إعلام

طارق عطية لمجتمع الأعمال: لماذا تهربون من الاستثمار في الإعلام المهني؟ (حوار)

طارق عطية لمجتمع الأعمال: لماذا تهربون من الاستثمار في الإعلام المهني؟ (حوار)

طارق عطية، مدير ومؤسس شركة “البرنامج المصري لتطوير الإعلام”

Medium – Alan Soon

زحمة

في إجابته عن أسئلة “آلان سون” خبير الإعلام الرقمي، تطرق الناشر طارق عطية إلى التحديات التي تواجه الاستثمار في صناعة الإعلام، ووجه رسالة واضحة إلى رواد الأعمال، يناشدهم بقوة إلى الالتفات إلى هذا القطاع، الذي يعد جزءا لا يتجزأ من أي تنمية مستهدفة على المدى المتوسط والطويل.

عطية هو مدير ومؤسس شركة “البرنامج المصري لتطوير الإعلام”، وهي شركة، كما يظهر من اسمها، تعمل على تطوير صناعة الإعلام في مصر والمنطقة العربية. وبالإضافة إلى أنشطتها في مجال التدريب والاستشارات الإعلامية، فهي تصدر صحيفة “منطقتي”، أول صحيفة فائقة المحلية في مصر، والتي تغطي مناطق وسط البلد والزمالك، إضافة إلى موقع “زحمة” الإخباري الشامل.

الحوار نشر بالإنجليزية، وهذه هي ترجمته العربية:

سون: حدثني عن تجارب ريادة الأعمال التي رأيتها في الصحافة المصرية؟

عطية: الحقيقة أنني لم أر الكثير وهذه مشكلة كبيرة. على مدار العامين الماضيين أصبحت أكثر تآلفا مع مجتمع ريادة الأعمال، وسعيت أنا نفسي إلى إقناع بعض المستثمرين بالمساهمة في تنمية هذا القطاع. لكن للأسف، اكتشفت أن قدرا كبيرا من رأس المال المغامر يتجه إلى تكنولوجيا الإعلام. ومشكلتي أن التكنولوجيا ليست صحافة. كثير من التطبيقات التي يمولها رأس المال المغامر تفتقر إلى عمق الصحافة. هي مجرد منصات شيقة تبدو جيدة عند الترويج لها وإقناع رأس المال بالاستثمار فيها، لكنها خالية من المحتوى الحقيقي. إنها بعيدة تماما عن مفهوم الصحافة.

سون: هل ترى جديدا في سوق تكنولوجيا الإعلام على النطاق الأوسع، تكنولوجيا الإعلان؟

عطية: هناك أشياء من هذا القبيل. مثلا، هناك ناس يعملون على تكنولوجيا تسمح بالتحكم بالإشعارات notifications. نعم، هناك ما يجري في الفضاء الثانوي. لكنني أحب أن أرى المزيد من أموال ريادة الأعمال يضخ في إنتاج المحتوى، وخاصة المحتوى عالي القيمة.

قد تجد القليل من هذا عندما نتكلم عن التليفزيون، وخاصة الترفيه. لكن عندما يتعلق الأمر بالصحافة التي تحاول إخبار المجتمع وتطويره، أو تعمل كمرآة تفضح سوء الإدارة، لا تجد الكثير.

نحن مثلا عندما نظرنا إلى الساحة، وجدنا غيابا تاما للإعلام المحلي والإعلام فائق المحلية. ورأينا أنه أمر يحتاجه مجتمعنا بشدة، رغم أننا لم نتعود عليه. عندما يغيب الإعلام المحلي يصبح لدينا حكومات ومجتمعات محلية تعاني من نقص الكفاءة، إنه ارتباط شرطي. وأنا لا أفهم كيف يعجز رجال الأعمال عن استيعاب هذه الصلة. أنت بحاجة إلى الإعلام لتطوير مناخ التنمية على وجه العموم.

سون: عندما تذهب وتروج لهذه الفكرة، هل يعجز المستثمرون عن رؤية الحاجة لها أو إدراك المشكلة التي تتطلب حلا؟ أم أن السبب هو أن العائد الاستثماري لهذه المشروعات الناشئة سوف يستغرق وقتا أطول بكثير قبل أن يتحقق؟

عطية: الجزء الأخير هو بالتأكيد أحد الأسباب. لقد قابلت مستثمرين أخبروني أن هذا لا يناسب شهيتهم من ناحية العوائد الاستثمارية. الجميع يبحث عن المشروع الجبار، الـ unicorn، صحيح؟ لكنه أمر نادر أن تتحول وسيلة إعلامية إلى unicorn. نحن نتكلم عن نمو بطيء. سوف تحقق عائدا استثماريا؛ لا نقول إنها مشروعات خيرية.

لكن الأمر الآخر في الشرق الأوسط، أننا، على مدار العقود الأربعة أو الخمسة الأخيرة، ظللنا نفتقر إلى تقاليد الإعلام الموضوعي المستقل. والحقيقة أن الكثير من الوسائل الإعلامية كانت مجرد “بروباجندا” والكثير منها يتعارض مع البيزنس. صفحات الاقتصاد مليئة بتغطيات معقدة للاقتصاد والصفحات الأولى لا تغطي رجل أعمال إلا إن كانت هناك فضيحة ما. ليس لدينا فكرة معالجة الاقتصاد من زاوية تأثيره على الحياة اليومية -كما نرى في الصحافة الغربية أو الآسيوية ربما- حيث يرى المستهلك محتوى وثيق الصلة به.

الاتجاهات في قطاع الإسكان، أو الاتصالات، أو التعليم، الإرشادات المفيدة التي تسمح لك باختيار أنسب المدارس لأطفالك. لم نتعود على إنتاج محتوى من هذا النوع. وهكذا يميل رجال الأعمال عن الابتعاد عن الإعلام. تجدهم متوترين تجاهه أو خائفين منه. إنهم إما يفكرون أنه سيكون منبت الصلة عن القطاع الأكبر من الجمهور أو يظنون أنه سيكون مجرد هجوم على الدور الذي يلعبه رأس المال في المجتمع.

سون: ما الذي يجذبك في المحتوى فائق المحلية؟ أين تكمن الفرص في هذا المحتوى؟

عطية: بدأ الأمر مع انتقالي من القاهرة إلى ضاحية “القاهرة الجديدة”. بدأت أفهم أن الكثير من المشكلات المستوطنة في العاصمة لها علاقة بالتخطيط والتنسيق الحضري، دور الحكومة المحلية في معالجة مشكلة المرور والإدارة السيئة للأحياء. أغلب الظن أن ذلك حدث بسبب غياب عنصرين مهمين: مجتمع مدني قوي وإعلام محلي قوي.

وهكذا عندما انتقلت إلى هذه الضاحية -وهي أكبر حجما من الكثير من مدن أوروبا- وجدت أنها لا تمتلك وسيلة إعلامية تغطي ما يدور فيها. كيف يكون لديك هذا النمو الهائل في قطاع الإسكان والطرق وغيره، ومع ذلك ليس هناك من يراقب هذه الأمور أو يغطيها. عندما تفكر في الأمر تجد أنه ضرب من الجنون. من هنا بدأ حماسي للفكرة.

لقد نشأت في الولايات المتحدة، حيث توجد ثقافة صحافة محلية قوية. الناس يعرفون ما يدور حولهم. إذا بدأت الحكومة في بناء جسر، فأنت تعرف السبب، المشكلة المرورية التي سيحلها، وتعرف كم يتكلف. لكن في المكان الذي أعيش فيه الآن، فإن مشكلة المرور التي دعت إلى بناء الجسر لا تحظى بتغطية، والوضع بعد إنشاء الجسر لا يحظى بتغطية. وأنا أعتقد أن الإعلام يجب أن يتناول كل ذلك.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى