سياسة

ساويرس: لا يمكن أن تسجن مليون إخواني

بينما يصر الرئيس السيسي على “محو الإخوان” يقول ساويرس لوول ستريت جورنال “حاربنا الإخوان لنفس ما نعاملهم به اليوم”

BN-FR400_BROTHE_M_20141121124523

ياروسلاف تروفيموف – وول ستريت جورنال

ترجمة – محمود مصطفى

خارج مسجد رابعة العدوية في القاهرة تبقت علامات قليلة على أحد أكثر المذابح دموية في مصر؛ مقتل مئات من أنصار جماعة الإخوان المسلمين على يد قوات الامن قبل خمسة عشر شهراً.

يمشي الباعة الجائلون متمهلين يحملون البالونات بالقرب من تمثال جديد يمجد الشرطة، وتنساب فتيات المدارس وسط الزحام في التقاطع المزدحم. تم إصلاح المسجد والمباني المحيطة المتضررة،  بعيداً عن أثر لرصاصة لم يخفه الطلاء الطازج.

وبالنسبة للجماعة التي كانت قوية، فإن عشرات الآلاف من أعضائها والمتعاطفين معها خلف القضبان ومن بينهم الرئيس المصري السابق محمد مرسي ومعظم قيادات جماعة الإخوان المسلمين.

الجهود التي يبذلها رئيس البلاد الجديد الجنرال عبد الفتاح السيسي لمحو الإخوان كقوة سياسية واجتماعية هي الأكثر عزماً وشمولاً منذ تأسيس الجماعة عام 1928، وهي كذلك مقامرة خطرة فبالرغم من أن الجماعة أصبحت أضعف بكثير بعد عامها في السلطة في مصر إلا أن الجماعة لا زالت تمثل إتجاهاً هاماً في الرأي العام في أكبر بلدان العالم العربي وبشكل أوسع في الشرق الأوسط.

“حاربنا ضد هؤلاء الناس لأنهم كانوا يفعلون بالضبط ما نفعله بهم اليوم، هذه ليست الطريقة الصحيحة” يقول نجيب ساويرس الملياردير المصري والسياسي الذي ساعد في قيادة المظاهرات الحاشدة التي ادت إلى عزل الجيش لمرسي العام الماضي.

“يجب أن يكون هناك حل، هم مليون أو مليوني شخص متشددين جداً ونشطين جداً، ماذا ستفعل مع هؤلاء الناس؟ لا يمكنك أن تضع مليوني شخص في السجن.” إلا أن ساويرس يضيف أنه على الأرجح لن يوجد حل في القريب “هذا أمر لن يقبله أحد الآن.”

لا شك في أن الجماعة لم تبلي بلاءاً حسنا  خلال حكم مرسي، حيث أقصت القوى السياسية الأخرى ومضت في خط سلطوي. بدأت حركة احتجاج ضمت كذلك إسلاميين من خارج الجماعة وهي الحركة التي أدت إلى استحواذ الجنرال السيسي على السلطة.

خسرت الجماعة دعماً أكثر كذلك مباشرة في أعقاب عزل مرسي،  بهجوم مؤيديها على الكنائس لغضبهم من الدور البارز الذي لعبه المسيحيون المصريون، مثل ساويرس، في الاحتجاجات.

ومع ذلك لا تزال الجماعة تظهر المقاومة السلمية، وإن كانت مصحوبة بتهديدات، وتتبنى الانتخابات والديمقراطية، وبينما تصم الحكومة المصرية وحلفائها كل الجماعات الإسلامية بالإرهاب تمثل أيديولوجية الجماعة الوسطية نسبياً بديلاً واضحاً لسفك الدماء وشمولية الدولة الإسلامية التي تسيطر على أجزاء من سوريا والعراق منذ عزل مرسي وتنظر باحتقار إلى انخراط الإخوان في السياسات الديمقراطية.

تقول السلطات المصرية إن نبذ الإخوان للعنف غير صادق وتتهم الجماعة بتورطها في تفجيرات وهجمات أخرى أبقت المدن المصرية عرضة للتهديدات، فيما يتواصل تمرد إسلامي أكثر دموية في سيناء تقوده جماعة تعهدت مؤخراً بالولاء للدولة الإسلامية التي تعرف أيضاً بداعش.

يلقي الإخوان باللوم في كل هذا العنف على النظام، “أي ديكتاتورية سينتج عنها تطرف. السيسي وداعش وجهان لعملة واحدة” يقول المتحدث باسم الجماعة والمقيم في لندن عبد الله الحداد الذي سجن والده، مستشار مرسي المقرب، وشقيقه، المتحدث السابق باسم الجماعة، عقب استحواذ الجيش على السلطة.

حاول الحكام المصريون تدمير الجماعة في الماضي ويتوقع الحداد أن تنجو الجماعة من حملة القمع هذه أيضاً ويقول “هذا ما نجيده.”

في الخمسينات، سجن الرئيس جمال عبد الناصر آلافاً من الإخوان وهو ما دفع الكثير منهم للهرب إلى السعودية ودول عربية أخرى وأوروبا، وحاول خليفته أنور السادات التعاون مع الأخوان كمتراس ضد اليساريين إلا إنه اغتيل على يد منشقين أصوليين عن الجماعة عام 1981. وتحت حكم الرئيس حسني مبارك كانت الجماعة تقنياً محظورة لكن سمح لها بإدراج مرشحين في الانتخابات وإدارة الجمعيات الخيرية والعيادات والمدارس والسيطرة على نقابات المحامين والأطباء والمهندسين.

تحت حكم السيسي، الذي رسخ سلطته بعد الفوز بالانتخابات الرئاسية في مايو بنسبة 96% من الأصوات، ذهب كل هذا التسامح. أعلنت مصر أن الإخوان جماعة إرهابية ووضعت أصول الجماعة وأنشطة أعضائها التجارية، من المقاولات إلى السوبرماركت، في عهدة الدولة.

“لا أرى الآن أي مستقبل سياسي للإخوان المسلمين. استغرقوا 60 عاماً بعد فترة الخمسينات للعودة للظهور كقوة سياسية وسيستغرقون وقتاً أطول هذه المرة، هناك رفض شعبي حقيقي لهم” يقول الللواء المتقاعد أحمد وهدان رئيس عمليات الجيش المصري السابق والذي كان قائداً للسيسي في وقت من الأوقات.

“الناس يعرفون الآن أن أهداف الإخوان المسلمين تتناقض تماماً مع مصالح الشعب. تريد الجماعة تأسيس إمبراطورية إسلامية وهو بالضبط ما تريده داعش أيضاً.”

وبينما ظلت الجماعة تنظيماً سرياً لزمن طويل وهو ما سمح لها بالعمل تحت حكم أنظمة قمعية، إلا أن عام مرسي في الحكم كشف شبكات الجماعة في مختلف أنحاء البلاد وبعد عزله سهل هذا الانفتاح على قوات الأمن تفكيك التنظيم وتنفيذ عمليات اعتقال جماعية.

إاتهاكات حقوق الإنسان الآن أسوأ مما كانت عليه  في عهد مبارك، يقول السياسي الإسلامي المعتدل عبد المنعم أبو الفتوح القيادي السابق بالجماعة والذي استقال منها وترشح ضد مرسي في انتخابات الرئاسة في 2012 ليكسب حوالي خُمس الأصوات. “هذه هي جمهورية الخوف المبنية على القمع والترويع،” يقول أبو الفتوح.

وخارج مصر ليس هناك الكثير من الراحة للإخوان كذلك، فالسعودية والإمارات تدفعان نحو حملة إقليمية لتدمير أو إضعاف الجماعة وفروعها في دول أخرى، حيث أعلنت الإمارات كذلك الإخوان جماعة إرهابية الشهر الجاري.

والأسبوع الماضي اعتقلت الأردن نائب المراقب العام للجماعة هناك لانتقاده قرار الإمارات. ومع إبعاد الرعاة السابقون قطر لقادة الإخوان في سبتمبر، تظل تركيا حليف الجماعة الرئيسي الوحيد الذي يقدم ملجأً لمئات من المنفيين لأسباب سياسية.

في حي الطبقة العاملة القاهري، إمبابة، والذي كان في وقت ما معقلاً للجماعة يتم هذه الأيام تغطية رسوم الجرافيتي المؤيدة للجماعة بسرعة بطلاء لونه وردي فيما تبقى على الجدران الشعارات التي تنعت أعضاء الجماعة بالمنافقين والكاذبين.

وعند دحيثهم إلى صحفي يسارع السكان إلى إدانة الجماعة المحظورة، “الإخوان المسلمون مكروهون الآن لأنهم خانونا وخانوا ثقتنا” يقول محمد العلي العامل بمتجر ملابس في إمبابة ويدعم رأيه عصام عادل “خدعونا واستغلونا.”

بالطبع أية إجابات علنية مختلفة ستقودك على الأرجح إلى السجن.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى