حيوانات

صغار الفيلة.. قصة معاناة ورحلات تهريب وعذاب”السلاسل والصخب”

التربح غير الشرعي يصل إلى 230 ألف جنيه إسترليني مقابل كل حيوان

المصدر: Independent – Jane Dalton

ترجمة: ماري مراد

دعا مُحقق، هيئة دولية مُكلفة بضبط التجارة في الحيوانات البرية، للقضاء على الاتجار غير المشروع بالأفيال الصغيرة عبر الحدود في جنوب شرق آسيا.

ويرسل عملاء سريون في لاوس، عشرات الحيوانات كل عام عبر الحدود البرية للبلاد مع الصين وحيوانات أخرى إلى الشرق الأوسط، ليربحوا ما يصل إلى 230 ألف جنيه إسترليني مقابل كل حيوان، وفقا لما ذكره صانع الأفلام كارل أمان.

وفي العامين الماضيين، يعتقد أن الصين استوردت أكثر من 80 فيلًا آسيويًا حيًا من لاوس وحوالي 100 من الفيلة الإفريقية صغيرة السن من زيمبابوي، لكن الواردات من زيمبابوي قانونية، لأن الحيوانات لا تتمتع بنفس حالة الحماية.

هذه التجارة تعمل على تقليص أعداد الأفيال البرية، التي تضررت بشدة جراء الزحف الإنساني والصيد غير المشروع.

وتراجعت الأرقام في لاوس من 3 آلاف قبل ثلاثة عقود إلى بضع مئات فقط الآن، وتشير بعض التقديرات إلى انخفاض الرقم إلى 300.

الأفيال الآسيوية كانت تستخدم على نطاق واسع في صناعة قطع الأشجار في الثمانينيات، لكن حظر 1989 على قطع الأشجار ترك مدربي الأفيال بلا دخل، لتصبح الأفيال عبئا ماليا.

ومنذ ذلك الحين، وفرت الزيادة الكبيرة في الرحلات إلى الخارج والعطلات التي يتم إدخال الأفيال فيها مثل الجولات أو العروض الترفيهية الحية، فرصًا تجارية بديلة مربحة.

وتتضمن الصناعة المُزدهرة في سياحة الحياة البرية، تعرّض الحيوانات لمعاملة سيئة مؤلمة وراء الكواليس.

وتقول المنظمة التي تتخذ من المملكة المتحدة مقرا لها “Save the Asian Elephants ” وتُعرف اختصارا بـ” Stae”، إن الحيوانات محكوم عليها بالحياة في صناعة السياحة الفيلية المزدهرة والوحشية، حيث تكون مقيدة بالسلاسل وتحيط بها الموسيقى الصاخبة والأضواء الساطعة وتُجبر على أداء الحيل أو حمل السيّاح، خوفًا من العقاب.

ومن جانبها، ذكرت جوليا تينسلي كنت، متطوعة في Stae: “الحجم الأوسع للمشكلة أكبر مما يمكن أن يتخيله الكثيرون”.

وفي بلدة بوتن بلاوس- حيث فتحت طرق وسكك حديدية جديدة طرق التجارة في مجموعة متنوعة من السلع- صوّر “أمان” أكثر من 50 فيلا سافر من خلال مدربي الأفيال، في اتجاه الصين، دون تصاريح قانونية من معاهدة التجارة العالمية لأصناف الحيوان والنبات البري المهدد بالانقراض “cites”.

وقال أمان: “قطعان كاملة تذهب بهذه الطريقة دون تصريح دولي، من الواضح أن هذا التجاهل المستمر والصارخ لبعض القواعد والأنظمة الأساسية في “Cites”، وغياب أي تطبيق للمادة الثامنة من الاتفاقية التي تتطلب محاكمة المتاجرين المتورطين، ومصادرة الحيوانات المعنية، وإمكانية الإعادة إلى الوطن تسخر من المقصود من الاتفاقية”.

وبعد حديثه مع مالكي ومدربي الأفيال، يعتقد “أمان” أن حوالي 100 فيل- معظمهم من الصغار- تم تصديرهم إلى الصين بشكل غير قانوني في غضون 3 سنوات.

وأوضح وسطاء صينيون أنهم يسلمون حوالي 23 ألف جنيه إسترليني مقابل كل حيوان قبل نقله إلى “منتزهات السفاري” المملوكة للدولة، أو حدائق الحيوان التي يُعتقد أنها تدفع 239 ألف جنيه إسترليني لكل حيوان.

وخلال النهار، تسير الأفيال حول المدينة الحدودية الصاخبة، ولكن الليل يكون أكثر كربًا لها، نظرًا لتقييدها بالسلاسل وتعرضها للموسيقى والضوضاء الصاخبة والحشود والأضواء الساطعة، ضمن جزء من الترفيه المحظور في الصين مثل المقامرة، لذلك يتدفق شعب البلاد عبر الحدود.

وبمجرد وضعها في المنتزهات أو حدائق الحيوان، تخضع الأفيال الأسيوية إلى تدريب وحشي، ظنًا بأن روحها المعنوية لا بد أن تنكسر لإجبارها على الامتثال للأوامر.

وبعيدًا عن أعين السائحين، تُطعن الأفيال بآلات حادة بشكل متكرر أو تجلد وتبقى في سلاسل تتسبب لها في جروح مؤلمة.

وفي السياق نفسه، قال دنكان مكنير، رئيس “stae”- بعد مقتل السائح البريطاني جاريث كرو على يد فيل عُذب في تايلاند في عام 2016- إن الحيوان تعرض للضرب طول الليل، وكان بالإمكان سماع صراخه باستمرار.

وبعد ليلة من الألم والإرهاب، أُجبر الفيل على العمل كالمعتاد في اليوم التالي ليتجول به السائحون، ما يبرهن على أن التجارة السياحية ليست قاسية فحسب، بل تمثل خطرًا على السياح.

ولفت إلى أن التجارة غير القانونية والفاسدة في كثير من الأحيان هي أيضا كارثية بالنسبة للذين يعيشون في البرية لأن كل فيل يتم أسره، وعادة ما تُقتل الأم وما يقرب من 6 أو 7 أفيال أخرى في محاولة لحمايتهم من الصيادين.

من ناحيته، أشار أمان إلى أن المسؤولين في بوتن ليسوا على علم بتصاريح التصدير القانونية، لذا لم يكن هناك التزام بتطبيق أنظمة “cites”.

والفيلة الآسيوية هي من الفئة الأولى المدرجة في”Cites”، مما يعني أنها واحدة من أكثر الأنواع المهددة بالانقراض في العالم، وتُحظر التجارة فيها لأسباب تجارية.

وتابع أمان: “سمعت أن حديقة سفاري في دبي تستورد عددا كبيرا من الأفيال من لاوس، التي لا يمكن أن تكون قانونية لأنها من الفئة الأولى المدرجة في “Cites”. لا يجوز إصدار تصاريح تصدير لحيوانات في هذه القائمة إلا لمراكز تربية الحيوانات المعتمدة من “Cites”، التي لا يوجد منها في لاوس”.

وتعتقد “Stae” أنه ليس فقط من غير القانوني تصدير الأفيال من لاوس، لكن جميع المشتريات من قبل حدائق حيوان دبي والصين ومنتزهات السفاري تنتهك أيضا قوانين “cites”.

أمان صوّر حمولة تحتوي على 16 فيلًا في مطار العاصمة فينتيان، كان من المفترض أن تنقل جوًا إلى الإمارات العربية المتحدة، لافتا إلى أن الحيوانات كانت محملة في صناديق مخُطط لها الرحيل ليلا، لكن حصل خطأ ما، وتم إعادتها إلى محمية في لاوس بعد تدخل رئيس الوزراء.

وذكر أمان: “المادة الثامنة من الاتفاقية تُملي محاكمة الأطراف المتورطة في الاستيراد غير القانوني، ومصادرة الحيوانات المعنية، وإذا كان بالإمكان إعادتها إلى وطنها، لكن هذا لا يبدو أنه ينطبق على الصين”.

وفي مايو من هذا العام، أصدر رئيس وزراء لاوس، ثونجلون سيسوليث، أمرًا بإيقاف المتاجرين غير القانونيين في الحياة البرية.

وأوضح أمان: “المؤشرات تقول إن الأمور تتغير على جانب لاوس. ومع ذلك، لا توجد مؤشرات لحدوث نفس الشيء في الصين، حيث أصبحت حدائق الحيوان وحدائق رحلات السفاري مراكز ربحية كبيرة “.

لكن أمان وفريقه حددوا تصاريح غير قانونية صادرة إلى حديقة سفاري في دبي تستورد الحيوانات من لاوس.

وتستورد الصين الآن أعدادا متزايدة من الأفيال من زيمبابوي، وهي حيوانات مدرجة في قائمة cites الثانية، لذا فالواردات قانونية، رغم أن الظروف التي تواجهها هي نفسها. بالإضافة إلى ذلك، بدأت أيضًا تجارة جديدة من زيمبابوي إلى الإمارات العربية المتحدة.

وأشار أمان إلى أنه رأى 4 أفيال برية زيمبابوية في دبي بدت في الثاثة من عمرها، لافتا إلى أن موظفين خلف الكواليس قالوا له إن المزيد من الأفيال الإفريقية والأسيوية ستأتي.

وعلى الصعيد نفسه، قالت كيت: “لقد آن الآوان لتحميل هذه البلدان مسؤولية أفعالها القانونية والاعتداء على هذه الحيوانات المهددة بالانقراض، وتشجيع توعية أذهان جميع الذين يزورون هذه المرافق التي تقوم على سياحة الأفيال”.

وأضافت: “ينبغي على حكومة المملكة المتحدة أن تضغط على جميع نظيراتها في جنوب شرق آسيا للعمل الآن، قبل أن تفقد هذه الأنواع الثمينة إلى الأبد”.

يذكر أن منظمة “Stae” تضغط لحظر جميع الإعلانات والترويج لأي عطلات أو رحلات تضم الفيلة الأسيرة بسبب أساليب التدريب الخفية القاسية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى