مجتمع

سام هاريس: حان الوقت للحديث بصراحة حول الإسلام

حان الوقت لمواجهة العقل الإسلامي دون صراخ مرضى الإسلاموفوبيا، فالتعامل مع الإسلام بتدقيق وعقلانية  لا يجب الخلط بينه وبين التعصب ضد المسلمين

دايلي بيست – ماجد نواز – سام هاريس

ترجمة:محمد الصباغ

كان لقاؤنا الأول مشؤوماً. شارك مؤخراً نواز”،متطرف إسلامي سابق تحول إلى إصلاحي إسلامي”، في نقاش عام حول طبيعة الإسلام. وبالرغم من قضائه خمس سنوات في سجن مصري لمحاولته إعادة خلافة العصور الوسطى، أصرّ نواز تلك الليلة وأكد على فكرة أن الإسلام في الواقع ”دين سلام“. أما هاريس الملحد الشهير والمنتقد الشديد للإسلام فكان من بين الحضور. وفي عشاء تلك الليلة، طلب من هاريس التعليق على الحدث. ووجه ملاحظاته مباشرة إلى نواز:

هاريس: ماجد، يبدو لي أن لديك مشكلة. أنت في حاجة إلى إقناع العالم –وخصوصاً العالم الإسلامي- بأن الإسلام دين سلام  اختطفه المتطرفون. لكن المشكلة هي أن الإسلام ليس دين سلام، وما يسمون بالمتطرفين يسعون إلى تنفيذ ما يمكن اعتباره القراءة الأصدق لتعاليم العقيدة.لذا يبدو أن مسار الإصلاح  مجرد إدعاء: يبدو أنك مجبر على التظاهر بأن التعاليم المذهبية هي شئ مختلف عن ذلك – على سبيل المثال، يجب أن تتظاهر بأن الجهاد ما هو إلا صراع داخلي مع النفس، بينما هو في الأساس عقيدة الحرب المقدسة. هنا، في هذه  الحجرة، ألا تستطيع أن تكن صادقاً معنا؟ هل مسار الإسلام إلى الأمام هو مسألة ادعاء بأن أشياء معينة حقيقية أحياناً و صعب أن تكون كذلك في أوقات أخرى؟

نواز: هل تقصد أنني كاذب؟

هاريس: ماذا؟

نواز: هل تقصد أنني كاذب؟

من الجيد أننا لم نجلس على نفس الطاولة، لأننا كنا الآن أقرب للقردة من المحاضرين. انتهت المحادثة فجأة، وبمشاعر سيئة. ولحسن الحظ، امتلأت الحجرة بالعشرات من الحوارات الجانبية، وهدأ التوتر.

الحديث عن الإسلام الآن هو أمر خطير. أصبح النقاش حول دور هذا الدين في العالم منبعا للتعصب والعنف. قتل رسامو كاريكاتير  في باريس لينتشر هتاف ”لقد انتقمنا لرسولنا!“ وتم ضرب مدونين علمانيين من بنجلاديش حتى الموت.

احترقت سفارات بسبب مقاطع فيديو على اليوتيوب. وترك الآلاف من الشباب والفتيات الحياة في المجتمعات الحرة من أجل الذهاب إلى تنظيم الدولة الإسلامي الهمجي والوحشي. ولسنوات، عانى السياسيون الغربيون لفهم تلك الظاهرة. وعانى الكثيرون أيضاً حتى لا يفهمونها، وأنكروا أي صلة بين ”المتطرفين المسلمين“ و الدين الإسلامي.

أصبح من الضروري الحوار حول حاجة الإسلام إلى إصلاح. لذا بدأنا حوارنا مرة أخرى وشكوكنا حول النوايا و النزاهة تبدلت سريعاً بثقة واحترام متبادل. ولم يتخيل أي منا مثل هذا الحديث البناء مع الآخر منذ عشرة سنوات. والنتيجة هو كتاب قصير، الإسلام ومستقبل التسامح.

ما تفتقده المناقشات حول ”المتطرفين المسلمين“ ، وما يتم التعتيم عليه في كل مرة من جانب المحللين مثل جلين جرينوالد، وريزا أصلان، وكارين أرمسترونج وحتى نيكولاس كريستوف وبين أفليك، هو قوة الأفكار الدينية المحددة مثل الشهادة، والتجديف والكفر والنبوة والشرف. لا تمثل تلك الأفكار مجمل الإسلام، لكنها أيضاً ليست غريبة  عنه. ولا توجد بدقة بنفس الطريقة في المعتقدات الأخرى. .

منذ 11 سبتمبر، ركز كل المجتمع الدولي على تدمير المنظمات الإرهابية مثل القاعدة وتنظيم الدولة، كما لو كانت عصابات جريمة تحتاج إلى إيقافها. أقل إحصائية لأي دولة في العالم ،من شمال إفريقيا إلى الحدود الشمالية الغربي، تظهر أن تلك الإستراتيجية قد فشلت، إلى أبعد مدى.

تلك الأيدلوجية التي نطلق عليها ”الإسلامية“ قد انتشرت ويجب مواجهتها مباشرة. بعد أكثر من عقد من الحروب التقليدية والمادية، يجب علينا أخيراً  البدء في حرب أفكار فعالة. مصطلح الإسلامية عادة يشار به إلى الإسلام السياسي، وهو الرغبة في فرض نوع من الإسلام على بقية المجتمع. الإسلاميين السياسيون مثل الإخوان المسلمون، بشكل عام لا يؤمنون باللجوء إلى العنف ،على الرغم من أن هناك ممارسات مختلفة عن ذلك حتى بين أذرع الإخوان نحو المشاركة الديمقراطية، بدءا من مرحلة بعد الإسلاميين مثل حزب النهضة في تونس إلى المحافظين شبه المستبدين مثل جماعة الإسلام في جنوب آسيا. أما ”الجهادية“ على الجانب الآخر، هي استخدام القوة لنشر الإسلام.

الإسلام السياسي هو فرع من الدين الإسلامي ويرسم الكثير من الهاماته من القرآن والحديث. وللتأكيد، لا يمثل المعتقد في كل أشكاله، لكن إن لم يتم تحديه، سوف تظل المشاكل الكامنة في التعاليم الحرفية الدينية والتعصب دون علاج وتستمر في الانتشار. وفي إحصائية عام 2014، نشرت في الحياة السعودية، وجد أن نسبة 92% من السعوديين يؤمنون بأن تنظيم الدولة الإسلامية ”يتفق مع قيم الإسلام والشريعة الإسلامية“. بشكل واضح، تنظيم الدولة له علاقة بالإسلام. هذه العلاقة بسبب القراءة الحرفية لبعض النصوص في الشريعة، وهي القراءة يتشارك فيها بعض السلفيين المقيمين في السعودية وداعش مثل آية في سورة المائدة تقول (وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُواْ أَيْدِيَهُمَا جَزَاء بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ).

بالطبع يحتوي الإنجيل على عبارات وحشية أيضاً. لكن هناك أسباب لاهوتية وتاريخية تجعل من السهل على المسيحيين واليهود تجاهلها الآن. للأسف، بدافع القلق الكبير وليس لإظهار التحيز، يعتبر الكثير من الليبراليين أن أي مناقشة حول المشاكل الخاصة التي يسببها ”الإسلاميون“ هي علامة على التعصب. هذا التوجه يغلق الباب في وجه الإصلاح.

عندما نقول عن داعش بأنها ”غير إسلامية“ كما قال الرئيس أوباما ورئيس الوزراء البريطاني كاميرون مؤخراً، فإننا على وشك بدء لعبة خطيرة مع الكلمات. فتسمية ومواجهة أيدولوجية الإسلاميين  هو الطريق الوحيد الذي يمكن من خلاله غير المسلمين مساعدة المسلمين الليراليين الذين يأملون في إصلاح معتقدهم من الداخل. وبالفشل في ذلك فنحن نتخلى عن بعض المسلمين الأكثر ضعفاً مثل المرأة والمثليين والمرتدين والمفكرين الأحرار والمثقفين، أشخاص كالمرشحح لجائزة نوبل رائف بدوي، الذي يجلد في السعودية بسبب “جريمة ” التدوين.

لا نتفق بشكل كامل حول كيفية التعرض بالنقد للدين في مجتمعنا، لكن نعتقد سوياً أن تكرار تفاهات مثل عبارة ”الإسلام دين السلام“ ، بينما  الكثير من المتعصبين يرونه دين حرب،يطمس  الفارق بين المسلمين االمتسامحين حقا،  وبين من يريدون إرجاع الإنسانية إلى القرن السابع.

عند الحديث عن الإسلام  بعقلانية وتدقيق لا يجب خلط ذلك بالتعصب ضد المسلمين. وبمصطلح  “الإسلاموفوبيا” الذي يتم استخدامه من أجل إسكات النقد المشروع فيكل مان من الجامعات وحتى بعض الصحافة الليبرالية، في المجتمع المفتوح لا ينبغي لفكرة أن تكون فوق الفحص كما لا ينبغي لإنسان أن يكون بلا كرامة.

يمكننا تجربة قوة الحوار الصادق في تلك الموضوعات. وبالرغم من التقائنا في ظروف عدائية علنية، إلا أننا بتحضر نظرنا إلى الأمام وانتهى الأمر بصداقة حقيقية. بدون هذا  النوع من العلاقة، سيكون الحل البديل هو استمرار العنف والتعصب. وجميعنا قد رأى الكثير بالفعل من ذلك.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى