سياسة

“ذا ترامبيت”:مصر تكتشف أن عداوة أميركا أفضل من صداقتها

مصر فهمت كإيران أن التحالف مع اميركا أقل راحة من عدواتها

ذا ترامبيت – برنت ناجتجال  ترجمة: محمد الصباغ

وضعت اتفاقية السلام المبرمة بين مصر وإسرائيل بوساطة أمريكية في أواخر السبعينيات حجر الأساس لاستقرار الشرق الأوسط الذى دام 40 عاما. ودعمت كل الحكومات الأمريكية عبر أربعة عقود اتفاقية السلام بتقديم الدعم لمصر وإسرائيل.

أهملت الإدارة الأمريكية الحالية بل وأهانت وهمشت الدولتين. بات التقليل الأمريكي من إسرائيل موثقا بشكل جيد، وهو ما يحدث الآن مع مصر تحت قيادة عبد الفتاح السيسي حيث تهمل أمريكا حليفها القديم.

هذه المعاملة الجافة تثير الاستغراب إذا ما وضعنا في الاعتبار أنه منذ اغتيال الرئيس المصري أنور السادات في 1981، لم تشهد المصالح المصرية تقاربا بهذا القدر مع المصالح الامريكية التقليدية. والموضوع بوضوح أن الإدارة الأمريكية هي فقط  “ليست تقليدية”.

تلك النقاط القليلة  انت لتجعل أي إدارة أمريكية  تحرص على التعاون مع السيسي:

– يعرف السيسي جيداً خطر الإسلام السياسي. وقد حذر كثيراً منه سواء كان تنظيم الدولة الإسلامية أو جماعة الإخوان المسلمين. ففي دولة تعداد سكانها 90 مليون نسمة تقريباً أغلبهم مسلمين، وجه السيسي اللوم للقيادات الدينية بسبب عدم قيامهم بما يكفي لمواجهة الإسلام المتشدد.

في خطاب يعد نقطة تحول ألقاه أمام قيادات الأزهر الدينية في  يناير، قال السيسي متحدياً: ”هل من الممكن أن 1.6 مليار مسلم يريدون أن يقتلوا بقية سكان العالم، 7 مليار نسمة، من أجل أن يعيشوا هم؟ مستحيل!.. أقول و أكرر مرة أخرى أننا في حاجة إلى ثورة دينية. وأنتم أيها الأئمة تلك مسؤوليتكم أمام الله. العالم بأكمله وأكرر العالم بأكمله في انتظار خطوتكم القادمة“.

– يعارض السيسي الإخوان المسلمين وحركة حماس. ففي أكتوبر 2014، حظرت حكومة السيسي حركة حماس واعتبرتها منظمة إرهابية. و في فبراير، أيدت محكمة مصرية ذلك القرار. وكانت تلك هي المرة الأولى التي يصنف فيها نظام عربي منظمة فلسطينية بالإرهابية. منذ وصوله إلى الحكم بدأ السيسي في القتال ضد حركة حماس في قطاع غزة. وبتكلفة كبيرة على الدولة، أقام منطقة عازلة على طول الحدود مع قطاع غزة تمتد لميل. ونقل الأهالي ودمر المنازل لوقف التهريب إلى غزة.

وطالب السيسي أيضاً حماس بإنهاء تدريباتها الإرهابية ووقف التسلح. وذهب في هذا الأمر إلى أبعد مما وصل إليه الرئيس السابق حسني مبارك. يقول إيال زيزار، عميد الكليات  بجامعة تل أبيب: ”كان مبارك عجوزاً، وخائفاً من الرأي العام ولم يجرؤ على فعل ذلك. بينما السيسي لم يهتم، فهو يقاتل في حالة حرب ويعرف من هو العدو”.

– يتفهم السيسي المخاوف الأمنية لإسرائيل. وفي عدد من لقاءاته، صرح السيسي عن دعمه لإسرائيل في حربها ضد حماس ليس فقط ذلك بل أيضاً ضد النووي الإيراني. وقال لـ”واشنطن بوست” في 12 مارس ”نتفهم المخاوف الإسرائيلية“. وقال إنه تحدث إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ”كثيراً“. بينما قال اللواء المتقاعد المصري سامح سيف اليزل لـ”وول ستريت جورنال” في 18 مارس: ”هناك اهتمامات مشتركة بين مصر والسعودية، و ليس سراً أن أقول، ومع إسرائيل أيضاً“.

دفعت التطورات الأخيرة كارولين جليك، نائب مدير تحرير جيروزاليم بوست، أن تقول في 5 فبراير: ”اليوم الحليف الأقرب لإسرائيل هي مصر. وفي ظل إدارة أوباما، أمريكا هي القوة التي تعمل بعيدا عنها وليس معها”.

– يدافع السيسي عن حرية التجارة البحرية في البحر الأحمر. في بداية العام، استخدمت إيران وكيلها الحوثي للإطاحة بالحكومة اليمنية من أجل السيطرة على التجارة بمضيق باب المندب المدخل الجنوبي للبحر الأحمر. وردت مصر التى تحمي قناة السويس في شمال البحر الأحمر بقوة، وحذرت من أنها ستدافع عن حرية الحركة في باب المندب. وقال مهاب مميش، رئيس هيئة قناة السويس، إن مصر ”لن تقبل“ بإغلاق الممر المائي. ودعا السيسي أيضاً الرئيس اليمني المطاح به، عبد ربه منصور هادي، وهو تاريخيا حليف لأمريكا، إلى القمة العربية في منتصف مارس، وبذلك أظهر السيسي رفضه لشرعية الإستيلاء الإيراني على اليمن.

– يعزز السيسي الحريات الدينية في مصر. وبينما تعاني الكثيرمن مناطق الشرق الأوسط من تدهور في ذلك، شجع السيسي المساواة في الحقوق لكل الأديان. وزار الكنيسة القبطية في إحتفالات عيد الميلاد، ليكون أول رئيس مصري يبادر بتلك الخطوة. ووفقا لتقرير نشرته “وول ستريت جورنال” في 16 فبراير ”نصب (السيسي) نفسه كمدافع عن حقوق مسيحيي مصر“.

– يدعم السيسي تحالفاً عربياً لقتال تنظيم الدولة الإسلامية. طالما قال محللون أمريكيون جيوسياسيون إن هناك حاجة لدول سنية لقتال الدولة الإسلامية السنية. وتفعل مصر ذلك بالضبط. وذكرت “الأسوشيتد برس” في تقرير بتاريخ 18 فبراير أنه ”بينما تقاتل مصر المتشددين في شبه جزيرة سيناء، تحاول تنظيم تحالفاً دولياً ضد الدولة الإسلامية في ليبيا وتساعد السعودية في حماية حدودها“.

كل النقاط السابقة تجعل من أي حكومة أمريكية سابقة راغبة في التعاون مع مصر تحت قيادة السيسي. بينما الإدارة الحالية التى تعتبر السيسي ”منتهكاً لحقوق الإنسان“، لم تفعل شيئاً لتقوية العلاقات بل علقت المساعدات العسكرية التي تحتاجها مصر بشدة.

وعلى العكس، عندما وصل الإخوان المسلمون إلى الحكم في عام 2012، استمر الدعم الأمريكي المالي لمصر في التدفق. وكتقويض لحكم السيسي أيضاً، استضاف الرئيس أوباما مؤخراً وفداً إخوانياً في البيت الأبيض. و كتب جوناثان توبين في مجلة “Commentary” بتاريخ 12 مارس: ”تضغط الولايات المتحدة بشدة على الحكومة المصرية بالمساعدات العسكرية التي تحتاجها لقتال تنظيم الدولة الإسلامية وإرهابيي سيناء“. وأضاف: ”كما تعلمت الحكومة الإسرائيلية من معاناتها، فهمت مصر الآن أن تحالفها مع الولايات المتحدة هو أمر أقل راحة من عداوتها كما تفعل إيران”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى