سياسة

تليجراف: السيسي خطط للرئاسة قبل سقوط مبارك

 

توقع السيسي أن مبارك سيحاول توريث ابنه جمال في مايو 2011 ، فوضع خطة تحرك الجيش للاستحواذ على السلطة.

تيليجراف: كيف خطط السيسي للرئاسة حتى قبل سقوط مبارك؟
تيليجراف: كيف خطط السيسي للرئاسة حتى قبل سقوط مبارك؟

ريتشارد سبينسر – تيليجراف

ترجمة – محمود مصطفى

خطط زعيم مصر الجديد خطط منذ عام 2010 لاستحواذ الجيش على السلطة في حالة الثورة ضد الرئيس السابق حسني مبارك بحسب ما كشف مستشارون رفيعو المستوى.

لم يكن عبد الفتاح السيسي، الذي فاز بـ97% من أصوات الناخبين في الانتخابات الرئاسية الاسبوع الماضي، معروفاً للمصريين أو العالم الخارجي قبل صعوده السريع للسلطة.

وقال المستئشارون لتيليجراف إن السيسي كان معروفاً لدى كبار الضباط في الجيش بأنه “رجلهم القادم ” في وقت تنامت فيه الخلافات بين الجيش وعائلة مبارك.

في أواخر 2010 عندما كان اللواء السيسي مديراً للمخابرات الحربية، طلب منه رؤسائه، الذين كانوا قرروا بالفعل أنه يجب أن يصبح وزير الدفاع القادم وفق أي تسوية سياسية، وضع دراسة حول مستقبل مصر السياسي.

توقع السيسي أن مبارك سيحاول تمرير السلطة لإبنه جمال على الأرجح في مايو 2011 وقد يتسبب ذلك في إضطراب شعبي. التقرير الذي كتبه السيسي أوصى بأن الجيش يجب أن يكون مستعداً للتحرك من أجل ضمان الاستقرار والحفاظ على دوره المركزي في الدولة.

وكما اتضح فيما بعد، تحركت الأحداث أسرع من أي توقع، حيث أشعلت الثورة في تونس مظاهرات في شوراع القاهرة، وفي خلال أسبوع فعّل الجيش الخطة التي أوصى بها السيسي، إنزال القوات إلى الشوارع والقول بإن الجيش وقف مع الشعب المصري مع توضيح إن مبارك وأبناؤه يمكن استبدالهم ولكن ليس الجيش .. أجبر مبارك على الإستقالة في الحادي عشر من فبراير 2011.

وجاء الكشف عن دور الجيش في نفس وقت سقوط مبارك ليجعل الكثير من الثوار يتسائلون عن ما إذا كانت المظاهرات في ميدان التحرير نجحت في إسقاط أي شيء بخلاف رأس النظام القديم.

“عندما اندلعت ثورة 25 يناير، كان لدى الجيش خطط ينفذها،” يقول حسن نافعة استاذ العلوم السياسية البارز الذي لخص له اللواء السيسي وقتئذ بشكل شخصي تقريره.

“توصلت إلى نتيجة هي أن الجيش استغل الثورة للتخلص من مخطط مبارك للتوريث، حتى ولو اضطروا للتضحية بمبارك نفسه بدلاً من التضحية بالنظام,”

استبق السيسي بتكليف من قادة الجيش توريث السلطة من مبارك لابنه جمال

السيسي، الذي تمت ترقيته إلى رتبة مشير قبل فترة قصيرة من استقالته من أجل الترشح للرئاسة، شجعه المديح المنهمر من الإعلام على الترشح وكانت الرسالة الرسمية أن السيسي يمثل قيم ثورة يناير التي كان شعارها اللافت “الشعب يريد إسقاط النظام.”

السيسي حصل على 97% من الأصوات في الانتخابات الرئاسية الأسبوع الماضي متجاوزاً بشكل كبير النتيجة المتواضعة، نسبياً، التي حققها مبارك، 88%، في الانتخابات التنافسية الوحيدة التي خاضها.

السيسي وزيرا لمرسي: 

وصول السيسي إلى منصب وزير الدفاع في أغسطس 2012، بعد فترة قصيرة من انتخاب مرسي كأول رئيس مصري منتخب في انتخابات حرة، كان مفاجئاً.

بالنسبة للبعض، كان تعيين السيسي وزيراً للدفاع علامة على ان الرئيس الجديد يطهّر الجيش من الحرس القديم المعروف تاريخياً بمعارضته للاخوان المسلمين.

السيسي كان يُرى كاختيار من قبل  مرسي بسبب تقواه الدينية الموثقة، ولم يكن لأحد مؤيدي الاخوان المسلمين أن يصل إلى رتبة عالية في الجيش كهذه. ولكن ورقة بحثية كتبها السيسي في 2006 أثناء انتدابه لكلية الحرب الأمريكية احتوت على “تيمات” إسلامية قوية حيث جادل بأن  الدولة المثالية هي دولة الخلافة الإسلامية وليست دولة الديمقراطية على الطريقة الغربية.

ابن طنطاوي

غير أن المشير محمد حسين طنطاوي، وزير الدفاع في عهد مبارك، كان ينادي السيسي بلقب الإبن، وفقاً للمحيطين بهم. طنطاوي اختار السيسي خليفة له كوزير دفاع، يقول ضابط جيش عالي الرتبة يعرف السيسي بشكل شخصي: “حتى عندما كان لا يزال عقيداً، كنا نعرف جميعاً أنه سيصبح وزير الدفاع المقبل.”

طنطاوي من ناحيته لم تكن لديه طموحات سياسية شخصية، لكنه كان حريصاً على اختيار من سيخلفه بنفسه. وعند قيامه بالاختيار، تجاوز طنطاوي الرجل الثاني في ترتيب القيادة، سامي عنان، الذي كان مقرباً من الولايات المتحدة وكان يبدو كشخص مستعد للتعاون مع الجماعة، بحسب ما يقول حسن نافعة.

طنطاوي تجاوز سامي عنان واختار السيسي ليخلفه

الكشف عن تفاصيل صعود السيسي إلى السلطة مهم لأنه الآن يحوز سلطة هائلة في أكبر الدول العربية من حيث السكان ولان أراءه الشخصية لم تكن معروفة فيما سبق كما تؤثر هذه التفاصيل في في فهمنا للربيع العربي في الوقت الذي تزول فيه مكتسباته الديمقراطية المفترضة.

منذ أن أصبح واضحاً العام الماضي أنه سيترشح للرئاسة، أجرى السيسي عدداً من اللقاءات التلفزيونية والحوارت الصحفية وألقى خطابات خلط فيها فلسفة التضحية بالنفس البسيطة الغير متكلفة بالنظر للدور الذي يقوم به بنظرة المخلص.

“كل يوم، قبل أن تتناول إفطارك اسأل نفسك: ماذا قدمت لمصر؟ هل قدمت شيئاً ذا قيمة أم لم أقدم شيئاً؟ سأل السيسي مجموعة من الطلبة في حفل تخرج، وقال: “أشعر باستغراب، هل يقول أحدكم: “سأمشي اليوم لأوفر شيئاً لبلدي؟ أشعر بالاستغراب، هل يقول أحدكم: “سأذهب للجامعة سيراً على الأقدام لكي أوفر شيئاً لبلدي؟”.

قيمة العمل عند السيسي تعود إلى طفولته، فبحسب أقاربه وأصدقاءه في المدرسة كانت حياته متمحورة حول كميات هائلة من الواجبات المدرسية والمسجد والتمارين البدنية والتي تضمنت رفع الأثقال فوق سطح منزله.

“كانت لديه دوماً ثلاثة التزامات: صلاته وعمله ودراسته وحتى في علاقته بعائلته كان شديد التركيز دائماً .. كان شعاره الإنضباط،” يقول ابن عمه فتحي السيسي ويضيف “أحد القيم التي أراد الجميع أن يشاركه فيها، هي الاستيقاظ في الخامسة صباحاً، هو لن يطبق هذا بالعصا ولكنه سيحاول أن يظهر للناس أن أفضل شيء أن تكون منضبطاً.”

السيسي أكثر غموضاً في السياسة، حيث يقول إن العمل الجاد والمساهمة من الأغنياء ستحل مشاكل مصر. ويخشى استشاريو الأعمال من أن تخفيض الدعم ورفع الضرائب على النخبة ربما يكون له أثر عكسي وينفر المستثمرين في وقت حرج.

أحاديث السيسي إلى الإعلام أثارت قلق رجال الأعمال
أحاديث السيسي إلى الإعلام أثارت قلق رجال الأعمال

في أحد التسجيلات التي تم تسريبها، أخبر السيسي أحد الصحفيين أنه حلم بأنه التقى الرئيس أنور السادات وأن الزعيم الراحل قال له أنه سيصبح رئيساً لمصر.

الآن حلم السيسي أصبح حقيقة ولكن شرعيته مهددة بإقبال  كان أقل من المتوقع في انتخابات الرئاسة والاعتراضات الدولية ضدها، وعلى السيسي أن ينفذ خطته لتحقيق الاستقرار في البلاد.

السيسي يواجه بالفعل معارضة ليس فقط من الاخوان ، ولكن من قادة علمانيين مثل محمد البرادعي الذي دعم الانقلاب ولكنه تحول ضد السيسي متهماً إياه بخيانة روح الثورة.

من يعرفونه يقولون إن لديه الذكاء الكافي لييلاقي التطلعات ولكي يختار الأشخاص المناسبين لنقل مصر إلى الأمام وربما حتى بطريقة أكثر ديمقراطية، تقول شريفة زهور التي كانت مدرسة للسيسي في كلية الحرب الأمريكية “كنت معجبة بتصرفاته وبضبط النفس الذي كان يمارسه، إضافة إلى ذلك أنه ذكي.”

لكن حسن نافعة يتسائل عما إذا كان السيسي مدركاً لما أعطته الثورة للناس، وخاصة الشباب، من صوت لهم لن يتخلوا عنه. سيكون السيسي مخطئاً لو ظن أنه يستطيع ببساطة استعادة نظام قديم لا يجرؤ أحد على مساءلته.

يقول نافعة “لو لم يأخذ ذلك في الاعتبار، إذا لم يكن مقتنعاً بأن مصر تغيرت تماماً ولن تعود كما كانت من قبل، سيسقط.”

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى