سياسة

سي إن إن: كيف ساعد “آيفون” إردوغان في القضاء على الانقلاب؟

سي إن إن: كيف ساعد “أي فون” إردوغان في القضاء على الانقلاب؟

سي إن إن – إيد فين

ترجمة: محمد الصباغ

أظهر رد فعل الرئيس التركي رجب طيب إردوغان بعد محاولة الانقلاب الفاشل ضده، شيئا مهما في ما يتعلق بالقوانين القوية في وسائل التواصل الاجتماعي. وكأي نقطة تحول بالشرق الأوسط منذ 2011، اعتمدت الأخبار أولا وأخيرا على الهواتف الذكية.

لكن على العكس من الأحداث في ميدان التحرير بالقاهرة، والتي أطلق عليها “ثورة الفيسبوك،” لم يكن الثوريون في تركيا يشيرون إلى الكاميرات.

بدلا من ذلك، تابع العالم بدهشة وحدات من الجيش تتحرك في ليلة الجمعة في أسلوب أشبه بانقلابات الأفلام: استولوا على التليفزيون الرسمي للدولة، وأجبروا المذيعة على قراءة بيانهم.

وبعد 11 دقيقة من ذلك، رد إردوغان بذكاء وظهر على الهواء مباشرة خلال اتصال بقناة سي إن إن تركيا عبر تطبيق “فيس تايم”. كانت لحظة تاريخية، مع حمل رئيسة مكتب سي إن إن بأنقرة، هاندي فيرات، لميكروفون ووضعه أمام هاتف آيفون. رتب إردوغان للظهور فورا بشكل رئاسي وحميمي في نفس اللحظة، ليصنع توازنا بين خطابه القوي واتصاله الهش بوسائل الإعلام حول العالم.

في لحظة ما، انقطع الفيديو حينما حاول شخص ما الاتصال بالهاتف، في إشارة إلى حظ الرئيس في ترتيب اللقاء على الهواء من -كما نعتقد- منتجع مارماريس وسط الأجواء الفوضوية في تلك الليلة.

وربما بعد اكتشاف خطأهم، استولى منفذو الانقلاب على استوديوهات قناة سي إن إن تركيا بعد 3 ساعات. لكن بالطبع كان ذلك متأخرا: نجح إردوغان في إيصال رسالة لمناصريه بالنزول للشوارع، وبالفعل نفذوا ذلك.

هناك أسباب كثيرة لفشل الانقلاب، ولاحتفاظ إردوغان بقبضته القوية في تركيا. لكن هذه اللحظة تظهر حقيقة أوسع حول طبيعة السياسات في عصر السوشيال ميديا.

في مظاهرات التحرير، والتوثيق الأخير للشرطة وهي تقتل في الولايات المتحدة والقصص التي لا تحصى، أظهر لنا كيف لكاميرات الهواتف الذكية ومنصات التواصل الاجتماعي أن تمكن الأفراد.

لكن إردوغان ذكّرنا بأنه ليس كل مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي متساوين. فتطبق قوانين القوة، ومن يمتلكون نفوذا أكبر يجدون استخدام وسائل التواصل الاجتماعي أسهل ويكون مدى وصولها أوسع.

كاميرا الهواتف الذكية ليست أداة فعلية للديمقراطية. هي فقط تضخم كل ما يدور- والأقوياء كإردوغان وبشار الأسد في سوريا يتعلمون كيفية استخدام هذه الفورية في صالحهم.

تصميم الآيفون يخبرنا كيف يمكن القيام بمكالمة عبر تطبيق فيس تايم: نقرب الهاتف على بعد إنشات من وجهنا، ثم نكون على تواصل مع شخص آخر يفعل نفس الشيء في نفس التوقيت. استخدام إردوغان لفيس تايم جعل المتابعين يشعرون بالحميمية، وأظهر حضوره في وقت الأزمة. حاول الأسد الحصول على مكاسب دعائية مع حساب الرئاسة السورية على إنستجرام.

تحوِّل الحميمية الرقمية كل أنواع التبادلات السياسية، وتخلق نوعا جديدا من سينما الواقع كما هو مألوف مع كاتي بيري ودونالد ترامب. كما تمكن الفيديوهات الحية شهود العيان من شهادات قوية، لكن تعطي أيضا للسياسيين فرصة للاستفادة من محبي المشاهير واختصار الطريق التقليدي إلى وسائل الإعلام.

عندما يحدث ذلك، تتحول القواعد الأساسية للخطاب من تحرير الأخبار إلى التعليق. يستخدم الساسة المهرة وسائل التواصل الاجتماعي ليقولوا أشياء يمكن أن يفلتوا بقولها فقط عبر هذه المنصات.

هذه الحميمية الرقمية تأتي بتبعات غير متوقعة. بطرق عديدة، نحن نبدأ في استكشاف ما يعنيه الإقناع والصناعة القرار في عصر الاتصال المستمر. واكتسح دونالد ترامب منافسيه في الانتخابات التمهيدية لأنه فهم هذه الحقيقة أكثر من منافسيه في الحزب الجمهوري، والانتخابات القادمة ستكون شبه استفتاء حول عمل السياسة في الولايات المتحدة.

لكن على الأقل، من خلال عملية تطهير جماعي، أنهى إردوغان حتى على أي لمحة معارضة، وجعل دولته أقرب إليه، كما فعل مع كاميرا هاتف الآيفون خلال الانقلاب.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى