اقتصادسياسة

عشر حقائق عن أزمة المهاجرين إلى أوروبا

يواجه العالم أكبر أزمة لاجئين منذ الحرب العالمية الثانية

الجارديان – باتريك كينجسلي – ترجمة: محمد الصباغ

نواجه حاليا أكبر أزمة لاجئين في العالم منذ الحرب العالمية الثانية، وهذا سيساعدنا على إجراء مناقشة واقعية حول رد فعلنا على تلك الأزمة. ولفعل ذلك نحتاج إلى حقائق وبيانات، وهو ما افتقدته الحوارات حول مشكلة اللاجئين في بريطانيا هذا الصيف. زعمت تيريزا ماي وزيرة الداخلية البريطانية في حديثها لـ”راديو 4″ أن الأغلبية العظمى من المهاجرين إلى أوروبا هم من الأفارقة الذين سافروا من بلادهم لأسباب اقتصادية، وكان ذلك في مايو الماضي. وتبعتها وسائل الإعلام، وأحد الأمثلة على تأكيد “دايلي ميل” في الآونة الأخيرة ،بدون أي أساس، على أن سبعة من كل عشرة مهاجرين في مدينة كاليه سيصلون إلى المملكة المتحدة.

ولم يردد هذا الأسبوع وزير الخارجية البريطاني فيليب هاموند فقط ما زعمته ماي حول المهاجرين الأفارقة، لكنه صورهم على أنهم مغيرون سيعجلون بنهاية الحضارة الأوروبية. ومثل الكثير من الناس قد يحتاج هاموند إلى بعض الإحصائيات الفعلية المتعلقة بأزمة المهاجرين. وإليكم عشرة حقائق رئيسية عن المهاجرين:

62% منهم دافع هجرتهم ليس اقتصادياً، هذه الأزمة تتعلق في الغالب باللاجئين. أما افتراض هاموند وماي ومن شابههما، أن غالبية من يحاولون الوصول إلى أوروبا يهاجرون بسبب الفقر، الذي يعتبره المجتمع الدولي سبباً كافياً للإنتقال إلى دولة أخرى. في الواقع كان 62% من الذين وصلوا إلى أوروبا كانوا من سوريا، وإريتريا، وأفغانستان حتي نهاية يوليو وفقاً للأمم المتحدة. هذه الدول مزقتها الحروب، وقمع الديكتاتوريات، والتطرف الديني. وفي الحالة السورية كل تلك الأسباب موجودة. لدى مواطني تلك الدول الحق القانوني في اللجوء إلى أوروبا. ولو أضفت إلى هؤلاء من يأتون أيضا من دارفور، والعراق، والصومال وبعض الأجزاء من نيجيريا ستعادل تقريباً نسبة المهاجرين المستحقين للجوء أكثر من 70%.

1% فقط يأتون عبر “كالييه”: لو قرأت الصحافة البريطانية، ستعتقد أن مدينة كالييه كانت أرض المعركة بالنسبة لأزمة المهاجرين الأوروبيين، وأن بريطانيا كانت الهدف الأسمى لهم. لكن في الواقع، عدد المهاجرين القادمين إلى أوروبا عبر كالييه لا يتخطى 1% هذا العام. وتشير التقديرات إلى أنه ما بين ألفين إلى 5 آلاف مهاجر وصلوا إلى كالييه، وذلك يعتبر نسبة من 1% إلى 2.5% من بين ال 200 ألف الذين وصلوا إلى إيطاليا واليونان. وللأهمية، لا يوجد أي دليل على مزاعم أن 7 من بين كل عشرة مهاجرين بكالييه وصلوا إلى بريطانيا.

0.027%: قال هاموند إن المهاجرين سيعجلون من انهيار النظام الاجتماعي الأوروبي. في الحقيقة، وصل عدد المهاجرين الذين وصلوا إلى أوروبا هذا العام إلى 200 ألف يمثلون فقط 0.027% من كل تعداد السكان في أوروبا الذي يصل إلى 740 مليون نسمة. وتستطيع أغني قارة في العالم أن تتعامل مع هذا التدفق.

1.2 مليون: هناك دول بنيتها الاجتماعية  على حافة الانهيار بسبب أزمة اللاجئين- لكنها ليست في أوروبا. والمثال الأكثر وضوحاً هو لبنان. يوجد 1.2 مليون لاجئ سوري بين عدد سكان يصل إلى 4.5 مليون نسمة. ولنضع الأمر في السياق، فالدولة الأصغر بما يعادل مئة مرة من الاتحاد الأوروبي قد استوعبت لاجئين بنسبة أكبر بخمسين ضعفاً مما سيستوعبه الاتحاد الأوروبي حتى في المستقبل. لبنان لديها مشكلة لاجئين. أما أوروبا، وبريطانيا بشكل خاص، فلا.

36.95 جنيه استرليني: يزعم كثيرون أن بريطانيا وجهة متميزة للمهاجرين بسبب بذخ نظام الفوائد. وبعيداً عن حقيقة أن المهاجرين لديهم معرفة قليلة بالنظام القائم في كل دولة أوروبية فيما يتعلق بمسألة اللجوء، فليس من الحقيقي أن بريطانيا دول كريمة بشكل خاص. فكل راغب في اللجوء ببريطانيا يحصل على 36.95 جنيه استرليني أسبوعياً (ولا يسمح لهم عادة بالعمل للإضافة على المبلغ). أما في فرنسا، والتي من المفترض أن سياساتها تجبر أعداد المهاجرين على السفر من كالييه، فهم يحصولون على مساعدات أكثر، تبلغ قيمتها 56.62 جنيه استرليني للفرد أسبوعياً. وفي ألمانيا والسويد- أكثر الدول التي يتوجه إليها المهاجرون- يدفع 35.21 و36.84 جنيه استرليني على الترتيب أسبوعياً. وهم الوحيدون الذين يزيدون عن بريطانيا بنسبة طفيفة.

50%: يقول هاموند وتيريزا ماي في حديثهما إن المهاجرين في أوروبا أغلبهم من أفريقيا. لكن مرة أخرى هذا غير صحيح. ووفقاً للأمم المتحدة هذا العام هناك 50% من دول ليست إفريقية: 38% من سوريا و 12% من أفغانستان. وعند إضافة لاجئين من دول باكستان والعراق وإيران إلى المعادلة يصبح واضحاً أن عدد المهاجرين الأفارقة هو بشكل واضح أقل من النصف.

4%: في الخريف الماضي قرر الاتحاد الأوروبي إيقاف عمليات الإنقاذ في البحر المتوسط اعتقاداً بأن إجراء تلك العمليات يشجع المهاجرين أكثر على رحلتهم من ليبيا إلى أوروبا. في الواقع، واصل الناس المجئ. وهناك 4% زيادة سنوياً، واستمرت خلال الأشهر التي توقفت فيها عمليات الإنقاذ. حاول أكثر من 27.800 ألف شخص الهجرة إلى أوروبا في عام 2015، أو ماتوا خلال المحاولة، حتى توقفت تلك العمليات في مايو، وذلك وفقاً لمنظمة الهجرة الدولية. بينما كان الرقم في عام 2014 فقط 26.740. وقال أبو جنا، أحد اللاجئين السوريين الذين قابلتهم وهو يحاول الهجرة لأوروبا: ”لا أعتقد أن قرارات الناس ستتغير حتى لو قرروا تفجير المراكب“.

25.870: لا تعتبر بريطانيا دولة جائبة للاجئين على عكس اعتقادها بأنها الوجهة المفضلة لهم. في عام 2014، سعى فقط 25.870 شخصاً للجوء إلى بريطانيا، وتم قبول 10.050 فقط. أما في ألمانيا كان العدد (97.275)، وفرنسا (68.500)، والسويد (39.905)، وإيطاليا (35.180) ويعني ذلك أن كل تلك الدول متضررة أكثر. وعند حساب تلك النسب بالمقارنة بعدد السكان ستكون المملكة المتحدة خلف كل من بلجيكا وهولندا والنمسا. ولو تم الحساب وفقاً لتقديرات عام 2015، فهذا يعني أن اليونان ستكون قد تضررت أكثر من بريطانيا. وبينما استقبلت بريطانيا حوالي 187 سورياً كلاجئين قانونيين، استضافت تركيا 1.6 مليون لاجئي.

11 مليار جنيه استرليني: يرى كاميرون وهاموند أن حل مشكلة المهاجرين يكون بالترحيل. ويؤمنان بأن ذلك سيوفر الكثير من الأموال البريطانية، حيث لن يدفع لكل لاجئ 36.95 جنيه استرليني أسبوعياً. في حين تتجاهل تلك الاستراتيجية تكاليف الترحيل التي قد تنافس تكاليفها فواتير اللاجئين. ويذكرأن تكاليف ترحيل الأشخاص إلى موطنهم الأصلي منذ عام 2000 وصلت إلى 11 مليار جنيه إسترليني. ويتم ضخ مليار آخر لتأمين الحدود من المهاجرين، وبتلك الأموال يمكن أن ندمج المهاجرين في المجتمع الأوروبي.

76.439- : رغم الهوس هبط عدد اللاجئين إلى بريطانيا إلى  76.439 شخصاً منذ 2011. وذلك وفقاً لمجلس اللاجئين البريطاني، حيث تراجع عدد اللاجئين من 193.600 إلى 117.161 خلال الأربعة أعوام الماضية. وعلى سبيل المقارنة، فقد ارتفعت نسبة اللاجئين في البلدان النامية في العشر سنوات الأخيرة ،وفقاً للأمم المتحدة، من 70% إلى 86%. يمكن لبريطانيا أن تقوم بما هو أكثر من ذلك.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى