سياسة

تايم: بطرس غاليّ الدبلوماسي المتمرس الذي أغضب الأمريكيين

تايم: بطرس غاليّ الدبلوماسي المتمرس الذي أغضب الأمريكيين

تايم – تارا جون – ترجمة: محمد الصباغ

كما تابعنا على صفات تايم، توفي الدبلوماسي المصري بطرس بطرس غالي وعمره 93 عاماً، والذي شهدت فترة رئاسته للأمم المتحدة حربا في أوروبا وإبادة جماعية ومجاعة في إفريقيا.

بطرس غالي، دبلوماسي متمرس ساعد في مفاوضات كامب ديفيد بين مصر وإسرائيل، وأصبح سادس سكرتير عام للأمم المتحدة عام 1991. انتخابه كان تاريخياً كأول إفريقي وعربي يتقلد المنصب. وكتبت تايم في ديسمبر 1991 عقب انتخابه: ”فاز تحت المظلة الإفريقية، لكنه ليس بأسود. رجل عربي قبطي كاثوليكي متزوج بيهودية. يمثل العالم الثالث لكن مع طابع باريسي من الرقي، هو ابن عائلة ثرية وجده كان رئيساً للوزراء.“

ومع مخاوف بسبب عمره –حينها كان 69 عاماً- وغطرسته وقربه من فرنسا، انتاب الولايات المتحدة القلق بشأنه منذ البداية، وفقاً للجارديان. ولتهدئة تلك المخاوف أعلن غالي أنه لن يسعى للمنصب لفترة ثانية- الوعد الذي سيفشل بعد ذلك في الوفاء به.

أمل المجتمع الدولي أن يصلح بطرس غالي الأمم المتحدة والتي قالت تايم عنها عام 1996 أنها أصبحت: ”مكتظة بالموظفين، وتفتقر إلى التمويل والتنظيم“ بجانب ”تعطلها بفعل سياسات تافهة.“ دخوله إلى المنظمة جاء في لحظة ينتظر العالم فيها من الأمم المتحدة دوراً قيادياً لتعزيز الأمن الدولي:

”يعود الفضل إلى نهاية الحرب الباردة، العالم يمد يده أكثر إلى وسطاء الأمم المتحدة ،والتكنوقراط والجنود ذوي القبعات الزرقاء. لم تعد الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي يتنافسان على النفوذ بين 166 عضواً في الجمعية العامة أو تهدد كل دولة الأخرى بالأصوات في الأمم المتحدة.“

لكن المهام التي واجهها كانت شاقة: ضربت الحروب الأهلية والمجاعة الصومال، وانهمكت يوغسلافيا في صراع عرقي وقومي، بينما الصراع بين الهوتو والتوتسي في رواندا كان متجهاً إلى إبادة جماعية.

بعد أقل من عام في منصبه كان بطرس غالي يواجه سيل من الشكاوى بسبب العجز الواضح للمنظمة في ”التعامل بشكل قوي مع المشاكل العالمية التي عادة مرة أخرى بعد الحرب الباردة،“ و كتبت تايم في يناير 1993:

”سواء على صواب أم باطل، السكرتير العام أصبح حامياً للأمم المتحدة من الاستياء، وبشكل عام من إحباط كبير بسبب الطموحات القومية والنزاعات العرقية وتهديدهم بتحويل النظام العالمي الجديد إلى النقيض تماماً. ناهيك عن أن الأمم المتحدة -بنية حسنة- تفتقد القوة العسكرية والنفوذ السياسي، وربما حتى القدرة على الإقناع الأخلاقي لانجاز متطلبات ولايتها الواسعة.“

وفقاً لنيويورك تايمز، 60 ألف من قوات حفظ السلام كانوا بالفعل في مناطق النزاع، مثل السلفادور، وأنجولا وموزمبيق في بدايات التسعينيات. وفي أغسطس 1994 من خلال تايم، عبّر بطرس غالي عن احباطه من التراخي الدولي بشأن رواندا، مشيراً إلى كيفية تحمل الأمم المتحدة فوق طاقتها:

”الدول الأعضاء منهكة. عندما انتخبت في 1991، اعتقدنا أن الأمم المتحدة ستكون قادرة على حل كل مشاكل العالم بآلاف قليلة من القوات. فجأة، اكتشفنا أن مهمتين أو أقل –ولدينا 17- تحتاج إلى 70 ألف جندي، وبدلاً من إنفاق 600 مليون دولار على حفظ السلام نحن في حاجة إلى 4 مليار.“

عدم قدرته على إصلاح ديون الأمم المتحدة حينذاك –والموجودة إلى الآن- أغضب الولايات المتحدة، أكبر ممول للمنظمة ولعمليات حفظ السلام. كما تسبب في الجدل لانتقاده أعضاء غربيين بمجلس الأمن بسبب الهوس بيوغسلافيا وتجاهل الأزمات الإنسانية في الصومال. في يناير 1993 كتبت تايم:

”في يوليو الماضي -1991- اتهمت الأمم المتحدة أوروبا والولايات المتحدة بالقلق أكثر بشأن حروب الأغنياء في البوسنة أكثر من مصير المتضورين جوعاً في الصومال. ودخل في شجار مع كل من اللورد كارنجتون –أصبح بعد ذلك كبير المفاوضين الأوروبيين في أزمات البلقان- والسير ديفيد هاني سفير بريطانيا إلى الأمم المتحدة،  بشأن نفس القضية. وعلق على ذلك قائلاً ”ربما لأنني لست أبيض“ تنتقدني الصحافة البريطانية.

أما حكومة كلينتون فأصابها الضيق من قيادة بطرس غالي خلال بداية التسعينيات مع المعركة الكارثية في مقديشيو والعنف الذي فكك يوغسلافيا السابقة مما جعل السياسة الخارجية الأمريكية تحت الضوء. وفي عام 1996، علمت تايم أن ”واشنطن لم تعط بطرس غالي أي فرص“:

”جعلت أميركا منه كبش فداء لفشل سياستها في الصومال ويوغسلافيا وبشكل دائم أدانته عندما اتخذ مواقف فردية. شوه  الكونجرس صورته مع كل أزمة خارجية. في عام 1993 أخبر بطرس غالي –سفيرة أمريكا بالأمم المتحدة حينذاك- مادلين أولبرايت بأنه لا يستطع أن يقود الأمم المتحدة بكفاءة طالما لم تساعده واشنطن بشكل كامل. قال إن الولايات المتحدة كانت ”مشكلته“. قاطعته هي سريعاً: ما لا تدركه ،بطرس، هو أنك مشكلتي.“

ثم قامت الولايات المتحدة بعد ذلك باستخدام حق الفيتو واعترضت على توليه لفترة ثانية في نوفمبر 1996 بالرغم من دعم 14 دولة له من أعضاء مجلس الأمن. وبعدما استخدمت الولايات المتحدة الفيتو ذكرت أسوشيتد برس أن فرنسا ومصر أصدر كل منهما بصورة منفصلة بيانات تعبر عن دعمهم للدبلوماسي المصري، وأشاروا أن الولايات المتحدة تصرفت بدون دعم من أي دولة أخرى.

ومع نهاية الخمس سنوات، أثبت بطرس غالي مرة أخرى بأنه “رجل المرة الأولى” بالأمم المتحدة. كان أول سكرتير عام لا يفوز بفترة رئاسة ثانية.

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى