سياسة

المستقبل في دمج الأخبار

غرف الأخبار تندمج كل يوم، ولم تعد في الصحف العالمية غرفة مستقلة للأخبار المطبوعة، وأخرى للويب، وثالثة للبث التلفزيوني، بل صار  “الكل في واحد” .  وهو ما ناقشه مؤتمر” غرف الأخبار المدمجة ” الذي اختتم اليوم في القاهرة، بهدف نقل تلك الخبرة للصحافة المصرية.

تغطية خاصة – زحمة – EMDP

كتب – محمود مصطفى   . تصوير – أحمد منتصر

نظمت “رابطة المحررين المصريين” (EEA ) بالشراكة مع “الشبكة العالمية لمسؤولى التحرير” و”شبكة الصحافة الأخلاقية” و”البرنامج المصرى لتطوير الإعلام” مؤتمراً هو الأول من نوعه في الشرق الأوسط حول: كيف يمكن للصحف أن تؤسس غرف أخبار مدمجة؟.

المؤتمر الذي انعقد ليومين في المبنى اليوناني للجامعة الأمريكية، واختتم اليوم الثلاثاء، شهد حضوراً متنوعاً من خبراء وشخصيات بارزة في مجال الصحافة والإعلام من مصر ومن حول العالم.

غرف الأخبار المدمجة هي الغرف التي يستطيع من خلالها المحرر تقديم منتج صحفي عبر كل الوسائل سواء مطبوعة أو رقمية أو مسموعة أو مرئية.

برتراند بيكيري – الرئيس التنفيذي للشبكة العالمية لمسؤولي التحرير

كلمة الافتتاح في اليوم الأول ألقاها طارق عطية مدير البرنامج المصري لتطوير الإعلام، الذي أوضح أن أهمية المؤتمر تتمثل في تعريف الصحافة المصرية بآخر ما وصلت إليه الصحافة العالمية، مؤكداً أن رابطة المحررين المصريين تهتم بأن تكون المؤسسات الصحفية المصرية على دراية مستمرة بأحدث التطورات في المجال.

وتحدث برتراند بيكري الرئيس التنفيذي للشبكة العالمية لمسئولي التحرير عن اتجاهات غرف الأخبار في الصحف العالمية مستعرضاً نظرة عامة شملت نماذج لهذه الاتجاهات.

وبعده استعرض إيدين وايت رئيس شبكة الصحافة الأخلاقية مسألة التوازن بين سرعة التغطية للأخبار والالتزام بأخلاقيات المهنة، وفك الاشتباك بين الأمرين.

أسباب تدشين الرابطة، وأهمية التقاء القيادات التحريرية على أسس مهنية وليست سياسية من أجل تطوير شامل للمهنة، كان محور كلمة محمد عبد الرحمن منسق رابطة المحررين المصريين، الذي أكد على أهمية منافسة كبريات الصحف العالمية وعدم الاكتفاء بالمنافسة المحلية.

وأوضح عبد الرحمن مميزات الانضمام لرابطة المحررين المصريين، وما ستوفره الرابطة من تدريب لمحرري المؤسسات الصحفية المختلفة، عبر  خبراء الصحافة الأجانب بشكل دوري، وإطلاع تلك الصحف على الجديد دائماً في صناعة الصحافة، وأهم المؤتمرات العالمية التي تقام في هذا الشأن والجوائز العالمية التي يمكن لمؤسسات صحفية مصرية أن تنافس عليها بجانب باقي الخدمات التي تقدمها الرابطة.

في اليوم الثاني من فعاليات المؤتمر، تحدث داري داتري عضو وحدة الأعمال الرقمية في موقع “ايه جي إي ايه”، والذي كان مسئولاً عن عملية دمج غرف الأخبار بين الصحافة المطبوعة والصحافة الإنترنتية في صحيفة “كلارين” الأرجنتينة واسعة الإنتشار، عن تجربة صحيفته في دمج غرف الأخبار وقال إن هناك أسئلة أساسية يجب طرحها عن كلفة وربحية دمج غرف الأخبار، والدافع وراء اتخاذ مثل هذا القرار وعن وجود إمكانية فعلية لتحقيق هذا التحول.

وقال دي أتري إن التحول في البداية كان عبارة عن إعادة ترتيب للمكاتب في غرفة الأخبار، وأضاف أن الخطوة التالية التي استغرقت جهدا كبيراً كانت” إقناع صحفيينا أن المستقبل هو للصحافة الرقمية.”

وأوضح أنه بعد سبعة أعوام من تجربة كلارين “كانت عملية الدمج بالنسبة لي هي مجرد محاكاة للتجارب الأخرى، والنظر إلى تجارب الصحف العالمية كالدايلي تيليجراف وواشنطن بوست وغيرها” مشدداً على أن الخطوة الأهم كانت إنشاء نوع جديد من الإدارة في المؤسسة تتواءم مع متطلبات الإعلام الرقمي.

طارق عطية – مدير البرنامج المصري لتطوير الإعلام

وتحدث الصحفي الأرجنتيني عن عدة تحديات تواجه المؤسسات الصحفية في التحول إلى غرف الأخبار المدمجة، من أبرزها دراسة استراتيجيات التسويق التي طورتها الشركات ذات العدد الهائل من العملاء والتعلم منها لمعرفة كيفية التواصل مع عميل دائم التواصل.

تحد آخر أشار إليه هو “إنشاء وتطوير منصات رقمية غير مقيّدة بديناميكيات شركات النشر التقليدية، وأكثر تركيزاً على السوق الرقمي بحرية حركة أكبر لإدارة وفريق،” وأيضاً “إعادة تشكيل عملية إنتاج المحتوى بحثاً عن طرق جديدة لتقديم محتوى ذا جودة عالية.”

تحدث داريو أيضاً عن تقديم وسائل جديدة لخدمة القارئ الذي يسعى إلى ما هو أكثر من قراءة الأخبار، وعرض فيلما قصيراً عن تجربة كلارين في تقديم خدمة البث الحي عبر الإنترنت لحفلات موسيقية وأحداث سياسية وغير ذلك مما يجذب شرائح أخرى من القراء.

تلت كلمة داتري جلسة حوار بعنوان “غرف الأخبار في الصحف المصرية .. الآن وفيما بعد” تحدث خلالها مجموعة من الشخصيات الإعلامية البارزة هم إيهاب الزلاقي مدير تحرير المصري اليوم وهشام قاسم االناشر

الصحفي المعروف وعزت إبراهيم مدير تحرير الأهرام، وأدار الجلسة أحمد سعيد مسئول المحتوى بشركة سرمدي للإعلام الرقمي.

إيدين وايت – مدير شبكة الصحافة الأخلاقية

تناولت الجلسة تطور الإعلام الرقمي في مصر وعلاقته بالورقي وما هي فرص دمج غرف الاخبار في المؤسسات الصحفية المصرية. وقال الزلاقي إن “أبرز التحديات التي واجهت ولا زالت تواجه صحيفة “المصري اليوم” في عملية الدمج أو التحول هي تغيير ثقافة العمل، وقد واجهتنا مشكلات كثيرة في تغيير هذه الثقافة.”

وأضاف الزلاقي أنه مع بدايات العمل في الصحافة الرقمية توجب على الصحفي أن يضع نصب أعينه “استخدام وسائل ومهارات لم يكن يستغلها كالتصوير واستخدام وسائل الاتصال الرقمية.”

من جانبه، تحدث الناشر هشام قاسم عن التجارب التي يمكن الإستقاء منها مشيراً إلى أن أفضل غرف الأخبار لم تعد في أوروبا وأمريكا، وأن هناك غرف في فييتنام أفضل من نظيراتها في الأطلسي.

وأكد قاسم على أنه ” لا توجد غرف أخبار مدمجة حالياً في مصر مفصلاً العوامل التي يجب توافرها من أجل إنشاء غرفة أخبار مدمجة وهي “الخبرة والإدارة ورأس المال والرغبة في صنع إعلام حقيقي وليس نفوذ سياسي.”

مدير تحرير الأهرام تحدث عن العوائد المالية للصحافة الرقمية قائلاً إن “المحتوى على الإنترنت لا يأتي بعائدات كبيرة بالمقارنة بالمطبوع بالنسبة للأهرام، مشيراً إلى أن هذا سيستمر لفترة.

وأكد إبراهيم على أنه يجب دراسة كيفية إدرار المحتوى الرقمي للمزيد من الدخل عبر ابتكار وسائل جديدة وإحداث نقلة في المحتوى والإتجاه إلى صحافة استقصائية أكثر من خبرية.

بعد ذلك تم تقديم عرض من شركة نولدج فيو الراعية للمؤتمر وهي شركة بريطانية متواجدة في الشرق الأوسط ويتركز نشاطها على تطوير آليات النشر. تضمن العرض الخدمات التي تقوم بها الشركة في مجال تصميم غرف الأخبار المدمجة وتوفير برمجيات النشر لمنصات متعددة.

المتحدث الأخير كان أنجوس فوستر نائب رئيس تحرير هيئة الإذاعة البريطانية بي بي سي. وعرض فوستر صوراً لتطور غرف الأخبار في بي بي سي من أربعة غرف مختلفة إلى غرفة أخبار واحدة مدمجة تقوم بإنتاج المحتوى للراديو والتليفزيون والموقع لبي بي سي في بريطانيا وللخدمة العالمية أيضاً.

محمد عبد الرحمن – منسق  رابطة المحررين المصريين

وأوضح أنجوس أن الصورة ليست وردية فمعظم الصحفيون يواجهون صعوبة في التعامل كغرفة أخبار موحدة.

ومع اختلاف الأذواق بين متلقي المحتوى الإذاعي والتلفيزيوني والمقروء، يقول فوستر أن فكرة غرف الأخبار المدمجة تطلب مرونة من قبل الصحفيين و”هو ما سيساهم في انتشاره بصورة أكبر الشباب المتحمس الذي يستطيع استقبال الأفكار الجديدة بمرونة.”

واختتم المؤتمر بثلاث جلسات نقاش منفصلة بين الحضور وبين الخبرء الأجانب أنجوس فوستر وداريو داتري والرئيس التنفيذي للشبكة العالمية لمسئولي التحرير، برتراند بيكري.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى