سياسة

وزير خارجية إيران لـ”نيويورك تايمز”: لا يمكن هزيمة الإرهاب إذا تركنا له سوريا واليمن

جواد ظريف يكتب لنيويورك تايمز: لا يمكن هزيمة تنظيم الدولة والقاعدة في العالم بينما نسمح لهم بالتقدم في اليمن وسوريا 

نيويورك تايمز – ترجمة: محمد الصباغ

أحرزنا تقدماً مهماً في سويسرا بداية هذا الشهر. كان ذلك مع الخمسة أعضاء الدائمين بمجلس الأمن بالإضافة إلى ألمانيا، واتفقنا على معايير لإزالة الشكوك حول حقيقة الطبيعة السلمية للبرنامج النووي الإيراني وحول رفع العقوبات الدولية المفروضة على طهران.

لكن من أجل إبرام تلك الاتفاقية المتوقعة هناك متطلبات سياسية. أظهر الشعب الإيراني تصميمه باختيار المشاركة بكرامة. وهذا هو وقت الولايات المتحدة وحلفائها الغربيين للخيار بين التعاون أو المواجهة، بين المفاوضات أو المزايدات، وبين الاتفاق أو الإجبار.

مع قيادة شجاعة وجريئة  في اتخاذ القرارات الصحيحةـ يمكننا و يجب أن نعلق تلك الأزمة المفتعلة ونتحرك إلى الأمام من أجل عمل أكثر أهمية. منطقة الخليج الفارسي الواسعة في حالة اضطراب. ولا يتعلق الأمر بسقوط و صعود حكومات، فبنية كل الدول الاجتماعية والثقافية والدينية يتم تمزيقها.

نجت إيران من عواصف عدم الاستقرار التي سببها هذا التشويه بصمود شعبها الذي وقف قوياً في مواجهة الضغوط وفي نفس الوقت كان صدره رحباً ليفتح آفاقاً بناءة وجديدة قائمة على الاحترام المتبادل، لكن لا يمكننا الوقوف غير مكترثين بالدمار غير المفهوم الذي يحدث حولنا، لأن الاضطرابات لا تعترف بالحدود.

إيران كانت واضحة: إن نطاق مشاركتنا البناءة يتخطى حدود المفاوضات النووية. العلاقات الجيدة مع جيراننا هي أولويتنا القصوى. حسب منطقنا فالقضية النووية كانت علامة وليست سبباً في انعدام الثقة والصراع. وفيما يتعلق بالخطوات التى اتخذت مؤخرا لمنع تلك العلامات، فهذا هو الوقت الذي تبدأ فيه إيران والدول ذات المصلحة في إبراز أسباب الصراع في منطقة الخليج الفارسي.

السياسة الخارجية الإيرانية ذات طبيعة كليّة. هذا ليس بسبب العادة أو تفضيلها ذلك بل بفعل العولمة التي جعلت كل البدائل بالية. لا يوجد شىء في السياسة الخارجية يتحرك وحده في الفراغ. الأمن لا يمكن الحصول عليه على حساب أمن الآخرين. ولا يمكن لأي دولة الحصول على اهتماماتها دون النظر إلى اهتمامات الآخرين.

لا يوجد مكان يظهر فيه تلك الديناميكيات أو الحركات أفضل من منطقة الخليج الفارسي. نحتاج إلى تقييم واع للحقائق المعقدة والمتشابكة هنا، وسياسات دقيقة للتعامل مع ذلك. الحرب ضد الإرهاب تعتبر مثال على ذلك.

لا يمكن لأحد هزيمة القاعدة والأيدلوجيات المشابهة مثل ما يسمي الدولة الإسلامية، التي ليست إسلامية وليست دولة، بينما يتم السماح بمكاسب لهم في اليمن وسوريا. هناك أراض مختلفة حيث تتداخل المصالح الإيرانية مع أصاب المصالح الآخرين. لقد طال انتظارنا لبناء حوار شامل لتسهيل التواصل في منطقة الخليج الفارسي.

إذا أراد أحد ما أن يبدأ نقاشا جادا حول المشاكل التي تواجه المنطقة، فاليمن سيكون مكان جيد للبدء. عرضت إيران مبادرة معقولة وعملية لمواجهة تلك الأزمة الأليمة و التي لا أهمية لحدوثها. تطالب خطتنا بوقف فوري لإطلاق النار، ومساعدات إنسانية وتسهيل حوار يشمل الأطراف داخل اليمن، ويقود إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية شاملة وواسعة النطاق.

وعلى المستوى العابر للحدود، يجب أن يرتكز الحوار الإقليمي بشكل عام على الاعتراف بمبادئ وأهداف مشتركة، لاسيما احترام السيادة، وسلامة الأراضي واستقلال جميع الدول سياسياً. وأيضاً عدم انتهاك الحدود الدولية، وعدم انتهاك الشئون الداخلية للدول، وتسوية النزاعات بطريقة سلمية، وعدم السماح باستخدام القوة أو التهديد، وتعزيز السلام والاستقرار، والتقدم، والرخاء في المنطقة.

قد يساعد الحوار الإقليمي في زيادة التفاهم والتفاعل على مستوى الحكومات، والقطاع الخاص، والمجتمع المدني. كما يقود ذلك إلى اتفاق حول مجموعة واسعة من القضايا تشمل الثقة وإجراءات الأمن كمحاربة الإرهاب والتطرف والطائفية. يؤكد أيضاً الحوار على حرية الملاحة وحرية تدفق النفط والموارد الأخرى، وحماية البيئة أيضاً.

قد يشمل الحوار الإقليمي عدم وجود اعتداءات رسمية وترتيبات لتعاون أمني. رغم أن هذا التعاون يجب أن يبقى متعلقاً بالدول الإقليمية ذات الشأن، إلا أن وجود إطار مؤسسي للحوار وخصوصاً من الأمم المتحدة يجب أن يتوافر. قد يقدم الأمين العام للأمم المتحدة الغطاء الدولي الهام. فالدور الإقليمي للأمم المتحدة حدث من قبل في حل مجلس الأمن الذي ساعد على إنهاء الحرب العراقية الإيرانية عام 1988، وقد يساعد في تقليل المخاوف والقلق خاصة من جانب الدول الصغرى. ولذلك يمكن تزويد المجتمع الدولي بضمانات وطريقة عمل لصيانة مصالح تلك الدول المشروعة، وذلك يربط أي حوار إقليمي بالقضايا التي تتجاوز طبيعتها حيز المنطقة.

لا يستطيع العالم الاستمرار في تجنب مواجهة جذور الاضطرابات في منطقة الخليج الفارسي. وهذه الفرصة الفريدة للتشارك لا يجب إهدارها.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى