ثقافة و فنسياسة

علاء الأسواني لـ دويتش فيله: اقتربت من إنهاء الرواية الجديدة..ولم أدعم السيسي أبدا

علاء الأسواني في حوارمع دويتش فيلة: لا ديمقراطية بلا سياسة وهذا اسم وموضوع روايتي الجديدة

أكتب للدفاع عن الحرية والديمقراطية وكرامة العاجزين

دويتش فيله – سابين بيتشل – ترجمة: محمد الصباغ

كان الأسواني من المؤيدين البارزين للانتفاضة المصرية عام 2011، وظل معارضًا كبيرًا للحكومة. تحدث الأسواني مع دويتش فيله حول أعماله ونضاله ضد الديكتاتورية.

دويتش فيله: كنت متفائلًا بشكل دائم حول المستقبل في مصر. قلت في عام 2013: ”أؤمن بالشعب وبالثورة.“ هل مازلت تشعر بنفس الاحساس حاليًا؟

علاء الأسواني: بالتأكيد. لست سعيدًا بما يحدث في مصر، لكنني متفائل. ومتفائل لأسباب موضوعية. لأنني قرأت في تاريخ الثورات وأعلم أنها تحتاج إلى الوقت.

لننظر إلى مثال  قديم: الثورة الفرنسية. بعد 5 سنوات لم تحقق شيئًا وكان الوضع فوضويًا بدرجة كبيرة. كان الكل يقتل الجميع في فرنسا، لكن في النهاية انتصرت الثورة. لذلك، أؤمن بالشعب المصري، وبالثورة.

دويتش فيله: كأحد مؤسسي حركة كفاية، حركة المجتمع المدني، ما تقييمك للوضع؟ متى قام التمرد العربي بالخطوة الخاطئة؟

الأسواني: الخطأ الأكبر كان بترك ميدان التحرير بعد تنحي الرئيس الأسبق حسني مبارك دون تشكيل لجنة ممثلين عن الثورة. لم يكن علينا المغادرة إلا بعد انتخاب ممثلين للثورة في كل ربوع مصر.

دويتش فيله: وصفت الرئيس عبد الفتاح السيسي بأنه مبارك جديد. هل تحولت مصر إلى ديكتاتورية عسكرية؟

الأسواني: منذ عام 1952، كنا نتحرك كشعب بين خيارات مرعبة: ديكتاتور مدعوم من الجيش، وديكتاتورية دينية متعصبة. كانت الثورة مشروعًا لمسار ثالث: لبناء دولة ديمقراطية ليست دينية ولا عسكرية.

دويتش فيله: دعمت إسقاط الرئيس الإسامي محمد مرسي عام 2013 ووصفت الإخوان المسلمين بالإرهابيين. لكن اليوم، المساحة قليلة وقليلة جدًا لمجتمع مدني حر. ألا يبالغ نظام السيسي في خطورة الإخوان المسلمين؟

الأسواني: لا، وصف الإخوان المسلمين بالإرهابيين هو أمر مبرر تمامًا. بعد التدخل العسكري في 2013، أحرقوا حوالي 200 كنيسة وقتلوا الكثير من الناس. كان هذا سياق وصفي لهم بالإرهابيين.

سبب مطالبتي وملايين من المصريين بانتخابات رئاسية مبكرة، هو إعلان مرسي الدستوري في نفمبر 2012، الذي ألغى النظام الديمقراطي والقانون المصري، وجعل مرسي كالسلطان التركي. وكان الأمر غير مقبول لأي شخص. أنا بالطبع ضد المذبحة ضد أعضاء الإخوان المسلمين، وضد القمع الذي يمارسه النظام الحالي. لكنني أيضًا كنت ضد الإعلان الذي أصدره مرسي لأنه كان تصرفًا يخرج من ديكتاتور.

دويتش فيله: دعمت الجيش في 2013، لكن الآن كثير من الثوريين الذين وقفوا بجانبك قابعين في السجون حاليًا. هل تتعرض للهجوم شخصيًا؟

الأسواني: نعم، كنت عرضة للهجوم منذ البداية. طالب المصريون بانتخابات رئاسية مبكرة، نزل ملايين إلى الشوارع، لأنهم لم يثقوا بمرسي- لم يثق به أحد.

في هذا التوقيت، نادى آلاف الإسلاميين- ويمكن متابعة ذلك على يوتيوب- بقتل ليس بجانبهم، قتل الملايين الذين عارضوا الإخوان المسلمين. كان هناك خطابات لهؤلاء الأشخاص يقولون إنهم سيصنعون انهارًا من الدماء. التدخل العسكري كان لمنع حرب أهلية، وفي رأيي، كان واجب الجيش. لكن هذا التدخل لم يكن يعني أن يصل الجيش إلى السلطة.

لم أدعم السيسي كرئيس أبدًا. وكتبت- في الوقت الذي كان مسموحًا لي بالنشر في مصر- أن انتخاب السيسي لم يكن بطريقة ديمقراطية، وأعطيت أمثلة. وهذا سبب تعرضي للهجوم.خلال العامين الماضيين، لم أستطع نشر مقالاتي. يهاجمونني في الإعلام، وممنوع من الظهور على شاشات التليفزيون. لا أشعر بالراحة على الإطلاق.

دويتش فيله: هل فكرت في مغادرة مصر؟

الأسواني: أنا قادر على البقاء بالخارج. لكنني لن أغادر مصر إلا إذا أُجبرت. أريد البقاء في بلدي مثل أي شخص آخر. لكن عند نقطة معينة، لو وجدت انني مجبر على ذلك، سأغادر.

دويتش فيله: كيف تعمل الرقابة في مصر؟

 الأسواني: لدينا رقابة رسمية على المواد المعروضة سواء للتليفزيون، وللسينما أو المسرح. لكن هناك رقابة حتى على الصحف والكتب بطريقة غير رسمية. كل الصحف والقنوات المصرية غير المملوكة للدولة يمتلكها رجال أعمال، وبالطبع لا يريدون مشاكل مع النظام. فقط بمكالمة هاتفية من أحد المسؤولين الأمنيين إلى رجل أعمال، كافية في مصر لإلغاء التعاقد مع كاتب، أو منع شخص ما من الظهور على الشاشات. لدي أصدقاء منعوا، وحدث ذلك معي أيضًا. قام مالك الجريدة بفعل كل شئ ليجعلني أرحل، ثم لم يطلب مني الكتابة مرة اخرى. الرقابة تتم بطريقة غير مباشرة. ليست مرئيسة، ولا رسمية، لكن قوية جدًا.

دويتش فيله: ولهذا بدأت في كتابة مقال أسبوعي بالنسخة العربية من دويتش فيله؟

الأسواني: أنا ملتزم بالكتابة، فهي واجبي. كتبت مقالات أسبوعية لسنوات. وتلك أول مرة أكون فيها غير قادر على الكتابة لمدة عامين. حدث ذلك اثناء حكم مبارك، لكن لثلاثة أشهر فقط. ودويتش فيله تمتلك سمعة جيدة، وستمنحني الفرصة لعرض أفكاري ومقالاتي لعدد كبير من القراء في مصر والخارج.

http://www.dw.com/image/0,,16421331_401,00.jpg

دويتش فيله: المنظمات غير الحكومية الدولية تتعرض لضغط في مصر. كيف ترى الدور الاوروبي في مصر، والمزاعم بالوقوف بجانب حقوق الإنسان؟

الأسواني: في الحقيقة، لا أنتظر الكثير من الحكومات الغربية عندما يتعلق الأمر بدعم الديمقراطية في العالم العربي. لأن تلك الحكومات- من بينهم أمريكا- كانت دائمًا داعمة لاهتمامات للمؤسسات متعددة الجنسيات. آسف لقول ذلك، لكنني دائمًا أقول ما أفكر فيه- أعتقد أن أغلب الحكومات الغربية بالطبع تستعد لدعم أي ديكتاتور لو عاد ذلك بالأموال على الشركات الغربية.

لكن عندما ياتي الأمر للشعوب الغربية، الموضوع مختلف. دعمت الحكومات الغربية مبارك لثلاثين عامًا- وكانوا على علم بمدي ديتاتوريته البشعة. لكن الشعوب في الغرب دعموا الثورة. تفهم الكثير من المثقفين الأوروبيين لنضالنا من أجل الديمقراطية. لا أضع الحكومات الغربية والشعوب في سلة واحدة.

دويتش فيله: رواياتك كانت الأكثر مبيعًا في مصر وببيعت حوالي 100 ألف نسخة وترجمت لحوالي 30 لغة. وتحولت رواية ”عمارة يعقوبيان“ إلى فيلم شهير دوليًا. كيف تُقسم وقتك بين كونك ناشطًا وكاتبًا- وهل مازلت تمارس عملك كطبيب أسنان؟

الأسواني: نعم مازالت أعمل كطبيب. لا أستطيع الكتابة في رواية إلا لخمسة او ستة ساعات يوميًا. وأكتب فقط في الساعات الاولى من اصباح، لا أقدر على الكتابة في وقت متأخر. أستيقظ في السادسة صباحًا وأجلس على مكتبي وأبدأ الكتابة لخمسة أو ستة ساعات. وبعد ذلك، أبدأ في دوري كطبيب أسنان. لدي عيادتي في نفس المنزل، فأنزل لأتابع مرضاي. يستفيد الكاتب جدًا من التواصل مع الناس يوميًا.

دويتش فيله: أما زلت تعمل بالسياسة؟

الأسواني: في مصر، لا توجد سياسة لأننا لا نمتلك ديمقراطية. هو نضال من أجل الديمقراطية، وليس سياسة. ولهذا السبب يكون أي كاتب ولست وحدي، ملزمًا بواجب تجاه هذا النضال. الكتابة هي نوع من الدفاع الفني عن القيم الإنسانية. أنت تكتب لتدافع عن الحرية، وحقوق الإنسان. جزء من واجبك أن تكون في خضم النضال من اجل الديمقراطية.

أؤمن بأن الكتابة نفسها التزام. أكتب لأنني أعترض. أكتب لأنني غاضب. أكتب لأن المسافة بين ما يحدث وما يجب أن يحدث كبيرة جدًا. أكتب للدفاع عن الحرية والديمقراطية وكرامة العاجزين. أكتب للنال ضد الديكتاتورية.

دويتش فيله: على ماذا تعمل في الوقت الحالي؟

الأسواني: أعمل على رواية جديدة، وأتمنى الانتهاء منها مع بداية العام القادم. بدأت فيها منذ حوالي 3 سنوات. عادة ما أستغرق 4 سنوات حتى أنتهي من رواية- أحتاج إلى وقت طويل من العمل والبحث.

دويتش فيله: هل اخترت عنوانًا لها؟

الأسواني: نعم: ”جمهورية كأّنّ.“ الفكرة تدور حول أنه في الديكتاتوريات، تكون الحقيقة الوحيدة هي الديكتاتور. وكل شئ يبدو كالحقيقي لكنه مزيف.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى