سياسة

خيارات صحيّة أقل.. الوجبات السريعة في حياة المصريين شر لا بد منه

خيارات صحيّة أقل.. الوجبات السريعة في حياة المصريين شر لا بد منه

munchies

ترجمة- غادة قدري

عند الحديث عن سوء التغذية، لا يمكن إغفال مصر التي حلت في المراتب الأولى من حيث انتشار السمنة، ما دفع موقع “munchies” لنشر تقرير عن تلك المشكلة الصحية، إذ برزت ضمن الدول الأعلى من حيث انتشار زيادة الوزن بين البالغين. ويعزوا الخبراء ذلك إلى انتشار سلاسل الوجبات السريعة، والمطاعم الأخرى المحلية، وتطبيقات الإنترنت التي سهلت مهمة الحصول على الطعام بسهولة.

مروان الإمام وهو مخرج سينمائي يبلغ من العمر 29 عامًا يقطن في ضاحية القاهرة الجديدة، يقضي ساعات طويلة في التصوير والمونتاج في الاستوديو، وكثيرًا ما يشعر بالجوع في ساعات العمل ويضطر إلى طلب الوجبات السريعة ويقول: “أعمل لمدة 15 ساعة في اليوم، وعندما يتعلق الأمر بالطعام، ألجأ دائما إلى الخيارات السهلة”.

يفضل الإمام مطاعم ماكدونالدز وكنتاكي وهارديز، لأن لديها خيارات سهلة ويتم تسليم الطلبات في أي مكان تقريبا داخل العاصمة، كما أن فروع تلك المطاعم مفتوحة على مدار 24 ساعة في اليوم. ويطلب الإمام طعامه بمعدل ثلاث أو أربع مرات في الأسبوع.

ويبلغ وزن إمام حوالي 136 كيلوجراما، وهو أيضا من بين ثلث البالغين المصريين المصنفين على أنهم يعانون من السمنة المفرطة.

الوجبات السريعة في كل مكان في القاهرة، الشوارع معبأة بمطاعم الوجبات الجاهزة والطرق مزدحمة بالدراجات النارية الصينية الصنع والتي تحمل على عاتقها نقل الأطعمة إلى الزبائن.

توصيل الطلبات إلى المنازل من بين الخدمات الأوفر والأرخص في مصر والتي يعاني 22 مليونا من مواطنيها الفقر، في المقابل فإن خدمات التوصيل لا يتحملها المواطن الغربي، وتقتصر فقط على الأشخاص من الطبقات العليا.

وفي تقديره يرى عمر رحيم مستشار تسويق يبلغ من العمر 31 أنه ربما لا يخرج نصف الناس من مكاتبهم في أوقات الراحة والغداء وذلك بسبب انتشار خدمة تسليم الأغذية إلى مقرات العمل.

تسليم الأغذية جزء رئيسي من حياة القاهرة، يمكنك طلب كل شيء ليصل إلى منزلك، من “الفياجرا” إلى طعام الكلاب.

يقول رحيم: “سوف تفاجأ من كم الناس الذين يطلبون وجباتهم في وقت متأخر من الليل”.

وتابع: “أحيانا أعود لمنزلي في وقت متأخر مثل 12 أو 1 صباحا، وأكون جائعا للغاية فأطلب من ماكدونالدز، في مدينة مزدحمة مثل القاهرة، أسهل شيء طلب الوجبات لتأتي إليك حيثما تكون”.

رحيم ليس استثناءً، 70 في المئة من المصريين يعانون الوزن الزائد، ويعيش رحيم في شقة بغرفة نوم واحدة لكنه يعمل ساعات غير منتظمة، ومطبخه غير مجهز وبسبب ذلك فهو يطلب نصف وجباته من مطاعم الوجبات السريعة مثل “تكا”، وبعض مطاعم المشويات المصرية و”ماكدونالدز” و”هارديز” و”بيتزا هت”.

تقارب ثقافي ومخاطر صحية

تقول الدكتورة منى موافي وهي عالمة زائرة من كلية الصحة العامة بجامعة هارفارد: “الفقراء في مصر يتطلعون للوجبات السريعة العالمية كنوع من التقارب الثقافي، ولكن وجبة عائلية من كنتاكي مثلا تكلفهم أكثر من ثلث متوسط المرتب الأسبوعي”، مضيفة أن الفقراء لا يستطيعون تحمل سعر تلك الوجبة، ومع ذلك حلت مصر في المرتبة الثانية وفقا لإيكونوميست التي وضعت مصر في المرتبة الثانية من حيث استهلاك وجبة “بيج ماك” من ماكدونالدز.

هناك خيارات أخرى للمواطن المصري محدود الدخل، ففي منشية ناصر وهي أحد الأحياء الفقيرة، يقيم عيد كمال، يبلغ من العمر 36 عامًا، ويعمل في ورشة صغيرة للوازم السباكة لمدة 10 ساعات في اليوم، ولا يجد وقتًا كافيًا للذهاب إلى المنزل لتناول طعام صحي، ويطلب يوميًا إفطاره وغداءه ليصله إلى متجره، والذي يتنوع ما بين الفول والطعمية، أو ساندويتشات الكبدة، أو الكشري وقت الغذاء، فضلًا عن عادة تناول الشاي بالسكر بضع مرات كل يوم، وجميعها أطعمة غير صحيّة غارقة في الدهون المشبعة والنشويات والسكر.

السمنة والخلفية الطبقية

قبل بضع سنوات، أجرت الدكتورة منى موافي من جامعة هارفارد دراسة لتقييم العلاقة بين السمنة والخلفية الطبقية في عدد من الدول من بينها دول العالم النامي، حيث يميل الفقراء إلى أن يكونوا أنحف ويكون الأغنياء أكثر عرضة لزيادة الوزن.

لكن الدراسة التي أجرتها موافي كشفت العكس، إذ إن الأثرياء الذين يملكون المال كانت لديهم فرصة أكبر للتعليم والتثقيف وهم يتناولون الطعام الصحي، في حين أن الفقراء يتناولون مأكولات غير صحية وأكثر عرضة لزيادة الوزن، أما بالنسبة إلى مصر فقد كشفت الدراسة انتشار السمنة بالتساوي بين جميع الطبقات.

ويعاني المصريون من مجموعة من المشكلات الصحية المتعلقة بسوء التغذية، فإلى جانب السمنة تتصدّر مصر أعلى معدلات الإصابة بمرض السكري في العالم، ويتم تشخيص ما يقرب من 16 في المئة من البالغين في سن العمل بالمرض ويموت 86.500 شخص كل عام، وذلك وفقا لدراسة أجريت عام 2014.

مشكلات صحية أخرى يعاني منها المصريون غير داء السكري مثل النقرص والتهاب المفاصل، ومشكلات المعدة والقاولون.

وحسب دراسة الدكتورة منى موافي فإن الحكومة المصرية لا تفعل شيئا لمواجهة السمنة بل إنها تدعم منتجات الزيوت لضمان استفادة الفقراء من الدعم الغذائي. ويستفيد 80 في المئة من المصريين حاليًا من الخبز المدعوم من الدولة والدقيق والأرز وزيت الطهو والسكر والشاي، في نفس الوقت ترتفع أسعار الخضراوات والفواكه بالتزامن مع الأزمة الاقتصادية علما بأن بعض الدول الغربية تُخضع استخدام الزيوت المهدرجة والدهون المتحوّلة إلى قيود وضرائب.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى