سياسة

تتعاطف مع باريس أكثر من بيروت؟.. أنت لست منافقاً

تتعاطف مع باريس أكثر من بيروت؟.. أنت لست منافقاً

كوارتز – بوبي جوش – ترجمة: محمد الصباغ

قال مارك زوكربيرج: ”نحن نهتم بكل الناس على حد سواء، وسنفعل كل ما بوسعنا لمساعدة الناس الذين يعانون في مثل تلك المواقف“.

أجبر مؤسس الفيسبوك على الدفاع عن شركته بعد الانتقاد الحاد للموقع إثر تفعيله لتطبيق الأمان (Safety Check) بعد كارثة هجمات باريس الإرهابية. تساءل المعلقون –تحديداً من الشرق الأوسط- لماذا لم يتم تفعيل التطبيق قبل 24 ساعة قبل ذلك، عندما تعرضت ضاحية في بيروت لتفجيرات إرهابية؟

ليس الفيسبوك وحده الذي يتهم بازدواجية المعايير. يواجه القادة السياسيون الغربيون انتقادات لعدم إظهارهم التعاطف مع القتلى في بيروت مثلما فعلوا مع ضحايا هجمات باريس. لماذا لم يعتبر الرئيس الأمريكي باراك أوباما التفجير في لبنان ”هجوم على العالم المتحضر“ كما وصف المأساة في العاصمة الفرنسية؟ كما تم توجيه اللوم أيضاً لوسائل الإعلام الغربية (ودافعت عن نفسها) بسب التغطية غير المتكافئة لهجمات باريس مع التغطية التي تقوم بها للأعمال الإرهابية في كل من كينيا ومومباي وحول العالم العربي.

بعض التعليقات المنتقدة جاءت من الغرب، لكن كانت أكثر حدة من المعلقين في الشرق الأوسط. فكتب طبيب لبناني على مدونته: ”عندما مات أهل وطني، لم تقم أي دولة بإضاءة مزاراتها الهامة بألوان علمنا“. يشعر الكثيرون بأن العالم بأكمله –وليس السياسيين أو الإعلام- يعتبر حياة المسلمين أقل من حياة الآخرين. ومثال على ذلك، كما ذكر أحد الأشخاص، فهناك ملايين الناس وضعوا ألوان العلم الفرنسي على صورهم الشخصية بمواقع التواصل الاجتماعي، في حين لم ير أحد شجرة الأرز الموجودة بالعلم اللبناني لم نرها في أي مكان.

بتلك المقاييس، فالعالم بلا نقاش يهتم بباريس أكثر من بيروت. ليس كافياً أن نشير إلى أن مدينة النور جذبت انتباه وتعاطف العالم لأن الهجمات هناك كانت نادرة جداً وغير متوقعة، في حين أن هذا الشكل من العنف يعتبر طبيعي. في الحقيقة، كانت بيروت هادئة نوعاً ما في العامين الأخيرين، كما تشير آن بارنارد في “نيويورك تايمز”، بينما يعتبر هذا الهجوم هو ثاني الأفعال الإرهابية الكبرى في باريس عام 2015.

لكن لماذا لا نتوقف عن محاولة التبرير لأنفسنا وفقط نعترف بما هو واضح؟ ربما الشركات المتعددة الجنسيات كالفيسبوك تكون مضطرة لتأكيد –وفي الواقع إظهار- تعاطف بشكل متساو نحو كل الناس حول العالم، لكن هذا المعيار مستحيل بالنسبة للبشر. نحن لا ”نهتم بشكل متساو بكل الناس“ لا نستطيع.

الأمر لا يتعلق بالعِرق. حتى الكثير من العرب تم توبيخهم لإظهار تعاطف أكبر مع هجمات فرنسا عن تفجير لبنان. حتى في مصر أضيئت الأهرامات بألوان العلمين الفرنسي والروسي (الأخير لضحايا الطائرة)، ولم تضاء باللونين الاحمر والأبيض لعلم لبنان. –(تصحيح من المترجم) أعلنت مصر بالفعل عن إضاءة الأهرامات بالعلمين الروسي والفرنسي فقط قبل أن يضاف للعرض العلم اللبناني).

يهتم العالم بباريس بشكل أكبر لأن..، يعتمد الأمر على من أنت. لو كنت أوروبياً، فالأمر واضح جداً. أما لو أنت أمريكياً، فقد تكون متأثراً بالتقارب الثقافي، أو حقيقة أن فرنسا أقدم حليف لدولتك. (ربما يفسر ذلك لماذا رد الفعل الأمريكي كان أكبر من رد نفس الدولة تجاه تفجيرات مدريد عام 2004). لو كنت يابانياً أو صينياً، فربما زرت باريس أو حلمت بزيارتها في يوم من الأيام. لو كنت من كولومبيا، ربما تكون مشجعاً للاعبي المنتخب الفرنسي، أو محباً للسينما الفرنسية. ولو كنت من العالم العربي، الذي فيه الفرنسية هي اللغة الثانية، ربما تعتبر فرنسا بلدك الثاني.

لأعبر عن مشاعري الخاصة هنا، أنا اهتم ببيروت، ليس فقط لأنني صحفي أقوم بتغطية الأحداث في الشرق الأوسط، لكن أيضاً لأن لي أصدقاء هناك. وبالرغم من ذلك أهتم لأجل باريس أكثر، لأنني زرت باريس، وأحببتها. بينما أثرت تفجيرات مدريد عام 2004 في أكثر مما فعلت الهجمات الأخيرة بفرنسا، لأنني زرت العاصمة الإسبانية أكثر من مرة، وأحببتها أكثر. لكن أيضاً هجمات لندن عام 2005 تعد الأكثر تأثيراً بالنسبة لي لأنني عشت في المدينة لمدة عامين. والأكثر من ذلك، أهتم بالهجمات الإرهابية في بغداد –بالرغم من حدوثها بشكل مستمر- لأنني عشت في العراق خمس سنوات، ولدي الكثير والكثير من الأصدقاء.

هذا لا يجعلني منافقاً. يجعلني إنساناً.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى