إعلام

بريطانيا: هل تنتصر الصحف على الحكومة؟

مواجهة بين الصحف الكبرى في بريطانيا  والحكومة حول نظام جديد لتنظيم الصحافة يفرض غرامات باهظة

إيدن وايت – شبكة الصحافة الأخلاقية

ترجمة – محمود مصطفى

تسود حالة من الفوضى تنظيم الصحافة في لندن ومن المرجح أن يبقى الوضع على ما هو عليه في المستقبل القريب.

بعد ثلاثة أعوام من فضيحة صحفية مدوية وتحقيق مفصّل وعدد من القضايا البارزة في المحاكم التي أودت بصحفيين إلى السجن، أقرت الحكومة أخيراً نظاماً جديداً لتنظيم الصحافة يقول النشطاء من أجل إصلاح الصحافة إنه جاء متأخراً جداً.

سيؤسس البرلمان، بتوافق من كل الأحزاب، مجلس اعتماد مستقل سيمنح منظمي الصحافة الجدد وضعاً رسمياً وفق مرسوم ملكي يعد بمزايا قانونية للصحف التي ستنضم للمجلس.

يقول السياسيون إن النظام الجديد سيسهل على من يشعرون بأن الصحافة ظلمتهم أن تُسمع شكاواهم، وسيتمكن منظمو الصحافة الجدد المعتمدين وفق النظام الجديد من فرض غرامات تصل إلى مليون جنيه إسترليني.

لكن الصحف تقول إن هذا النظام شديد القسوة ويهدد حرية الصحافة. معظم الصحف وافقت على تأسيس هيئتها الخاصة “منظمة معايير الصحافة المستقلة (إبسو)” والتي لن تندرج في النظام الجديد. وتقول الصحف إنها ستبحث عن قنوات قانونية لإفشال النظام الجديد وفي الوقت نفسه ستتجاهله في محاولة لجعله غير مؤثر.
ثلاثة لاعبين أساسيين هم الجارديان وفاينانشيال تايمز وإندبندنت، وينضم إليهم الصحيفة الكبرى في لندن “إيفيننج ستاندارد”، رفضوا الإنضمام لـ”إبسو” وقرروا أن يستقلوا بأمرهم وأن يؤسسوا نظام داخلياً للتنظيم الذاتي.

لكن هؤلاء من قرروا السير منفردين يعرضون أنفسهم بالفعل للخطر، الجارديان على سبيل المثال أنشأت مجلسها المستقل الخاص والذي يتمتع بسلطة “التوصية بعدد من سبل الإنصاف ومنها التصحيحات والتعديلات وإزالة المحتوى والإعتذارات وتوفير حق الرد.”

لكن وكما لاحظ أحد المراقبين الإعلاميين، فإن مجلس الجارديان لا يبدو أن لديه السلطة لبدء تحقيقات وفرض غرامات على العكس من منظمة معايير الصحافة المستقلة. ويقول “يبدو أن حل الجارديان لمشكلاتها مع “إبسو” على المدى القصير هو أن تنشئ نظامها الخاص للتعامل مع الشكاوى والذي هو أقل استقلالاً وأضعف سلطة.”

“إمبريس” هي هيئة صحفية أخرى تحاول حالياً الإنتهاء من تشكيل هيكل مجلس الإدارة للهيئة التي من المفترض أن تبدأ ممارسة نشاطها بداية العام المقبل. “إمبريس” ستكون أكثر استقلالية وستجذب الكثيرين من اللاعبين الجدد من عوالم الصحافة الرقمية(يجب أن أشير هنا إلى كوني صاحب مصلحة حيث أني أقدم النصح لـ”إمبريس بشأن عضويات مجلس إدارتهم الجديد).

لكن من غير المؤكد أن “إمبريس” ستكون بديلاً مقبولاً لـ”إبسو” بالنسبة للجارديان والرافضين الآخرين. وإذا سعت “إمبريس” مستقبلاً إلى إعتماد رسمي وفق مرسوم الحكومة الملكي فإن هذا سيثير حفيظة الجارديان التي يعارض رئيس تحريرها بشدة النظام الجديد.

ورغم ذلك ستركز “إمبريس” على شخصيتها المتفردة كهيئة مستقلة وستعلن عن خدمات التحكيم التي خططت لها لحل النزاعات الإعلامية القانونية التي تشمل صحفيين. ومثل هذه الخدمة التي تقدم مدخلاً في المتناول للعدالة كان أحد توصيات برايان ليفيسون لمنظمي الصحافة في تقريره في نوفمبر 2012 حول حادثة التنصت على الهواتف وسوء استغلال الصحافة.

ويوفر هذا بديلاً شديد الأهمية لقانون تقاضي إعلامي عدائي، ويتفادى مشكلة التكاليف القانونية الفلكية التي غالباً ما تستخدم من قبل المتقاضين للترهيب وتعطيل الصحافة الإستقصائية.

وفي الوقت ذاته من المرجح أن يتخلى الجدل حول تنظيم الصحافة في المملكة المتحدة عن الدعاية السياسية في الأشهر القادمة وبالرغم من أن القادة السياسيون يقولون إنهم يريدون القضاء على ثقافة البحث عن الفضائح في الصحافة فإن أياً منهم لن يتحدث عن الأمر قبيل الانتخابات المقبلة في مايو من العام المقبل.

ويرى الساسة أن النظام الجديد ليس من شأنه التدخل في الصحافة بل يقولون إنه ليس تشريعاً لتنظيم الصحافة لكنه شكل من أشكال التنظيم الذاتي، وإن كان شكلاً لا تريده الصحافة.

http://ethicaljournalismnetwork.org/

 هذه المقالة برعاية  شبكة الصحافة الأخلاقية   ، وهي منظمة إعلامية  غير ربحية تدعو إلى الصحافة الأخلاقية والحكم الرشيد والتنظيم المستقل لوسائل الإعلام. تم إنشاؤها في عام 2011 في إطار حملة مهنية  لتعزيز مهنة الصحافة. يمكن قراءة النسخة الأصلية لهذه المقال بالإنجليزية  على هذا الرابط

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى