اقتصاد

بلومبيرج: هناك “حل وحيد” لليونان

بلومبيرج: روشتة الخروج من أزمة اليونان بقلم 3 خبراء

ربط تخفيض الديون بالإصلاحات من خلال “عقود مكتوبة” و”إشراف محايد””

بلومبيرج, &

 ترجمة: محمد الصباغ

قال صندوق النقد الدولي إن الديون اليونانية “لا يمكن تحملها بشكل دائم”. فيما ترى الحكومة اليونانية أن الإصلاح الهيكلي دون تخفيض الديون  هو أمر ”سام“ اقتصادياً وسياسياً. وقد جعل حزب سيريزا الحاكم من فكرة  “تخفيض الديون” قلب حملته الانتخابية، وسيجد صعوبة في البقاء في السلطة ما لم يحقق مبتغاه، كما أنه مطالب بإجراءات هيكلية قاسية.

لكن وزير المالية الألماني فولفجانج شيوبله ومعه المستشارة أنجيلا ميركل رفضا أي تخفيض من قيمة الأوراق المالية في ديون اليونان للاتحاد الأوروبي. ورفضا أيضا الموافقة على أي تخفيض في فوائد خدمة الدين دون تعديلات هيكلية. ومن وجهة نظرهم، تقديم سعر منخفض للفائدة وفترة سماح للسداد، يجب أن يكون مكافأة على فعل سابق يتعلق بالإصلاحات الهيكلية.  ولو عرض هذا الاقتراح على اليونان الآن، سيسمح لها ذلك بالخروج من الموقف الصعب.

هناك طريقة ما لإنجاز هذا الأمر المستحيل، وهو أن يربط الاتحاد الأوروبي واليونان تغيير شروط القروض بإجراء إصلاحات هيكلية وجوهرية في اليونان، وان يسجل كل ذلك في عقود واتفاقات قانونية بين الطرفين.

وفقا لشروط القروض الجديدة، لو نفذت اليونان إصلاحات أكثر، فإن مدفوعات الفوائد المستقبلية قد تكون أقل بشكل دائم وقد تمتد مدفوعات أصل الدين إلى أجل غير مسمى. وإذا نفذت اليونان الاصلاحات المطلوبة بشكل كامل قد تتحول ديونها إلى (القسيمة صفر) أي بدون فوائد وسندات دائمة قد تستنزف القليل جدا من أموال الخزانة العامة للدولة.

يجب أن ترحب اليونان بهذا الترتيب، لأنها قد تتلقى ضمانات بخفض الديون وليس فقط مجرد تطمينات غامضة. كما يجب أن تتقبل الأمر الحكومة الألمانية والمانحون أيضاً، لأن خفض الديون سيحدث فقط لو اتبعت اليونان الإصلاحات. كلا الجانبان عليه أن يقدر الحوافز التى تدفع اليونان نحو تنفيذ تلك الإصلاحات، وتلك الحوافز قد تزيد إذا نجحت تلك الاصلاحات.

والأفضل من ذلك أن أعضاء اليورو قد يحولون قروضهم الثنائية وآلية التمويل الأوروبية لليونان إلى نفس الفكرة بأن تكون مرتبطة بالإصلاحات المنفذة فعلياً. وقد يستخدم ذلك في تحويل الدين إلى سندات مع المستثمرين من القطاع الخاص وأشكال أخرى يتحول فيها الدين إلى استثمارات.

كانت هناك سابقة لهذا النوع من الاتفاقات. ففي 1991 تفاوضت الحكومات الغربية، بالنيابة عن نادي باريس، وعرضوا على بولندا اتفاقاً نص على الربط بين تخفيض الديون بالإصلاح الهيكلي. في المرحلة الأولى، حصلت بولندا على تخفيض بنسبة 30% على قيمة ديونها بعد اتفاقها مع صندوق النقد الدولي على شروط برنامج التعديل الهيكلي. وفي المرحلة الثانية، حصلت على تخفيض بنسبة 20% بعد الوفاء بشروط صندوق النقد الدولي.

وشهدت المرحلة الثانية تفاوضاً بولندياً على تخفيض مماثل لديون القطاع الخاص بنسبة 50%. في الحالة اليونانية، يتماشى هذا الأمر تماماً، لأنه تم سحب 60% من السندات التى يحوزها اليونانيون في 2012.

وكنتيجة لذلك، كما حدث في بولندا عام 1991، فإن أغلب الديون المسببة للأزمة تتبع جهات رسمية. ويجعل ذلك الاتفاق التعاقدي الذي نتحدث عنه واضحا في تنفيذه.

ربط الديون اليونانية بتنفيذ الإصلاحات الهيكلية قد يذلل عقبتين. الأولى، أن تضع الأطراف قائمة محددة من الإصلاحات وجدولا زمنيا لتنفيذها، وأن يتم وضعها في اتفاق الديون. فأن تطلب من السلطات اليونانية أن تفعل كل شئ دون جدول زمني أو تحديد درجة أهمية الخطوات هو أمر سهل. بينما تحديد جدول زمني وأولويات  مسألة صعبة لكنها مهمة.

الأمر الثاني، يجب أن يكون هناك هيئة محايدة لتراقب وتتابع تنفيذ الشروط. في أزمة الديون البولندية عام 1991، لعب صندوق البنك الدولي هذا الدور. لكن الحكومة اليونانية تشكك في قيامه بهذا الدور الآن، لأسباب أقلها أنه الصندوق دائن وغير محايد. قد يكون من الأفضل أن تكون الرقابة بواسطة لجنة من ثلاثة خبراء، أحدهم ترشحه الحكومة اليونانية والآخر مرشح من الاتحاد الأوروبي وثالث مقبول من الطرفين.

أحد الجوانب الهامة في الأزمة البولندية هو أنه لم يكن هناك دائن سوى ألمانيا. وبما أنها جربت هذا الحل من قبل فلما لا تجربه مرة أخرى.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى