنها أمر طبيعي ويستغلون هذا الوقت بدلاً من النظر إليها كتقلبات في النوم أو أرق. هل تستيقظ يومياً خلال النوم؟

ستراند: إذا ذهبت للنوم في وقت متأخر، سأنام غالباً دون تقطع. بينما أستيقظ عادة بعد أربعة ساعات من النوم، تبعاً لهذا ”النمط البدائي من النوم“ الذي اكتشفه الدكتور توماي وير خلال دراسته في التسعينيات. كنت كذلك على مدار حياتي. أعتقد أنني خارج عن السرب في هذا الأمر في هذه الأيام. منذ طفولتي، اعتدت على الاستيقاظ في منتصف الليل و التجول بالخارج، والتأمل، والصلاة أو أحياناً فقط أجلس في شرفتنا الخلفية و أعطي الفرصة لعقلي لتفقد النجوم.

بعض الأشخاص مروا بتجربة السير وسط الظلام وواجهوا عقبة القلق والخوف، لكن كان ينظر إلى ذلك على أنها مباركة ليلية وذلك قبل اختراع الضوء الصناعي. هذه الرهبة التي لا تهدأ يشعر بها الكثير في منتصف الليل هو نتاج لتطويل النهار صناعياً هذه الأيام، و كمية الكهرباء التي نستخدمها في المعلومات والإعلان والأخبار وبالطبع الضوء.

في غياب الإضاءة الصناعية، يبدأ العقل البشري بشكل طبيعي في الهدوء بعد الغروب، ثم يبقى هادئاً وسالماً خلال ساعات الظلام في الليل. وبعد أربعة ساعات تقريباً، ومن خلال خدعة بسيطة في علم أحياء الثديات، يدخل الضوء إلى رؤوسنا و نستيقظ لحوالي ساعتين. لكنه ليس ضوءاً صناعياً أو حتى ظاهرياً. هو ضوء داخلي أنعم من ضوء الشمعة. لا يأتي قوياً ولا يهيمن على وعينا كما يفعل المصباح الكهربائي.

جينيفر هوبت: ماذا تعلمت من خلال استكشافك للظلام؟

ستراند: في كلمة واحدة؟ كل شئ. تعلمت ما يجعلني سعيداً، وما هي القيمة الحقيقية للعالم. كما عرفت الفارق بين الرغبة العميقة في قلبي وتلك الرغبات التي تصنعها الثقافات لأغراض معينة والتي لا يمكن تحقيقها. والأكثر أهمية أنني تعلمت أنني لست وحيداً.

كما قلت في كتابي، في الظلام نستعيد بساطتنا، وسعادتنا وارتباطنا، لأن في الظلام نتذكر أرواحنا. وعندما يحدث ذلك، نعرف ما هي الحياة. وأخيراً، نتعلم كيف نعيش.

كلارك ستراند هو مؤلف العديد من الكتب ويكتب في “واشنطن بوست” و”نيوزويك”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى