اقتصادسياسة

حرب اليمن في صحافة العالم: إيران والسعودية و”شبح” عبد الناصر

نشطاء من الحراك الجنوبي لأسوشيتد برس: الجنوب سوف يظهر إلى العالم بقيادة جديدة و نقاتل دفاعاً عن الجنوب و ليس لإعادة هادي  

ترجمة وإعداد – محمد الصباغ

بدأت القوات السعودية فجر أمس ضربات جوية ضد معاقل لجماعة أنصار الله ”الحوثيين“ في مناطق متفرقة من اليمن. وجاء الهجوم بعد دقائق من بيان لمجلس التعاون الخليجي  دان  فيه ما سماه “العدوان الحوثي على الشرعية”، وأعلن التدخل في اليمن استجابة لطلب من الرئيس عبد ربه هادي.

و أطلقت المملكة على العملية اسم ”عاصفة الحزم“، وشارك فيهاعشر دول هي (السعودية – الإمارات – الكويت – مصر – قطر – المغرب – الأردن – السودان – باكستان – البحرين). ورحبت الخارجية المصرية بالعملية في بيان رسمي وأكدت تنسيقها مع السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي واستعداد مصر للمشاركة الجوية والبحرية وأيضاً قوات برية إذا لزم الأمر.

و من جانب آخر أعلنت إيران إدانتها التامة للتدخل السعودي وقالت وكالة فارس الرسمية الإيرانية إن وزير الخارجية محمد جواد ظريف طالب بوقف فوري لجميع “الاعتداءات” العسكرية على اليمن وشعبه محذراً من أنها ستزيد من عمق الأزمة. وتتهم السعودية إيران بتمويل المقاتلين الحوثيين بغرض بسط نفوذها على مساحات جديدة بالمنطقة. وتنفي إيران اتهامات دعمها وتمويلها للحوثيين.

كان السفير السعودي في واشنطن عادل الجبير، قد قال في مؤتمر صحفي إن عملية ”عاصفة الحزم“ تمت بموافقة الولايات المتحدة الأمريكية لكنها لا تتدخل ميدانياً. فيما ذكرت برناديت ميهان، المتحدثة باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي أن الرئيس أوباما أقر المساعدات اللوجيستية و الإستخباراتية مع عدم مشاركة أمريكا في أي عمل عسكري مباشر في اليمن. بينما دعت موسكو “أطراف النزاع في اليمن والحلفاء الخارجيين إلى وقف الأعمال القتالية”. وأبدت استعدادها للمساهمة في تسوية تحفظ سيادة اليمن ووحدة أراضيه.

وركزت معظم الصحافة الأجنبية على الأزمة اليمنية باعتبارها صراع نفوذ سعودي إيراني في المنطقة. وذكر أحد مقاتلي البحرية السابقين الذي كان قريباً من الشأن اليمني ،مايكل لويس، للجارديان أن ”الأمر كله صراع شيعي سني، السعودية ضد إيران. الولايات المتحدة لا يمكن أن تقف على الحياد. لن يستوعب ذلك أحداً. ما نريده هو اختيار أحد الأطراف“. وأضاف موقع الجارديان أن التقدم الذي حدث هو عبارة عن مرحلة من المواجهة بين إيران،الداعمة للحوثيين، والقوى الإقليمية التي تسعى لتقليل نفوذ الدولة الإسلامية في المنطقة.

و ذكرت “الإندبندنت” أن اليمن وهي من ضمن الدول الأكثر فقراً في الوطن العربي، تواجه خطر أن تكون موقعاً لحرب بالوكالة يشارك فيها أكبر القوى في المنطقة.

و مع بدء تقدم الحوثيين نحو الجنوب بدأت أصوات النشطاء الجنوبيين ،المطالبين بالإنفصال، في الإرتفاع. وفي تقرير لوكالة أسوشيتد برس، ذكرت الوكالة أن مدينة عدن بجنوب اليمن تمتليء شوارعها بشعارات منادية بالإنفصال، ويرتفع فيها علم دولة الجنوب في كل مكان. وأكد التقرير أن الكثيرين في الجنوب يقاتلون ليس من أجل إعادة حكم منصور هادي ولكن من أجل الحصول على دولتهم المستقلة.

 وقال شفيع العبد، الناشط بالحراك الجنوبي للوكالة إنه بالفعل يوجد أعضاء من الحراك الجنوبي يقاتلون بجانب قوات عبدربه هادي ضد الحوثيين. وأضاف: ”من واجبنا الدفاع عن الجنوب. إنها حرب يمكن أن تكون واحدة من أجل الحرية والإستقلال، فنحن في الحراك سوف نتخلى عن سلميتنا وسنحمل السلاح ضد الحوثيين“. وقال ردفان الدبيس الناطق باسم الحراك الجنوبي في عدن: ”الجنوب سوف يظهر إلى العالم بقيادة جديدة“.

أما وكالة رويترز للأنباء فقد استعرضت بعض الآراء لخبراء دوليين حول الأزمة اليمنية عقب ”عاصفة الحزم“، فقال جون مكارثي رئيس معهد استراليا للشؤون الدولية إن “السعودية تخشى أن يصبح اليمن وكيلاً لإيران ويسيطر في الأساس على بلد تهيمن عليه السعودية ومهم للمصالح السعودية. فالمملكة تنظر لما تحققه إيران من تقدم في العراق وأعتقد أنها تجد نفسها تحت ضغط من دولة تعتبرها منافسها الرئيسي على الهيمنة الإقليمية. ولن أندهش إذا شهدنا دعما بريا سعودياً في مرحلة ما. ففي غياب الأمريكيين الذين تركوا الساحة بصفة مؤقتة سيحسب السعوديون أنه ليس أمامهم خيار سوى الدخول بقوة. وسنشهد إعادة رسم للمنطقة”.

وقالت سوزان دالجرين، الأستاذ المساعد الزائر للأبحاث بمعهد الشرق الأوسط في الجامعة الوطنية بسنغافوره: “في عام 2009 تم استخدام القوة الجوية السعودية لمساعدة الجيش اليمني في قتال الحوثيين لكنها لم تنتصر. ولذلك يتعين على السعوديين أن يكونو أكثر حرصا الآن. حتى الآن لم يقصفوا الجنوب المزدحم بالسكان. وأرجو أن يظلوا على هذا المنوال لفترة طويلة. فمن الضروري أن تقبل أغلبية الشعب اليمني التدخل العسكري”.

ويقول جانج جي هيانج مدير مركز الشرق الأوسط وشمال افريقيا بمعهد آسان للدراسات السياسات في سول: “لماذا الآن؟ السعودية مستاءة من المحادثات النووية بين ايران والولايات المتحدة التي يبدو أنها تحرز تقدما. لكن من غير المرجح أن ترد ايران على العملية السعودية في اليمن لأنها لا تريد أن تصبح طرفاً صانعاً للمشاكل بالتورط في صراعات في الوقت الذي يظل فيه الاتفاق النووي معلقا”.

و حذرت الصحافة أيضاً من المصير الذي تنتظره قوات التحالف الخليجي العربي لو قاموا بنشر قوات برية في اليمن، فعاد موقع ”إنترناشيونال بيزنس تايمز“ بالذاكرة إلى الخلف وحذر السعودية وتحالفها مما حدث أثناء حكم عبد الناصر، عندما أرسل الرئيس المصري قوات برية إلى اليمن لمعاونة الجمهوريين ضد الملكيين خلال حقبة الستينيات، و كان الأمر أشبه بالكارثة. و دخلت مصر في متاهات السياسات الداخلية العنيفة و المعقدة.

و فقدت مصر في ذلك الوقت مئات الجنود و دمر الجيش المصري مما كان له أكبر الأثر في هزيمة عام 1967 ضد إسرائيل.

أما موقع فورين بوليسي فقد ذكّر المملكة بتدخلها برياً عام 2009، وقال إن إرسال السعودية لقوات برية قد يذهب بالأمر إلى طريق مسدود. و ذكر الموقع أنه من الأفضل للجيش السعودي ألا يتورط برياً في الشمال بسبب الجبال والمناطق الوعرة، والأفضل هو القيام بعمليات جوية مع عدم وجود قوات على الأرض.

وفي الجانب الإقتصادي فقد حذر الكثيرون من الأزمة وتأثيرها على أسواق النفط العالمية بسبب تدخل دول الخليج المورد الأكبر للنفط في العالم. ففي موقع جريدة “تليجراف” ذكر أن أسعار النفط وصلت إلى أعلى معدل لها منذ أسبوعين مع بدء العملية العسكرية السعودية في اليمن.

و قال ماساكي سويماتسو، مدير وحدة الطاقة بشركة نيو إيدج اليابان للوساطة المالية في طوكيو لوكالة رويترز، إن “مجرد شن السعودية وآخرين غارات جوية لا يعني أن أسواق النفط سيقل فيها المعروض فجأة. لكن ستحدث تبعات. وإذا تعرضت منشآت النفط السعودية للهجوم سيكون الأثر هائلا”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى