ترجماترياضة

بلومبرج: كيف حقق المصرفيون فشلا مثيرا للسخرية في توقع نتائج المونديال؟

نموذج “جولدمان ساتشز” المتطور لم يقترب حتى من النتائج الصحيحة للمباريات

 

المصدر: Bloomberg – 

ترجمة: ماري مراد

في البداية، كان النموذج الإحصائي لمؤسسة “جولدمان ساكس” المصرفية والخاص بكأس العالم يبدو مثيرًا للإعجاب؛ إذ قام على استخراج البيانات حول الفرق واللاعبين، واستخدام الذكاء الاصطناعي للتنبؤ بالعوامل التي قد تؤثر على نتائج المباريات، وحاكى مليون تطور محتمل للبطولة. ورغم أن النموذج تم تحديثه مع تتالي نتائج المباريات، لكنه ظل يخطئ مرارا وتكرارا. ومن المؤكد أنه لم يتنبأ بمواجهة فرنسا لكرواتيا في نهائي كأس العالم يوم الأحد.

يعتبر الفشل في التنبؤ بنتائج مباريات كرة القدم بدقة، فرصة جيدة للسخرية من غطرسة نخبة المصرفيين الذين يستخدمون نماذج معقدة مماثلة لقرارات الاستثمار.

ومؤخرا، غرد توم بير، مؤسس The Upper Left Opportunities Fund، قائلًا: “بالتأكيد، لا تتنبأ بيانات الماضي دائمًا بالمستقبل؛ ولا يخبر “جولدمان ساكس” العملاء أبدًا باتخاذ القرارات فقط على أساس نتائج نماذجه. وعلى أي حال، فإن النموذج لم يولد سوى احتمالات الفوز في مباراة والتقدم في البطولة، ولم يمنح أي فريق أكثر من 18.5٪ فرصة للفوز بكأس العالم. ومن المحتمل أن يكون المغزى من القصة هي أن البيانات الضخمة والذكاء الاصطناعي لا يجعلان بالضرورة التنبؤ الإحصائي أكثر دقة”.

نفذ جولدمان ساكس إجراء إحصائيًا أقل طموحًا لكأس العالم 2014. ولم يستخدم سوى إحصائيات فريق معينة، مثل عدد الأهداف المسجلة في آخر 10 ألعاب دولية رسمية وترتيب الفرق. وفي المحاكاة الأولى خسرت ألمانيا 1-2 أمام البرازيل في الدور قبل النهائي، وفازت البرازيل على الأرجنتين 3-1 في المباراة النهائية. وتوقع أيضا أن إسبانيا، بطلة 2010، ستُهزم من الأرجنتين في الدور قبل النهائي.

إسبانيا، بالطبع، خرجت في مرحلة المجموعات، وخسرت البرازيل 1-7 من ألمانيا، التي فازت بكأس العالم.

ومن جانبهما، اقترح  الاقتصاديان في جولدمان ساكس، جان هاتشيوس وسفين جاري ستين، “العشوائية المتأصلة في كرة القدم” كسبب لفشل النموذج، وكتبا ما يلي:

تنبأ النموذج بانتصار 2-1 للبرازيل، لكن النتيجة الفعلية كانت فوز ألمانيا 7-1. نأسف على هذا الخطأ. لكن عندما نتحدث بصفتنا ألمان، نلاحظ أيضًا أن هناك أشياء أكثر أهمية من أن نكون على حق.

وبالنسبة لمحاولة 2018 الأكثر تفصيلًا، قام الاقتصاديون في بنك جولدمان ساكس بتغذية الكثير من البيانات بشأن الفرق واللاعبين  في أربعة أنواع مختلفة من نماذج التعلم الآلي لاكتشاف قوة التنبؤ الإحصائية. ثم أجروا المحاكاة لحساب النتيجة الأكثر احتمالا لكل مباراة. وكانت النتائج الأولى لإضافة متغيرات على مستوى اللاعبين، مثل متوسط الترتيب للرياضيين في الفريق ومقاييس قدراتهم الدفاعية والهجومية، تبدو مشجعة. وبفضل استخدام المزيد من البيانات المفصلة، التي كانت ممكنة بفضل الذكاء الاصطناعي، كان يجب أن يكون نموذج هذا العام أفضل من نموذج عام 2014.

نسخة 2014 نجحت في وضع ثلاثة من الفرق الصحيحة في الدور قبل النهائي، لذا لم تكن هكذا بعيدة. وكان الانهيار البرازيلي الملحمي أمام ألمانيا حدثًا لمرة واحدة لن يتم نسيانه أبدًا في أي بلد مجنون بكرة القدم، وبالتالي كان من المستحيل على أجهزة الكمبيوتر اكتشاف الفريق الصحيح.

بالنسبة لعام 2018، ضم البنك الاستثماري في البداية البرازيل وفرنسا وألمانيا والبرتغال في الدور نصف النهائي؛ وكان من المفترض أن تغلب البرازيل ألمانيا في المباراة الأخيرة. ومن بين هذه الفرق، وصلت فرنسا فقط إلى الربع النهائي.

“جولدمان ساكس” حدثت النموذج طوال البطولة. وتوقعت مباراة نهائية بين البرازيل وأسبانيا في 29 يونيو والبرازيل وفرنسا في 4 يوليو. وكان أحدث توقع للنموج  منافسةإنجلترا وبلجيكا على الكأس، في حين أن الفريقين تم إقصاؤهما في الدور قبل النهائي.

بالطبع، لم تكن التوقعات عبارة عن رهانات بملايين الدولارات أو حتى وعود. وكتب ستيف وزملاؤه ماناف شودري ونيكولاس فوسيت: “تظل التوقعات غير مؤكدة إلى حد كبير، حتى مع الأساليب الإحصائية الأكثر فخامة، ببساطة لأن كرة القدم لعبة لا يمكن التنبؤ بها. هذا بالطبع السبب في أن مشاهدة كأس العالم ستكون مثيرة للغاية”.

وإنصافًا، لم يكن “جولدمان ساكس” البنك الوحيد الذي لم يستطع نموذجه المتطور التعامل مع المهمة المعقدة. فبنك “UBS” السويسري، على سبيل المثال، أعطى ألمانيا أعلى فرصة للفوز، تليها البرازيل وإسبانيا وإنجلترا. ووفقًا للبنك السويسري، فإن كرواتيا لديها فرصة بنسبة 4.4% للوصول إلى الدور قبل النهائي. ولم يقدم المراهنون أو الأكادميون العاملون مع المراهنيين احتمالات أفضل.

لكن إخفاق “جولدمان ساكس” ربما كان الأكثر غرابة. فالتكنولوجيا الحديثة تسمح بمستوى رائع من التفاصيل في النمذجة، مما يخلق وهم تعزيز القوة التنبؤية. ولكن الحياة يمكن أن تكون أكثر تعقيدًا من أكثر النماذج التي تم تصميمها بالاعتماد على الذكاء الاصطناعي.

كرة القدم، مع العديد من العوامل التي تؤثر على نتائج المباراة- إصابات اللاعبين والخلافات داخل الفريق، والتحكيم، والطقس، وأخطاء المدربين ولحظات الإلهام- لا تزال فقط لعبة محكمة التنظيم تضم بضع عشرات من الناس. يمكن القول أن سلوك وأداء الشركات الكبرى، والصناعات والأمم بكاملها، أصعب من نموذج يعتمد على بيانات عن الماضي.

لا ينبغي للتطور التكنولوجي اليوم أن يشوش حكمنا. فالحياة لا تزال تهزم قصارى جهدنا في حصرها داخل قاعدة بيانات.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى