إعلاماقتصادسياسة

ديفيد جولدمان : مصر جمهورية الموز .. بلا موز

GOL

خبير الاقتصاد الأميركي ديفيد جولدمان يصف مصر بأنها “جمهورية موز بلا موز”، ويسخر من أوهام “الديمقراطية الإسلامية ” التي هيمنت على الربيع العربي

خبير الاقتصاد ديفيد جولدمان ـ عن  Pj Media

ترجمة: منة حسام الدين

 

في القترة ما بين فبراير 2011 الذي شهد سقوط الرئيس حسني مبارك والانقلاب العسكري في يوليو 2013، الذي أطاح بنظام الإخوان المسلمين المشؤوم، نشرت ما يقرب من عشرين مقالًا أعتبر فيه أن الاقتصاد المصري هو المشكلة.

مصر هي “جمهورية موز ”  ولكن بلا موز، فهي تعتمد على الواردات من أجل إشباع نصف حاجتها من الاستهلاك.

أما وزارة الخارجية، فقد تجاهلت السقوط الحر للاقتصاد المصري، وركزت نظرها على من يديرون المسرح السياسي. وليبراليو  إدارة أوباما اتفقوا  مع المحافظين الجدد على أن “الربيع العربي” سينتج عنه عهد جديد من الديمقراطية الإسلامية، كما أن الثنائي جون كيري وجون ماكين أشاروا بالتعامل بصبر وتعاطف مع الإسلاميين المصريين.

وثبت أن كل هذا وهم بعد أن تبينت الأحداث: فقد خرج غالبية السكان المصريين البالغين، ما يقرب من 40 مليون مصري، إلى الشوارع خلال صيف 2013 للمطالبة بالإطاحة بالإخوان المسلمين.

والآن، وبعد مرور وقت طويل على تلك الواقعة، خرج ستيفن كوك، من مجلس العلاقات الخارجية ليحذر من الإفلاس الوشيك الذي قد تعاني منه مصر، ويحث المعونة الأميركية على تفادي ذلك الإفلاس، تحت ما يسمى بـ “مذكرة التخطيط للطواريء”.

 وكتب دكتور كوك يقول إن “مصر تعاني من أزمة اقتصادية حادة، احتياطها من العملة الأجنبية حاليًا أقل بمعدل النصف عما كان عليه قبل انتفاضة يناير عام 2011، وهو ما يهدد قدرة مصر على دفع ثمن الغذاء والوقود.

ووصل عجز الموازنة المصرية إلى 14% من إجمالي حجم الناتج المحلي، والدين العام، وذلك بسبب العجز المتراكم أكثر من كونه بسبب الناتج الاقتصادي للبلاد.

في هذا المناخ الاقتصادي الصعب، يعيش حوالي 45% من المصريين على أقل من دولارين يوميًا، كما أن التضخم الذي ارتفع لما فوق الـ 12,97% بعد الانقلاب العسكري، وصلت نسبته حاليًا إلى 11,4%.

كما أن عائدات السياحة، التي كانت تعتبر وبشكل أساسي مصدرًا رئيسيًا للعملة الصعبة، جنبًا إلى جنب مع إيرادات قناة السويس وتحويلات العاملين في الخارج، أضبحت في مستوى أقل من النصف عما كانت عليه في السنة المالية الكاملة قبل انتفاضة يناير.

وبالنسبة للاستثمارات الأجنبية المباشرة، فقد ابتعدت تمامًا عن قطاع الطاقة، ووصلت نسبة البطالة إلى 13,4 %، حيث تصل نسبة العاطلين العمل والذين  تتراوح اعمارهم ما بين 15 و29 عامًا إلى 71%.

هذا الضعف الاقتصادي يجعل من الصعب سياسيًا حل المشكلات التي تساهم في أزمة الافلاس المحتملة، لأن الإصلاحات اللازمة ستزيد من المشقة على السكان، وهم يواجهون بالفعل صعوبات اقتصادية”.

يريد “كوك” أن تستأنف الولايات المتحدة الأميركية مساعداتها إلى مصر، كما يتمنى أن تتصالح مصر مع صندوق النقد الدولي، وذلك بعدما علقت إدارة أوباما مساعداتها العسكرية لمصر، وبالتزامن مع دفع السعودية 2 بليون دولار من أجل شراء الأسلحة من روسيا.

ومن الجدير بالإشارة أن كوك قد لاحظ مشكلات مصر الاقتصادية، لكن الوضع قد تغيرّ، أولاً: دول الخليج العربي تموّل الاحتياجات الطارئة لمصر، وستستمر في ذلك لبعض الوقت، لأن العالم السُني لن يسمح بانهيار أكبر دولة عربية من حيث عدد السكان، في الوقت الذي تحاول فيه تلك الدول وضع نفسها في مواجهة إيران.

لكن أخطر ما يتضمنه حديث دكتور “كوك” هو الافتراض بأن الفراغ الذي سيتركه ذلك الخطأ الأميركي المتعمد، سيستمر إلى أجل غير مسمى، هذا الخطأ الذي أشار إليه خبر صغير من وكالة أنباء الشرق الأوسط جاء فيه:

“قال السفير الصيني لدى مصر، سونج ايجو، إن حجم الاستثمارات بين بلاده ومصر وصلت إلى 10 بليون دولار خلال عام 2013”.

وخلال مشاركته في مؤتمر صحفي جمعه بوزير السياحة المصري في الغردقة، أضاف أن الاستثمار المتبادل بين الدولتين سيزيد، خاصةً وأن الصين قد رفعت في ديسمبر الماضر قرار حظر السفر إلى مصر، وأكد أن 3000 سائح صيني زاروا مصر الشهر الماضي.

وبالحديث تفصيليًا عن ذلك الشأن، وقّعت مصر والصين بداية الشهر الحالي مذكرة تفاهم بقيمة 800 مليون دولار لتصميم قطار فائق السرعة يمتد من الحدود الشمالية للبلاد وصولا إلى أسوان.

وحسب بعض التقديرات، من المقرر أن تستثمر الصين بقيمة 1,5 تريليون دولار في أفريقيا خلال الخمسة عشرعامًا المقبلة. ولأن مصر هي الجسر البري لأفريقيا، فهي ستكون حافزًا لتبني الصين الطريق الذي سيمتد من بكين إلى البوسفور.

بعد ثلاث سنوات من الهلوسة حول مستقبل الشرق الأوسط، استيقظنا الآن على عالم مختلف بلاعبين جدد ومجموعة جديدة من المشكلات، أصبحنا خارج اللعبة، ندان لأننا نبدو كأننا نشاهد بعجز اللاعبين الجدد، أو كاننأ لا نريد أن نشاهد ما يحدث من الأساس، فمؤسسة السياسة الخارجية تبدو كأنها غافلة عن التغيرات الكبيرة التي تدور حولها.

عزائنا الوحيد هو أننا لم نعد بحاجة إلى خدمات خبراء الشؤون المصرية  في مراكز أبحاثنا.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى