ترجماتسياسة

جيروزاليم بوست: روسيا تحول سوريا إلى “حقل تجارب عسكري”

“جيروزاليم بوست”: مسؤولون روسيون رفيعو المستوى يدعون أن الدول تصطف لشراء معدات جربت ميدانيا

ترجمة: ماري مراد

المصدر: جيروزاليم بوست

نشرت صحيفة “جيروزاليم بوست” الإسرائيلية تقريرا سلطت فيه الضوء على استخدام موسكو لسوريا بشكل فعال كموقع اختبار للمعدات العسكرية، ما ساعدها على إبرام عقود بملايين الدولارات لبيع أسلحة مجربة في القتال بسهولة إلى دول أخرى.

وفي التقرير، نقلت الصحيفة عن نائب وزير الدفاع الروسي، يوري بوريسوف، قوله، الخميس، إن بلاده اختبرت أكثر من 600 سلاح جديد ومعدات عسكرية أخرى في سوريا منذ تدخلها في الصراع عام 2015، مضيفا: “فرصة الاختبار في قتال حقيقي لا يمكن المبالغ فيها، مضيفا “العملاء بدؤوا الاصطفاف من أجل الأسلحة التي أثبتت نفسها في المعركة”.

مسرح لتعلم استخدام التقنيات المتطورة

جاءت هذه التعليقات في اليوم نفسه الذي ادعى فيه فلاديمير شامانوف، رئيس لجنة الدفاع بمجلس الدوما الروسي أن 200 من هذه المعدات هي منظومة الجيل المقبل.

“ليست صدفة أنهم يأتون إلينا اليوم من جهات عدة لشراء أسلحتنا، بما في ذلك البلدان التي ليست حليفة لنا” هذا ما قاله شامانوف، معلنا: “اليوم، صناعتنا العسكرية جعلت جيشنا يظهر في شكل يمكننا الفخر به”.

وبحسب ماثيو بوليغو، زميل أبحاث في برنامج روسيا وأوراسيا في مركز تشاتام هاوس الذي يتخذ من لندن مقرا له، يرى العديد من المحللين في موسكو أن الحملة السورية “ثورة في الشؤون العسكرية” (هذا مصطلح أمريكي مستمد من تجربة واشنطن في الغالب خلال حرب الخليج الأولى)، لافتا إلى أن موسكو تعتبر سوريا مسرحا لتعلم كيفية استخدام التقنيات المتطورة وتقنيات القيادة والتحكم في الحروب الحديثة.

وتابع بوليغو لـ”ميديا لاين”: “لقد حصلوا على خبرة مماثلة في أوكرانيا”، مضيفا أنه من المستحيل الفصل بين الحملتين نظرا لأن الدروس المكتسبة من المنطقتين تغذي الهدف نفسه.

وتفيد التقارير بأن المعدات الروسية التي جرى اختبارها تشمل طائرات متطورة وصواريخ كروز وذخائر موجهة بدقة إضافة إلى طائرات دون طيار ونظم قتال إلكترونية وغيرها.

ومن الأمثلة البارزة على ذلك إدخال طائرات مقاتلة “سوخوي سو-34″ و”سو-35” إلى سوريا، إذ أفادت التقارير بأن 12 من هذه المقاتلات بيعت بعد ذلك بوقت قصير إلى الجزائر، كما أعربت دول أخرى مثل إندونيسيا والهند ونيجيريا عن اهتمامها بالطائرة منذ اختبارها في القتال، ما سمح بتقييم حقيقي لأدائها، وبشكل مماثل، وقعت موسكو اتفاقيات شراء لنظام الدفاع الصاروخي أرض جو “إس 4000” مع إيران وتركيا والسعودية.

دول تصطف لشراء المعدات الروسية

وبشكل عام، بحسب التقرير، تصطف دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا من مصر إلى قطر والبحرين وتونس، لشراء المعدات روسية الصنع، وذلك في الوقت الذي جددت فيه موسكو نفوذها الإقليمي من خلال إبراز جيشها بعد سنوات من الهيمنة الأمريكية.

وفي مارس العام الماضي، قال وزير الدفاع الروسي سيرجي شوينجو للبرلمان إن 90% من الأسلحة التي تم اختبارها حتى الآن استوفت توقعات الكرملين، وبعد أشهر كشف ديمتري شوجاييف، رئيس الدائرة الاتحادية للتعاون العسكري التقني الروسي، أن الطلبات الخارجية على الأسلحة الروسية وصلت إلى 50 مليار دولار، لافتا إلى أن موسكو مستعدة للحصول على 30% من سوق الطائرات العسكرية العالمية متجاوزة حصة الولايات المتحدة.

وذكر بوليغو أن روسيا تعاملت مع “العلامة المثبتة في القتال” التي يستخدمها المسؤولون والشركات لتعزيز المبيعات العسكرية، مضيفا: “من الصعب تحديد كم سيؤدي هذا إلى تسريع الآفاق التجارية، لكنه يسير جنبا إلى جنب مع سياسة عازمة جدا من شركة روزوبورونيكسورت المملوكة للدولة، كما أن هناك شركات خاصة أخرى تتوصل إلى مشترين أجانب وحتى الآن تمكنت من تحقيق بعض العوائد الجيدة”.

الخروج من المستنقع السوري

واستنتج بوليغو أن هذا ينطبق أيضا على أمريكا اللاتينية وإفريقيا، “لأن الكثير من العقود التي وقعت حديثا كان من الممكن أن تبدأ قبل 5 سنوات، فهناك تركيز على دول يمكنها شراء بعض النماذج القديمة للأنظمة الروسية، التي يمكن دمجها في جيوش الدول الأقل ثراء”.

ومع ذلك، لفت التقرير إلى أن توقيت وطبيعة البيانات الصادرة عن المسؤولين الروس رفيعي المستوى تشير إلى أنهم قد يستهدفون الاستهلاك المحلي، وسط إدراك متزايد من أن موسكو ربما لن تكون قادرة بسهولة على إخراج نفسها من المستنقع السوري.

“هذه تبدووكأنها دعاية لأن 600 سلاح رقم كبير جدا” هذا ما أكده زفي ماجن، سفير إسرائيلي سابق في روسيا وخبير في سياستها الخارجية بالشرق الأوسط.

وقال ماجن: “هم عالقون هناك ولهذا السبب يحتاجون إلى أعذار. الروس يحتاجون إلى إنهاء هذه الحرب ولم يتمكنوا من التوصل إلى اتفاق لإنهاء ذلك. موسكو أعلنت انتصارا [قبل الأوان] وزار بوتين سوريا، ولكن منذ ذلك الحين كانت هناك معارك وعانى الروس من خسائر، هذا يؤدي إلى ضغط محلي”.

وأشار التقرير إلى أن ضرب موسكو الطبول العسكرية يأتي في أعقاب اشتباك كبير بين المقولين الروس والقوات الأمريكية في 7 فبراير، إذ قتل وأصيب حوالي 300 من المرتزقة الذين عينتهم الشركة العسكرية الروسية الخاصة وينجر (صاحبها صديق بوتين) إثر غارات أمريكية وقصف مدفعيات خلال هجوم فاشل على قاعدة كردية في دير الزور.

وفي حين أن روسيا تنكر علانيا تورطها في الحادث، من المعروف أن موسكو وافقت على نشر 2500 مقاتل في سوريا لتجنب حدوث حالات وفاة في قواتها الرسمية، على هذا النحو، فإن الكرملين على الأقل لديه مشكلة في العلاقات العامة داخليا، لا سيما بالنظر إلى تفسيره غير المرضي للحدث الذي وصفه وزير الدفاع الأمريكي جيمس ماتيس بأنه “محير”.

نوايا وأولويات الروس

التقرير شدد على أن الكشف عن استخدم روسيا لسوريا بشكل فعال كموقع اختبار للمعدات العسكرية يثير أسئلة أخلاقية، لا سيما أن هذا يأتي خلفية الكارثة الإنسانية التي تنكشف في الغوطة الشرقية.

وخلال الأسبوع الماضين قتل أكثر من 500 مواطن وأصيب حوالي 2500 آخرين بالتزامن مع قصف القوات السورية وموسكو للمنطقة الخاضعة للمعارضة أرضا وجوا في واحدة من أشد الهجمات في الحرب التي دامت 7 سنوات، ويقدر بأن حوالي 4 آلاف مدني لا يزالون محاصرين في المنطقة، حيث تحذر جماعات حقوق الإنسان من كارثة إنسانية كبرى ما لم يسمح بوصول المعونة إلى الجيب.

وفي الختام، أوضحت الصحيفة أن دعم موسكو للرئيس السوري بشار الأسد ألقى مرة أخرى بالتركيز على دورها الحيوي في إطالة أمد الحرب على حساب السكان المدنيين، لافتة إلى أن دعوة القادة الروس حاليا لإحداث تقدم لمجمعها العسكري الصناعي من خلال استخدام الأراضي السورية لاختبار المعدات يسلط الضوء على نواياهم وأولوياتهم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى