ثقافة و فنسياسة

عنايت وشندلر الإيراني .. مسلمون أنقذوا اليهود من النازي

 

قصص مسلمين ساعدوا في إنقاذ  آلاف  اليهود من بطش النازي.

 noorstampnoorstamp

مايكل وولف – واشنطن بوست

ترجمة – دعاء جمال ومحمود مصطفى

عاشت نور عنايت خان حياة غير اعتيادية. ولدت “عنايت” عام “1914” لوالد هندى، صوفى لسلالة من النبلاء، وأم أمريكية وكانت الأخت غير الشقيقة لـ “بيرى بيكر”، الذى ينسب له دائما الفضل في إدخال اليوغا لأمريكا.

فى طفولتها، هربت مع والديها من فوضى موسكو الثورية بواسطة عربة مملوكة لإبن “توليستوى”. تربت فى باريس بقصر يعج بتلاميذ ومحبى والدها، وأصبحت “عنايت” عازفة هارب موهوبة، ترتدى الملابس الغربية، وتخرجت من جامعة “السوربون” ونشرت كتاب قصص للاطفال، وكل ذلك قبل أن تكمل ال25 عاما.

بعد عام، سنة 1940، احتل الألمان مدينة “باريس” وهربت عنايت ووالدتها وأخ وأخت يصغرونها سنا مثلما فعل الملايين. وبعد أن لحقوا بأخر مركب من “بوردو” إلى “انجلترا”، حيث انضمت فوراً للقوات البريطانية.

 وفى عام 1942، تم تجنيدها بواسطة قوات النخبة الخاصة ل”تشرشل”، كمشغلة لاسلكى. ساعدت مجهودات عنايت السرية المقاومة الفرنسية، بينما كانت انجلترا تحضر لإنزالات نورماندي. ومن بين مهام فريق منفذي العمليات الخاصة الذي انضمت إليه عنايت، كانت مهنة عامل اللا سلكي أخطرهم، لأن سلطات الاحتلال كانت بارعة في تقفي إشاراتهم وعليه كان متوسط عمر عامل التلغراف للمقاومة فى “باريس” حوالى 6 أسابيع.

استمرت خدمة عنايت من  يونيو عام 1943 حتى أسرها واعتقالها من قبل البوليس السري الألماني “الجستابو” فى أكتوبر من نفس العام.

حياتها الرائعة وموتها فى النهاية في معسكر اعتقال “داخاو” الألماني فى سبتمبر 1944، هو ما ركز عليه الفيلم الذي شاركت في انتاجه وتعرضه قناة “PBS” هذا الإسبوع.

أثناء بحثى فى قصتها، وجدت العديد من المسلمين الآخرين الذين قدموا خدمات ساعدت الحلفاء، وفى بعض الأحيان قدموا التضحية الكبرى. التاريخ ملىء بأمثلة أعمالهم البطولية والشجاعة و قراراتهم التي أخذت فى لحظات وساعدت في هزيمة النازيين.

بيهيتش إركين، السفير التركى بباريس، وفر العديد من أوراق الجنسية، وجوازات السفر لآلاف اليهود (  ممن كانت لديه فقط ادعاءات بقرابات بعيدة في تركيا”، كما دبر لهجرتهم عبر طريق حول أوروبا.

بيهيتش إركين

وفى يوم محتوم، وضع نيسديت كينت، القنصل العام التركى فى مارسيليا، نفسه في قطار يحمل 80 تركي يهودى متجه لألمانيا متقبلاً إمكانية موته عنيات ومدبراُ عودتهم سالمين إلى فرنسا.

عبد الحسين سرداري، استغل منصبة كقنصل إيران بباريس لمساعدة المئات من اليهود لتجنب الأسر، وأقنع عبدول، الذي تم تسميته لاحقاً شندلر الإيراني، المحتلين الألمان أن الإيرانيون “آريون” في الأصل وأن يهود إيران كانوا إيرانيين منذ أيام “قورش الكبير” (أول ملوك فارس)، لذا لا يجب محاكمتهم، ومن ثم أصدر المئات من الجوازات الإيرانية لغير الإرانيين من اليهود وأنقذ حياتهم.

عبد الحسين سرداري

أحمد سوميا، مساعد مدير المستشفى الإسلامى الفرنسية خارج باريس، نظم مخابىء الأسلحة، وسهل وجود الأجهزة اللاسلكية للمقاومة، وعالج جروح محاربى المقاومة، كما ساهم فى انقاذ العديد من الطيارين الأمريكان والبريطانيين عن طريق اخفائهم بعنابر مزيفة لمرضى “السل”  حيث كان يخشى ال”الجستابو” والشرطة الفرنسية من الدخول إليها.

تم تكريم عنايت خان بعد وفاتها بأرفع الأوسمة المدنية والعسكرية البريطانية والفرنسية على حد سواء، وكذلك آخرين مسلمين من ضمنهم أبطال دافعوا عن كرامتهم من بين 2.5 مليون من القوات البريطانية الهندية حاربت قوات المحور حول العالم.

في هذا الجيش الذي كان أكبر جيش تطوعي في التاريخ، لعب المسلمون، الذين شكلوا حوالي ثلث القوات، مثلهم مثل الهندوس والبوذيين أدواراً بارزة.

في خطاب للرئيس روزفلت خلال الحرب، أشار تشرشل إلى أن المسلمون كانوا يمثلون “المكون الرئيسي في الجيش الذي يبج أن نعتمد عليه (البريطانيون) في القتال الحالي.”

بين عامي 1944 و1945 إزداد عدد قوات الجيش الفرنسي الإفريقي، المنضم إلى قوات ديجول الحرة، إلى 260 ألف رجل نصفهم من شمال أفريقيا بأغلبية كبرى مسلمة. وغزت هذه القوات إيطاليا وساعدت في تحرير جنوب فرنسا، ووفقاً للمؤرخ الأمريكي خوان كول عندما حارب الجنود الألمان هؤلاء الأفارقة سمر البشرة في أوروبا “الآرية” وهزموا منهم غرق الألمانيون المرتعبون في نظريات ملفقة عن الدونية العرقية.

وتوفر شرق أوروبا أمثلة أكثر، ففي البلقان على سبيل المثال عاش 200 فقط من اليهود في ألبانيا قبل الحرب العالمية الثانية ولكن مع نهاية الحرب عاش حوالي ألفي يهودي في هذه البلاد لأن الكثير منهم فروا من اليونان والنمسا وأماكن أخرى في أوروبا للاحتماء هناك وسط الأغلبية السكانية المسلمة التي أخفتهم ووفرت لهم الحماية.

وكما كتب كول في الذكرى السبعين لإنزال نورماندي “بينما دعم قلة من المسلمين المحور غضباً من الاستعمار الغربي وأملاً في أن صعود مركز قوة بديل سيساعده في مسعاهم نحو الاستقلال، كان هؤلاء بالغوا القلة عدداً بالمقارنة بالمسلمين الذين لم يكتفوا فقط بدعم الحلفاء ولكن حاربوا بفاعلية في صفوفهم.”

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى