ترجمات

حقوقي بريطاني للإندبندنت: الإسلام يستطيع أن يمنع المزيد من التحرش الجنسي

كيف تساعدنا تعاليم الإسلام أن نمنع المزيد من فضائح التحرش الجنسي

المقال لجريدة إنبدندنت للكاتب قاسم راشد

إن هارفي واينشتاين لا يعد إلا حالة أخرى للرجل النافذ الذي يستغل النساء؛ لأننا نعيش في مجتمع يسمح له أن يفلت بفعلته. وفقاً للإحصاء الذي أجرته RAINN فإن واحدة من كل ست نساء تعرضت للاغتصاب أو لمحاولة اغتصاب خلال حياتها. أنا مسلم، ومحامي حقوق مدنية أهتم خصيصاً بحقوق النساء، ودفاعي لا يستند إلى القانون فحسب، بل إلى تعاليم الإسلام والنبي “محمد” التي تعزز من التحجيم من الاستغلال الجنسي.

لنبدأ بالتأكيد على حقيقتين: أولاً، إن زي المرأة، وتعليمها، وتناولها للكحول من عدمه، وحالتها الاجتماعية لا تساهم في الاستغلال الجنسي الذي يعتاده الرجال الفاعلون. ثانياً، إن هذا لا يحدث من فراغ؛ فكل طبقة من المجتمع بعاداته، وأدوات الإعلام، والحكومة تسهم في خلق ثقافة تمهد وتكرس لتقبل الأذى الجنسي.

الأعراف المجتمعية تشيطن المرأة التي تفضح المتحرش، وتسألها عما كانت ترتدي، وإذا ما أوحت تصرفاتها للمعتدي بالقبول، ولم لم تتحدث باكراً. وتوطد وسائل الإعلام من هذه الثقافة حين تتغاضى عن أصوات النساء. لم لم تهتم الصحافة بقصة واينشتاين حين تحدثت روز ماكجواين صارخةً بما يفعله؟ ولم يدفع المجتمع هؤلاء المعتدون للنجاح رغم عقود طويلة من شكاوى التحرش ضدهم؟

كيف يمكننا أن نركن إلى حكومة لا تسجن 97% من المغتصبين ليوم واحد؟ حكومة  تكافئ المغتصب بحقوق مساوية في حضانة الطفل المولود عن واقعة الاغتصاب؟ ما يرسخ حقيقة أن الدولة ليست لاعباً أخلاقياً وإنما الناس هم الأقرب للقيم.

من المفزع أنه رغم القوانين الفرنسية التي تجرم التحرش الجنسي فإن 100 بالمئة من الفرنسيات يتعرضن للتحرش في المواصلات العامة. ورغم محاولتهم تمرير قانون جديد فإنه سيفشل كذلك؛ لأنه يجرم الفاعل إذا أتم جريمته لا يجرمها هي من الأساس.

وهنا تتجلى فعالية تعاليم الإسلام في تقديم حل لا تستطيعه قوانين الدول. وبينما لا يؤمن الناس أن هناك أزمة حادثة بسبب التحرش الجنسي، يؤمن البعض على أقصى اليسار أن إبقاء الحل بيد سلطة القانون سيكون نافعاً. إن الإسلام يقر بأن المحاسبة بيد الله، لكنه يفرض نموذجا عمليا فاعلا، بدلاً من الوعظ العقائدي البحت.

إن القرآن يؤسس للمساواة بين الرجل والمرأة كبشر بالأساس، ويحرم على الرجال أن يفرض عليهن أي أفعال خارج إرادتهن، ويحتفظ لهن بالاستقلالية (يحفظ حقوقهن في الاختيار). كما يأمرهم بمعاملة المرأة بالرحمة والحب، حتى أنه يجرم سوء الظن بالزوجات.

وبينما يوجب القرآن على الرجال نفقة زوجاتهم، يمنعهم من المساس بأموالهن الخاصة (يحفظ حقوقهن المادية). وإذا ما أتينا إلى فرض الحجاب، سنجد أن الرجال أُمروا أولاً بأن يغضوا أبصارهم عن النساء، ويتعففوا عن الحرام مهما اختارت المرأة أن ترتدي وتؤدي الفريضة أم لا.

وأشار النبي “محمد” في واقعة شهيرة إلى ذلك المعنى، فقد جاءت إليه امرأة باهرة الجمال لتستفتيه في أمر، ونظر إليها واحد من أصحابه، وبدل أن ينظر النبي إلى ثيابها، مد ذراعه وأدار وجه الفضل عنها لينبهه أن لا يحدق بها. وهنا يرسي النبي لحقيقة أن عبء العفة وإيقاف استغلال المرأة جنسياً يقع على الرجال أولا، وحينما أمر القرآن المرأة بالحجاب، لم يورد أي عقاب دنيوي لها إذا لم تفعل.  وعلى النقيض؛ عاقب النبي مرتكبي الاغتصاب، معتمداً على شهادة الشهود فحسب ولم يفتش حول المرأة.
وفي هذه الأجواء من المساوة، ارتفعت مكانة المرأة إلى فقيهة في الدين، وسيدة أعمال، ومحاربة، بينما احتفظت بهويتها كأم وسيدة منزل.
وما واينشتاين إلا عرض للمرض الأكبر من الغرور، انعدام المسؤولية، التقبل المجتمعي الذي لا يصم الرجال الفاعلين. لكن الإسلام والنبي “محمد” قدما حلاً عملياً لهذا.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى