مجتمع

بي بي سي: العربيات ينجحن..غربا

نساء عربيات وجدن طريق النجاح في الغرب

 

زها حديد

 

بي بي سي كابيتال – Brooke Anderson

ترجمة: فاطمة لطفي

 

طريقة واحدة لتحققي النجاح كامرأة من الشرق الأوسط:  اتجهي غربًا
على مدار العقدين الماضيين، استطاعت النساء الرائدات من الشرق الأوسط  تحقيق نجاح قوي خارج موطنهن، بما في ذلك المهندسة المعمارية العراقية البريطانية زها حديد، أول امرأة تحصل على جائزة بريتزكر في الهندسة المعمارية، و ومصممة الازياء اللبنانية الأمريكية ريم عكرا.
ساهم تأسيس مشروعاتهن خارج نطاق منطقة الشرق الأوسط بشكل كبير في منحهن فرصا إقتصادية متنوعة،  لكن تبقى هؤلاء السيدات يواجهن تحديات مختلفة عن نظيراتهن في الغرب. يمرون تقريبا بالمعوقات التي قد تواجه النساء في سعيهن لتحقيق أي تقدم في مجال الإدارة.  لكن يواجه النساء النازحات تحدي القدوم من مجتمع يميل للهجرة، وأحيانًا يكون الحنين إلى موطنهن يمثل تحدي آخر.

رينيه أهي، المدير التنفيذي للمركز العربي الأمريكي لأعمال النساء، وهي منظمة تقوم بتوجيه النساء العربيات والأمريكيات في الشبكات التجارية ومهارات التفاوض، تقول: “يساهم سوق العمل الأكبر في خلق فرص أكثر، ويعتمد هذا على ما تريد المرأة تحقيقه، لكن كمهاجرة، ستضطرين إلى المرور بمراحل مختلفة من الصعوبات.”

تبدأ هذه المحاولات من البلد الأصلي، قبل أن يتجهن إلى خارج.

تقول رينيه أن الآباء لا يشجعون النساء عادة لإنشاء مشاريعهن الخاصة، لكن يقومون بالعكس مع الرجال حيث يقدمون لهم التشجيع والدعم اللازم. وبالنسبة للنساء من الشرق الأوسط اللاتي تنتمين للجيل الأول أو الثاني من المهاجرين، يكون الأمر عصيبًا حقًا.

وتضيف رينيه: “النساء اللاتي هاجرن وأقمن ثرواتهن يأملن لو استطعن أن يمهدن الطريق للنساء الشابات من الشرق الأوسط، سواء كان هذا في موطنهن أو في الخارج. على الرغم من أنهن لم يعدن يعشن في موطنهن، إلا أنهن يرغبن في انتشال النساء الواعدات في المنطقة.”

ها هنا بعض من قصص هؤلاء النساء.
مجال الأزياء

(Credit: D Dipasupil/Getty)
Reem Acra backstage her fashion show during New York’s Mercedes-Benz Fashion Week, Spring, 2015. (Credit: D Dipasupil/Getty)

في خضم الحرب الأهلية اللبنانية، انتقلت ريم عكرا إلى نيويورك عام 1983 وهي في العشين من العمر بعد تخرجها من الجامعة في بيروت. ومن خلال دعم عائلتها استطاعت ريم الدخول بقوة في مجال عمل يعد من الأكثر صعوبة وهو تصميم الأزياء في نيويورك، وظلت هناك من ذلك الحين وحتى الآن.

ورغم أنه ربما كان أقرب للمستحيل أن تحقق نفس النجاح في لبنان، إلا أن هذا لا يجعل من نجاحها في نيويورك سهلًا على الإطلاق.

قالت عكرا:” نيويورك ليست مكانًا سهلاً، فالمنافسة طاحنة”.

عندما قدمت عكرا إلى الولايات المتحدة، كان هناك عدد قليل من النساء البارزات في مجالها، ووجدت أن عليها أن تعمل بجد ضعف ما يمكن أن يبذله نظيرها من الرجال، لتستطيع تحقيق ذاتها. اليوم، أزياءها تبرز بانتظام على سجادة هوليوود الحمراء، التي يرتديها نجمات مثل إيفا لانغوريا، و جنيفر لوبيز.
وقالت عكرا:” تغير الوقت كثيرًا منذ التحديات التي مررت بها في السنوات الأولى”. ترى أن العديد من النساء اللبنانيات يؤجلن خطوة الزواج حتى يستطعن تحقيق أنفسهن في مجال العمل. البعض يلتحق بكليات في نيويورك أو في مكان آخر في الغرب. هذا أمر نادر لم تكن تراه من عشر سنوات مثلًا. وبشكل ما، تؤمن عكرا أن هذا الأمر يعود إلى أن النساء -بالإضافة إلى دعم أسرهن- أصبحن أكثر انفتاحًا على السفر للخارج بحثًا عن النجاح.

 

نساء من العراق

شيّدت المعمارية العراقية البريطانية زها حديد مسيرتها المهنية في الهندسة المعمارية. ولدت زها في بغداد عام 1950، وأنشأت مؤسستها الخاصة عام 1980 بعد تخرجها من الكلية.

اتسمت تصاميمها بأنها ذات أشكال عصرية ومن ضمنها: مركز الرياضات المائية الذي جرى إنشاؤه ليستضيف دورة الألعاب الأولمبية في لندن 2012. ومركز الفنون المعاصرة في سينسيناتي في الولايات المتحدة، وجناح بريدج في سرقسطة في أسبانيا. كما أن لها مشروعين رهن التنفيذ في بلدها الأم، العراق. منذ عامين، لاقت انتقادات عدة بسب تصميها لاستاد كأس العالم في قطر لأنه يشبه “الأعضاء الجنسية للمرأة”، حيث وجده البعض يحمل تمييزًا جنسيًا.
“كامرأة قادمة من الشرق الأوسط، التحديات التي واجهتها كانت فريدة من نوعها.”
تقول أيضًا :” من أكبر الصعوبات التي واجهتها لم تكن تلك المتعلقة بعملي أكثر من المتعلقة بكوني “امرأة”. أو كوني “عربية، أو بالتأكيد لكوني”امرأة عربية”. حيث كان التجاهل ومقاومة وجودي، صغيرًا كان أو كبير، فظيع أو راقي، متعمّد أو عفوي –وهو الأمر الأسوأ. حتى وإن لم يكن مُعترف بها من الأشخاص الصادرة عنهم. أنت تعمل بجد لتتجاوز شيء، فتجد أنه شيئًا آخر يظهر لك. اللحظة التي تم تقبل فيها حقيقة كوني امرأة عربية، بدا أن هذا الأمر سيصبح مشكلة بطريقة ما.”

عندما قالت حديد أنه من الصعب أن تضع يدها على الظلم الذي تعرضت له، يظهر لنا تجربة واضحة على ذلك، فعندما فازت في مسابقة إنشاءها مبنى الأوبرا في خليج كارديف منذ عشرين عامًا، أثار فوزها جدلًا لكونها “أجنبية”، وتم سحب الجائزة منها. ثم بعد ذلك فازت مؤسستها بالمشروع مجددًا الذي تم إلغاؤه.

(Credit: Rasha Khouri)
Rasha Khouri founded a luxury fashion shopping website in Arabic and English. (Credit: Rasha Khouri)

وفي خلال تسعينيات القرن الماضي، قالت حديد أن مؤسستها صممت واحدًا آخر ولم تفز بأي شيء. ومع ذلك، كما تقول، “التجربة أدت إلى مشاريع مميزة نشيِّدها اليوم”.

وعلى الرغم من كل إنجازاتها، قالت حديد أنها لم تعتبر نفسها يومًا قدوة. لكن في السنوات الأخيرة: “أدركت أنه بات هامًا أن أسلّم بأنني قادرة على إلهام الآخرين، لذا أعتقد أنني أستطيع، بشكل متواضع جدًا، أن أساعد النساء الأخريات على امتلاك الشجاعة اللازمة والإصرار لتحقيق طموحاتهن”.

ورغم نجاحها إلى يومنا هذا، وكونها أول امرأة تحصل على جائزة” بريتزيكر” في الهندسة المعمارية عام 2004، إلا أنها لا تزال تقاوم للبقاء على الساحة، :”أعتقد أن هذا يشجعك على أن تستمر، فالأمر لا يبدو وكأن الجميع يوافق على ما تقول أينما ظهرت- لا أزال في حاجة إلى كفاح مستمر، رغم أنني خضت ذلك من قبل مئات المرات، وكسرت كل الحواجز، لكن المقاومة لا تزال مستمرة”.
نساء في مجال التكنولوجيا

رشا خوري، فلسطينية لبنانية أسست موقع تسوق على الإنترنت مخصص للأزياء الراقية، “Dia Diwan”، ( هو حاليًا غير متواجد على الإنترنت حيث أنها تخطط لخطوة إنشاء شركة) هي واحدة من عدد قليل من سيدات الأعمال اللاتي تعملن في مجال إدارة المعلومات والتكنولوجيا، انتقلت رشا إلى الغرب في الأعوام القليلة الماضية – والجزء الأكبر من الأسباب يعود إلى توافر فرص عمل أكثر.
خوري، والتي عاشت سابقًا في بيروت، ودبي ولندن، تعمل الآن كمستشارة في المملكة المتحدة. ترى أن وجودنا في لندن الآن جيد لممارسة أعمالها في الغرب بالإضافة إلى أنها في الوقت قريبة نسبيا من منطقة الشرق الأوسط.

استفادت رشا من الدعم الكبير الذي تلقته من شبكة رواد الأعمال، بالإضافة إلى الدعم الخاص الذي تلقته من رائدات الأعمال. هذه المساندة ليست كالتي كانت تتلقاها في منطقة الشرق الأوسط.

قالت خوري: “استطعت الوصول إلى القيادات البارزة في المجال والمرشدين الذين قدموا لي الدعم، والتشجيع، وساعدوني على تحسين الأفكار والتركيز”.

وأضافت : “كما أنه من الأسهل أيضًا أن تؤسس وتدير مشروعًا في المملكة المتحدة”. بينما يظل ضعف البنية التحتية، والبطء، وتكلفة الإنترنت باهظة الثمن. ونقص رأس المال وعدم الإستقرار السياسي التحديات الأساسية أمام تأسيس مشروع في الشرق الأوسط.

(Credit: Elle Wildhagen)
Jessica Semaan chose San Francisco as the most-welcoming place to establish her company. (Credit: Elle Wildhagen)

وبالنسبة لرائدة الأعمال اللبنانية، جسيكا سمعان، والتي أسست مشروعها الخاص بها في سان فرانسيسكو عام 2014، “The passion Co”، وهي أشبه بحاضنة لمساعدة الناس على تحسين وتطوير الأفكار للوصول إلى ما يريدون القيام به. من المفترض أن تتواجد في نظام بيئي وسوق مستقر. ولا يزال لبنان جزء من خطط توسعها المستقبلية.
قالت سمعان:” أقول دائمًا أنني رائدة أعمال عربية، حيث نحمل مسئولية إلهام المزيد من النساء لإتخاذ الخطوة الأولى، أنت بحاجة لامتلاك الثقة أنك جيد فيما تعمل لتقوم به على النحو المناسب. هناك الكثير من الضغوط المجتمعية لكن لديك الخيار أن تدير ظهرك لها.”

قالت سمعان أيضًا أنها تريد أن تكتشف كيف يمكنها أن تنشر قصة نجاحها للنساء في بلادها: ” أخطط للتوسع في الشرق الأوسط بهدف تشجيع النساء ليتخذن الخطوة الأولى نحو ما يريدن القيام به”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى