أخبارإعلام

“النّص الطويل مات”.. شبكة “أريج” تُعلن جوائز 2017

صحافيو مصر واليمن والأردن يحصدون جوائز أريج 2017

 

البحر الميت – 3 ديسمبر/ كانون أول 2017

حصد 12 صحفيا عربيا غالبيتهم من مصر، اليمن والأردن جوائز أريج 2017 ضمن أربع فئات استقصائية؛ فلم طويل/  قصير، ملتميديا ومكتوب وذلك عن تحقيقات كشفت قضايا فساد، انتهاكات حقوق إنسان في مجتمعاتهم وحملات تنصت إلكتروني على مواطنين.

وأعلنت شبكة إعلاميون من أجل صحافة استقصائية عربية (أريج) أسماء الفائزين خلال حفل عشاء مساء الأحد في ختام أعمال ملتقاها العاشر للصحفيين الاستقصائيين العرب، الذي شارك به على مدى ثلاثة أيام 500 استقصائي عربي وخبير دولي على شاطئ البحر الميت.

من اليمن، حصدت الزميلة نوال المقحفي – التي تحمل الجنسية اليمنية والبريطانية- جائزة أفضل تحقيق ضمن فئة (فلم طويل) على فضائية (بي بي سي العربية) بعنوان: (أسلحة المراقبة الشاملة)، الذي كشف قيام شركة BAE البريطانية ببيع أجهزة مراقبة إلكترونية سراً لدول توصف بالقمعية في الشرق الأوسط.
أما فئة الأفلام القصيرة، فكانت من نصيب الزميل المصري محمد أبو ضيف عن تحقيقه (ترخيص عودة الذي كشف عمليات تزوير لوحات سيارات ليبية بأخرى مصرية.

وفي حقل التحقيقات المكتوبة، توزعت الجائزة مناصفة بين مصر: (ثغرات في المطارات المصرية واليونانية) الذي نشر بأسماء مستعارة و(الاغتصاب الزوجي) للزميلة آية نبيل، في موقع “أصوات مصرية”. التحقيق الأول كشف استغلال غياب أجهزة تدقيق إلكتروني (بصمة العين أو بصمات الأصابع) في مطارات مصرية ويونانية، لتهريب أشخاص إلى الشاطئ الآخر من المتوسط. ووثّق تحقيق آية عدم تمكّن نساء في مصر من طلب الطلاق بسبب الشكوى من (الاغتصاب الزوجي)، لأن المشرّع لا يعترف بهذه التهمة.


وتوزعت جائزة أفضل تقرير ملتميديا مناصفة بين دانا جبريل من منصة حبر الإلكترونية عن تحقيق (ما بعد الترحيل وخمسة صحفيين في وكالة “أسوشييتد برس” برئاسة ماغي ميشيل بالتعاون مع زميلين من اليمن معاذ الذكري وأحمد الحاج عن تحقيقهم: (في السجون السرية باليمن). تقرير دانا جبريل وثّق ترحيل جمعي للاجئين سودانيين من الأردن ما تسبب بمقتل وتشريد عدد منهم. وكشف تقرير “الأسوشييتد برس” اختفاء مئات المعتقلين في سجون سرية باليمن، وتعرضهم للتعذيب في غمرة حملات محاسبة مقاتلي تنظيم القاعدة هناك. كما يوثق مشاركة قوات أمريكية في عمليات الاستجواب.

لجنة التحكيم قرّرت منح الزميلة عائشة الجيّار من صحيفة القبس الكويتية شهادة تقدير عن تحقيقها الذي نشر بعنوان (تعليم مغشوش).
وتقول رئيس لجنة التحكيم روان الضامن (الأردن) إن 99 تحقيقا تنافسوا على جائزة 2017 بجميع فئاتها. وبعد التقييم الأولي، أحالت 27 من هذه التحقيقات إلى لجنة التحكيم، بحسب الضامن، التي أشادت بقدرة الصحفيين على تجاوز التحدّيات. جلّ التحقيقات المتنافسة كشفت ممارسات مغلوطة وتعسّفا في استغلال النفوذ.

وترى الضامن أن عديد قصص متنافسة ضمن فئات “الأفلام” و”الملتميديا” كان من الممكن أن تحصد جوائز لو كان بناؤها أكثر جاذبية، مع توجيه عناية خاصة للتفاصيل التقنية لما بعد الإنتاج (التحرير، الموسيقى، الصوت الطبيعي).

لأول مرّة، فتحت أريج هذا العام باب التنافس على جائزتها أمام صحفيين من خارج مظلّتها التدريبية والتمويلية. هذه البادرة تعكس “ثقة أريج بالمعايير الدولية التي وصلها الأريجيون”، وفق الضامن، كما تشكّل “خطوة جادّة لرفع التحدي في العقد المقبل كيما يملك الصحفيون العرب الثقة في أن يصوبوا هدفهم الأكبر ويتنافسون مع صحفيين استقصائيين أكثر خبرة يعملون ضمن ميزانيات أعلى”.

يشار إلى أن الضامن تعمل منذ نحو عقدين في انتاج وثائقيات وبرامج بصرية ورقمية، وهي رئيس مؤسسة ستريم للاستشارات الإعلامية. وأسست الضامن وأشرفت على مشروع (ريمكس فلسطين) الحائز جوائز دولية، وهو أكبر موقع بصري تفاعلي يعنى بالقضية الفلسطينية. كما حازت على جائزة الإبداع الإعلامي من مؤسسة الفكر العربي في بيروت (ديسمبر 2015).

وكان ملتقى أريج شهد في يومه الثالث والأخير 20 جلسة حوارية تمحورت حول تحدّي الأخبار المزيفة، التحوّل العالمي نحو الإعلام الرقمية، السرد البصري، التصوير وتجارب الاستقصاء في مناطق النزاع والحروب.

في جلستها، عرضت الضامن الفروق الجوهرية بين تقديم القصص الاستقصائية بالطريقة التقليدية “Linear”  والأسلوب الرقمي التفاعلي. ولخّصت محاضرتها بالقول: “إن النص الطويل قد مات”. ودعت الضامن الأريجيين إلى الاستعداد للعصر الذي يتخلّى فيه الجمهور عن وسائل الإعلام التقليدية.

وبينما أوضحت أن الإنتاج الرقمي، يستهدف تطويع التكنولوجيا لخدمة المحتوى، أشارت الضامن إلى أنه يرمي أيضا لتطويع المحتوى ليتناسب مع “عقل التكنولوجيا”.

من جهته، حث ديفيد كي جونستون الصحفيين الاستقصائيين على الحفر وسط الجبل الكبير – بحسب وصفه-  للوصول إلى المعلومات. وفي جلسة بعنوان: “التحقق من الشركات والحكومات”،  دعا جونستون نظرائه العرب إلى الوصول للموازنات والتقارير السنوية السابقة ثم تحليلها وإجراء مقارنة بين النسب القديمة والجديدة.

وأدار الزميلان د. خالد ناصر وغافين ريس جلسة حول “كيفية التعامل مع الصدمات النفسية والعصبية الناتجة عن العمل الصحفي في الميدان”.

من جانبه استعرض الإعلامي يسري فوده تاريخ تزييف الأخبار منذ 1285 قبل الميلاد بيد رمسيس الثاني. كما ذكر فوده – في جلسة تحدّي الأخبار الزائفة – أمثلة حيّة عن التزييف؛ منها التلاعب بالصور، العناوين والإخراج الصحفي.

وأجمع المتحدثون في جلسة أدارها الصحفي الاسترالي إيفو بوروم على ضرورة ترسيخ صحافة الاستقصاء والصحافة المهنية في مواجهة الأخبار الملفقة ومحاولات التضليل، وطالبوا الصحفيين ومؤسساتهم بالتحقق من صدقية المعلومات باعتبارها متطلبات مهنية ملحة وسط تدفق المعلومات.

وأكد المدير التنفيذي لشبكة الصحافة الأخلاقية، ايدن وايت، على أن المعلومات تمثّل “نفط القرن” و “منجم ذهب”، ما يجعل السيطرة عليها أحد مقومات الحصول على القوة والمال، مشيرا إلى أن سيطرة شركات كبرى يتيح لجماعات وأفراد اللجوء إلى تزييف الأخبار، التي يجب تعريفها بأنها “فبركة مقصودة للأخبار بنيّة الخداع”.

وأشار المؤسس المشارك لـ OCCRP، درو سوليفان، إلى مخاطر فوضى المعلومات ما يفتح المجال لنشر أخبار ملفقة وتقويض صدقية الإعلام. وقال سوليفان: “المعلومات الصحيحة والموثقة هي الوسيلة الفعّالة في مجابهة الأخبار الملفقة”.

واتفق الصحفي الاستقصائي في شبكة إن بي سي الأميركية، اندي لرين، مع طرحي وايت وسوليفان، وحذّر من تلاعب شركات، أشخاص وحكومات بصحفيين ومحاولة استخدامهم حتى يكونوا جزءا من عملية نشر الأخبار الملفقة.

وفي ورشة “نصائح اساسية للتصوير في الميداني”، قدّم المدرب جوردن أرليش Jordan Ehrlich، نصائح حول فن التصوير في الاستقصاء أولها التأني وأخذ نفس عميق ثم التفكير مطولا قبل التقاط الصور لتفادي العشوائية والسهو.

في ورشة “الاستقصاء في مناطق النزاع”، تحدث صحفيون من اليمن، ليبيا، العراق وسوريا. ودعا الصحفي السوري أحمد حج حمدو زملاءه/ زميلاته إلى التكتل ضمن فريق مشترك واستخدام أسماء مستعارة لضمان سلامة الصحفي. وقالت الصحفية العراقية ميادة الداوود إن الصحفي “في مناطق النزاع قد يضطر لتقديم نفسه بمهنة أخرى كباحث أو محامٍ وإخفاء اسمه أثناء نشر القصة”. ونبّهت لخطورة الذهاب إلى منطقة دون ضمانات بالحماية. أما معتز علي من ليبيا فقال إن الفلتان الأمني في بلاده الشاسعة “يجعل من العمل الصحافي الجمعي ضرورة ملحة”.

ملتقى أريج العاشر هو الأكبر الذي تنظمه الشبكة، إذ شارك فيه 500 صحفي ومدرّب استقصاء عربا وأجانب. وتعد أريج الشبكة الوحيدة التي تنشط لترسيخ صحافة الاستقصاء في تسع دول عربية منذ انطلاقها أواخر 2005، قبل أن تتمدد إلى جميع الدول العربية بدءا من مطلع العام الحالي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى