مجتمع

صور: آخر عشوائيات باريس تقاوم الإخلاء

منازل المنطقة من الصفيح والأخشاب ويسكنها غجر الروما

الاندبندنت – اميليلا جين – ترجمة: محمد الصباغ

وسط إحدى ضواحي العاصمة الفرنسية باريس تسكن جماعة الروما من الغجر في منطقة عشوائية من الأكواخ المصنوعة من الصفيح، وتقاتل تلك المجموعة مرة أخرى من أجل وجودها. في نهاية هذا المخيم وبين أكوام القمامة يقوم أحد الأطفال وعمره سبع سنوات بإبعاد مجموعة من الفئران باستخدام ”مقشة“ ضاحكاً حينما مر أحدهم على قدميه. لا توجد مياه للشرب ومن يعيش بالمكان يغتسل في وعاء بلاستيكي يتم ملأه من أنبوب مياه قريب.

ومع ذلك يريد السكان البقاء في المكان، ويريد عمدة ضاحية (La Courneuve) أن يزيل هذا التجمع. أصبحت المنطقة العشوائية أرض لمعركة، وقد يصل من يريدون إزالتها إلى هدفهم هذا الأسبوع.

يطلق على المنطقة (Samaritan – ساماريتان) نسبة إلى الكنيسة الصغيرة التي تقع بجوار مدخل المكان، وتسكنها 80 عائلة معظمهم من طائفة الروما الغجرية ويعيشون في مساكن من الخشب والصفيح وذات أسقف مضلعة.

كان عمدة “لاكورنوفو”، جيل بوكس، قد أمر بإخلاء المكان في عام 2013 خلال حملة لإنهاء العشوائيات في المنطقة. كانوا 11 منطقة، ولم يتبق منها سوى ساماريتان. ومنذ 10 أيام وصل رجل شرطة إلى المكان وأخبر مؤسسه القس الخمسيني يوان تيتل أن المعسكر الذي بناه عام 2008 سوف يتم إخلائه هذا الشهر دون تحديد يوم معين. ومع عدم وجود شروط بضرورة تسكينهم سيصبح قاطنوا سامارتيان مشردين.

ويقول ”تيتل“ إنهم في حالة عصبية شديدة ولا يستطيعون النوم.

توجد أجهزة تلفاز وبوتجازات وثلاجات في بعض المساكن التي يطلقون عليها (بلاتز)، وتتشارك كل 12 أسرة في مولد وتكون الكهرباء متقطعة. ويقول سورين نوتو، الذي انتقل للمكان مع أسرته منذ عامين ويعمل في المعادن الخردة: ”نحن في خوف شديد. زوجتي قامت بعملية قيصرية مؤخراً، وأخشى من أنها لن تكون قادرة على الذهاب إلى فحصها القادم“، فيما جلست بجواره زوجته دانيلا مع طفلتهم آنا التي أكملت شهرين.

من جانب آخر، صنع جوزيف فاركاس، 17 عاماً، عريضة من أجل ترك المكان مفتوحاً، وساعده في ذلك مجموعة من مناصري جماعة الروما وهي (Voice of the Roma- صوت الروما). وجمعت العريضة الموجودة على موقع Change.org  35 ألف توقيع حتى مساء أمس، ويقول: ”اعتقد أن الأسابيع القادمة ستكون غاية في الصعوبة“.

لكن من ناحية أخري ليس كل الموجودين بساماريتان يريدون البقاء. فتقول تابيتا لاريتا، الحامل في شهرها الثالث، بإنجليزية ضعيفة ”هم يقولون أننا نريد العيش هنا، يقولون إنها ثقافة لكن الأمر ليس كذلك“، وأضافت: ”أحب فرنسا. أحب المكان هنا لكنني أريد حياة مختلفة. في منزل أفضل يمكنني الاستحمام. فهنا لا يمكننا فعل ذلك“.

قالت مؤسسة “صوت الروما” إن قرار عمدة لاكارنيفو بإزالة المخيم غير قانوني. وكانت المنظمة قد رفعت قضية ضد رئيس الوزراء الاشتراكي مانويل فالاس العام الماضي لتحريضه على الكراهية العنصرية في تصريحات أدلى بها خلال عمله كوزير للداخلية.

كان فالاس قد قال عام 2013 إن مهاجري الروما لا ”يهتمون بفكرة الاندماج في المجتمع الفرنسي لأسباب ثقافية… أو لأنهم لعبة بين أيدي التسول والدعارة“. أسقطت القضية في ديسمبر الماضي لكن بيير تشوبينو، المتحدث باسم المنظمة، قال إنه يأمل في تصعيد القضية إلى محاكم حقوق الإنسان الأوروبية. وأضاف: ”يمكن للعمدة أن يطرد الناس فقط في حالة إثباته لعدم وجود بديل لتحسين أماكن إقامتهم. وقال العمدة إن تلك هي القضية لكن الأمر مزيف تماماً“.

كانت العديد من المنظمات قد قدمت خططاً بتحسين نظام الصرف الصحي، بينما عرضت كلية العمارة أن تدّعم المنازل وبالتالي تتحسن مستويات الأمان بها.

لكن عند الحديث مع عمدة “لا كورنوفو”، الذى كان في إجازة، وتحدث معنا رئيس مجلس المدينة جون لوك فيين، قال إن المقترحات المقدمة ”غير واقعية“. وأضاف ”احترم بشدة ما تقوم به تلك المؤسسات، لكنهم يريدون إبقاء الناس في المنطقة العشوائية. وبينما هم يقولون إن منطقة سماتريان يجب أن تبقى مفتوحة لأنها قديمة جداً، نحن نقول إنها يجب أن تغلق لهذا السبب“.

أما بشأن إعادة تسكين الروما، فبعد الضغط عليه بالأسئلة، قال: ”لا نمتلك موارد. لدينا أقل عائدات في الدولة و55% من السكان يسكنون بالفعل في مساكن اجتماعية“.

طالما طالب مجلس المدينة من الدولة خطة طوارىء لمواجهة الزيادة في أعداد جماعة الروما الذين يعيشون في مدن العشوائيات منذ خمس سنوات. ووفقاً لمركز حقوق جماعات الروما الأوروبية، يتم طرد 150 شخصاً من الروما أسبوعياً في فرنسا منذ بداية عام 2015. يقولون إنه فقط 13 من بين كل 37 حالة يتم إعطائهم أماكن بديلة للإقامة.

يقول مهدي بوتيغمس، المستشار المستقل الذي يعارض فكرة إزالة المعسكر: ”لدي تفاهم سياسي مع الحكومة المحلية لكنني لا استطيع استيعاب الأمر بعد. فهم يلومون الدولة على إخراج نفسها من المسؤولية“.

وتقول مؤسسة صوت الروما إن الحكومة المحلية تمنع سكان سمارتيان من حقهم فهم لا يستطيعون التقدم للوظائف أو الحسابات البنكية أو حتى تسجيل الأطفال في المدارس المحلية.  في فرنسا لكل المشردين الحق في التسجيل القانوني، لكن ذلك يتطلب وثائق مكتوبة. يقول بيير:”مجلس المدينة كثيراً ما يرفض أوراق جماعة الروما، هذا إشارة للعنصرية المؤسسية“.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى