سياسةمجتمع

“بلومبيرج”: فساد التعليم يؤذي الاقتصاد قبل المتفوقين

بلومبيرج: مريم ملاك أصبحت بطلة ضد الرشوة والمحسوبية في نظام تعليمي فاسد

بلومبيرج – كارول ماتلاك وسلمي الورداني وأحمد فتيحه – ترجمة: محمد الصباغ

حصلت مريم ملاك ،19 عاماً، على درجات تقارب النهائية في المدرسة الثانوية، وحلمت الفتاة القادمة من صعيد مصر بأن تصبح طبيبة. لكن مع إعلان نتائج الاختبارات في يوليو، وجدت الطالبة المتفوقة أنها حصلت على صفر، وأنها قد فشلت في الإجابة على سؤال وحيد في سبعة اختبارات قامت بتأديتها.

وهناك رواية أخرى: تم تبديل أوراق إجابتها مع أوراق شخص آخر دفع أموالاً أو استخدم علاقاته للحصول على درجات مرتفعة. وقالت الحكومة إنها فحصت الخط المكتوب في أوراق الإجابة التي مجموع درجاتها صفر وتبين أنه خطها. ولم يثن ذلك مريم عن سعيها للحصول على أمر من المحكمة بإعادة مستقلة لاختبار الخط. وقال محاميها: ”نحن نقوم بهذه المعركة نيابة عن كل الطلاب الذين يعانون من ظلم في النظام التعليمي المصري“، وأضاف إيهاب رمزي: ”هذه القضية هي فقط مثال على الفساد المنتشر في وزارة التربية والتعليم“.

لم تجيب الوزارة على مكالمات “بلومبيرج”.

وتعد مريم الآن بطلة في مصر بعد أن سئم المصريون الرشوة والمحسوبية. نشر عشرات الآلاف من الأشخاص رسائل على مواقع الفيسبوك دعماً لها عبر هاشتاج ”أنا_أصدق_مريم_ملاك“. كما عرض بعض المشاهير عليها دفع تكاليف دراستها في جامعة أجنبية.

من بين 175 دولة حول العالم، تصنيف مصر هو 94 في إحصائية سنوية لمنظمة الشفافية والفساد الدولية. ووفقاً للإحصائية أيضاً، فإن حوالي 67% من المصريين الذين شملتهم الدراسة عام 2013 يرون أن النظام التعليمي فاسد. وفي تقرير منظمة الشفافية لعام 2013 جاء ”يمكن أن تجد الفساد في كل مراحل النظام التعليمي“ في العديد من دول العالم بداية من الرشاوي التي تقدم للمدرسين لتزييف درجات الاختبارات وحتى الرسائل العلمية المزيفة.

يقول ستيفان هينمان، الأستاذ الفخري بجامعة فاندربيلت، إن فساد المدارس لا يضر فقط بالطلاب المتفوقين الذين لا ترغب عائلاتهم في دفع الرشاوى، بل يسبب أيضاً ضرراً اقتصادياً كبيراً. ويضيف المسؤول السابق بالبنك الدولي الذي أجرى دراسات على فساد التعليم، إن عدم المساواة في الدخل كان سبباً في ذلك، فالطلاب الأفقر يرفضون فكرة شراء الشهادات التي تساعدهم على الارتقاء في حياتهم. وقام هينمان بعمل دراسات على دول الاتحاد السوفيتي السابق بوسط آسيا في العقد الماضي، وقال إن بعض المؤسسات الدولية في تلك المنطقة تجري اختبارات للمتقدمين للوظائف للكشف عمن  قاموا بشراء درجاتهم العلمية من مؤسسات فاسدة ومن حصل على درجاته العلمية بطريقة شرعية. ومن يتخطى الاختبار من المتقدمين يتم وضعهم في فترة تدريب من أجل التحقق من مهاراتهم. ولأن هذه العملية مكلفة، تحاول بعض الشركات تجنب توظيف أشخاص من تلك الدول وتقوم بجلب خبراء أجانب في المناصب الرئيسية، مما يحد من فرص هؤلاء الخريجين المؤهلين جيداً.

في عام 2011، أقصيت بعض الإدارات بجامعة بيرجوف الروسية القومية للبحوث الطبية بموسكو عقب اكتشاف مفتشين حكوميين أن ثلثين من أصل 700 منحة دراسية كاملة للطلاب بها أسماء ”أشباح“، غير موجودين أو لم يتقدموا للجامعة. ثم بيعت تلك الأماكن بالخانات للمتقدمين بمبلغ 14 ألف دولار.

عادة ما يتم النظر إلى رفع رواتب المعلمين على أنها طريقة للحد من الرشاوى  والفساد، ووفقاً لايزاك بيركوفيتش، أستاذ بجامعة مفتوحة بإسرائيل. وقارن بيركوفيتش في دراسة نشرت في سبتمبر بين درجات طلاب بالصف الرابع في الرياضيات والعلوم الدولية في 45 دولة. كانت أقل الدرجات التي وجدها من المفترض أن تكون في الدول التي تعاني من الفساد وفقا لتعريف منظمة الشفافية الدولية، لكن أيضاً تعلق الأمر بنسبة إنفاق الفرد على التعليم. وكتب بيركوفيتش، إن ضخ الأموال في أنظمة تعليم غير أمينة كتقريب البترول من النار: ”تزيد فرصة انتشار الفساد المؤسسي“.

ويقول هينمان إنه في بعض الدول، من الصعب حتى للطلاب الحاصلين على تقديرات مرتفعة أن يحصلوا على فرصة عمل بالخارج، ويؤكد: ”شهاداتهم له سمعة سيئة. ولا أحد يثق في معلميهم“.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى