حيواناتمجتمعمنوعات

“الفيل والشمبانزي يعرفني”.. يوم مع صحفي الحيوانات الوحيد

مصور حديقة الحيوان بالأهرام يروى قصة 35 عاما غير عادية بين الأسود والشمبانزي والطواويس

Image may contain: 1 person, closeup

كتبت- سلمى خطاب

ارتبط اسمه بقصص وصور عن حياة الحيوانات داخل حديقة حيوان الجيزة، تارة  يكتب عن  مشاجرة  بين ثلاثة دببة إناث على الدب الذكر هاني، وفي القصة التالية يكتب عن زواج هاني من دبة جديدة تدعي نيفين، ثم يشارك احتفالات اثنين من فصيلة الشمبانزي “بوبو وموزة” بإعلان خطبتهما، وبعد عامين يشارك الفصيلة ذاتها الحزن بعد إعلان خبر وفاة بوبو بسكتة قلبية.

هو المصور الصحفي أيمن برايز، الذي شكلت له حديقة حيوان الجيزة بابًا واسعًا للوصول إلي نوع جديد من القصص الصحفية غير دارج في مصر، يتداول أخبار الحيوانات وتفاصيل حياتهم، في شكل طريف وبسيط.

في لقاء لـ”زحمة” معه داخل مبني مؤسسة الأهرام، تحدث برايز عن الحيوانات بأسمائها، وروي ذكريات له معها كأنهم أصدقاء يعرفهم ويعرفونه جيدًا، كما روي أيضًا كيف كانت حديقة الحيوانات بوابته الواسعة للعمل والتعيين في مؤسسة الأهرام العريقة، بعدما فشل في نشر العديد من الصور بالجريدة، ثم اختارت الجريدة صورة لـ”ثلاث بجعات يأكلن الخس” داخل بحيرة حديقة الحيوانات، ليبدأ بعد ذلك برايز العمل في الأهرام وينشر صورة عن الحيوانات يوميًا.

في بداية حديثه عن حديقة الحيوانات، قال برايز “منذ صغري أحب الحيوانات مثل أي طفل، كنت أقرأ عنها، وأشاهد برنامج عالم الحيوان ومقدمه الشهير محمود سلطان، وكان والدي دائمًا  يصحبني إلي حديقة الحيوانات في يوم الجمعة، ويصورني إلي جانب الحيوانات”، ويواصل “تطور الأمر، وعندما أصبح عمري 15 عامًا حاولت الوصول لجريدة الأهرام لنشر صورة من تصويري، منعني الأمن من الدخول، فالتقيت بالكاتب الصحفي صلاح جلال رئيس القسم العلمي على بوابة الجريدة، وقدمت له صورة عن غروب الشمس في الأهرامات، أعجبته وأخذها مني، لكن بعد يومين وجدت الصورة منشورة في الجريدة دون اسمي”.

القصة المأساوية لصراع الدببة الثلاثة على الدب هاني ..كتبها أيمن برايز
القصة المأساوية لصراع الدببة الثلاثة على الدب هاني ..كتبها أيمن برايز

“اتصلت بالأستاذ صلاح اسأله لماذا لم ينشر اسمي، قال لي “رفضوا نشر اسمك لأنك غير معين، هات لي صورة ثانية أحسن من الأولي وهنشرها باسمك”، يواصل برايز “قدمت له العديد من الصور لم تعجبه، حتى قدمت له صورة لثلاث بجعات يأكلن الخس في حديقة حيوان الجيزة عجبته للغاية ونشرها، وكانت أول صورة تنشر في الأهرام باسمي في عام 1983، وكان هذا الأمر بمثابة حافز كبير لي، ازداد تعلقي بالحديقة وشعرت أن بها كنوز، وأصبحت أذهب يوميًا لأصور الحيوانات، أصور الطاووس وسبع البحر وفرس النهر وأصور صغار الحيوانات”.

المصور أيمن برايز

تتطور الأمر مع المصور أيمن برايز حتى فوجئ في عام 1991 باتصال من إدارة حديقة حيوان الجيزة، يدعوه لتكريم في العيد المئوي للحديقة، حيث يقول “كنت مازالت صغيرًا، وتم تكريمي بالفعل مع الأستاذ محمد يوسف كبير مصوري الأهرام، رغم أنني لم أُعين في الأهرام بعد، وكان هذا بمثابة وسام كبير على صدري، وبعدها بعامين تم تعييني في الأهرام”.

 يتابع برايز “بعد التعيين، شجعني الأهرام اليومي والكتاب الصحفيين محمد صالح ومنى رجب وسالى وفائى نواب رئيس تحرير الاهرام، وأصبحوا ينشرون لي كل شهر صورة عن حديقة الحيوان، سواء كانت عن تماسيح أو نعام وصور لمواقف نادرة للحيوانات، أما بداية كتابة “مواضيع”مكتوبة خصيصا للصور، كان في عام 2013  وكانت قصة عن ثلاث إناث دببة هجمن على بعضهن البعض وقتلن بعضهن، والسبب أنه لم يكن هناك سوي ذكر واحد اسمه هاني، ذهبت إلي الحديقة خلال مشاجرة الدببة، وبدأت في تجميع موضوعي الصحفي، حاورت الحراس، وعرفت كيف قتلت الدببة الثلاث  بعضها البعض، ونشرت صحيفة الأهرام القصة في نسختها الورقية وفي الموقع الالكتروني، وحققت انتشارًا واسعًا حتى أن باسم يوسف استعان بها في إحدى حلقاته للسخرية من الرئيس محمد مرسي”.

أما عن القصص التي يكتبها عن الحيوانات، يقول برايز “القصص كلها حقيقة، وأقدمها كلها مع الصور، أنا أعرف كل الحيوانات في الحديقة، فأنا أذهب إلي هناك يوميًا في حالة لم يكن عندي شغل آخر، ابدأ يومي في الحديقة من 8 صباحًا إلي أن تغلق في الخامسة عصرًا، أتجول في مساحة  الـ88 فدان على قدمي أتابع كل مواليد كل الحيوانات وأحوالهم الصحية، أعرف من مّن  الحيوانات حامل، ومتى ستلد، لدرجة جعلت زوجتي تشك وتسألني دائمًا “أنا بروح الجنية كل يوم ليه؟”

ويواصل “عائلة الشامبنزي كلها تعرفني من البرنس لجوليا لبوبو لمشمش لإنجي، لموزة، كل العائلة تعرفني، وكذلك السباع والأسود، في أسد اسمه حسين فهمي يعرفني جيدًا، أناديه فيأتي إلي، فعادة أجلس إلي جوار الحيوانات أوقات طويلة حتى أصورها في جميع حالاتها”.

شمبانزي في حديقة الحيوان- تصوير أيمن برايز

ويقول برايز “أصور كل المعلومات عن الحيوانات وأتابعها، من موسم تزاوجها وفترة حملها، وأعمارها، حتي استطيع متابعتها وكتابة قصص عن حياتها“.

ولا يقتصر الأمر على حديقة حيوان الجيزة فقط، فيحرص برايز على زيارة حديقة الحيوان في أي بلد يزورها، مثل حدائق الحيوان في آلاسكا والهند وغرب أفريقيا، ومع ذلك يقول أنه لم ير أجمل من حديقة حيوان الجيزة، حيث يري أن الحيوانات هنا تتغذي جيدًا وتتحرك في نشاط  ويصاحبهم الكثير من الحراس.

الببر من فصيلة النمور في حديقة الحيوان- أيمن برايز

ويشير إلي قصة الزرافة روكا التي قيل أنها انتحرت قبل ثلاثة أعوام “القصة مش زي ما انتشرت هي ما انتحرتش هي الأكل فتح نفسها، وقعدت تشب، حتي دخلت رأسها في القفص الحديد عشان تأكل، ومعرفتش تنزل، الحراس جريوا عليها، وعشان وزنها ثقيل ملحقوش ينزلوها، كان اسمها روكا.. أنا ياما صورتها وكنت موجود ساعة ما ماتت”.

صورة الزرافة روكا بعد وفاتها- الأهرام/ تصوير أيمن برايز

ولم تكن الكتابة عن الحيوانات في مؤسسة مثل الأهرام أمرًا هينًا، فيروي برايز عن مضايقات تعرض لها في بداية كتابته، حيث يقول “في بداية كتابتي عن الحيوانات، عاملوني في الأهرام بشكل سيء واستهزئوا بما اكتبه، بعدين لما لاقوا اللي بكتبه مسمع ويجذب قراءات ومتابعين، والتلفزيون ينقل أخبار حديقة الحيوان عن الأهرام، بقوا يعملوا زي، ويروحوا حديقة الحيوان يحاولوا يجيبوا أخبار الحيوانات، بس معرفوش، وبعد كدة بقي رئيس التحرير يخصص لي مكافآت”.

ورغم ذلك، يقول برايز “تلقيت العديد من عروض العمل في الخارج لتصوير الحيوانات من دبي وإيطاليا، لكني كنت أرفضها، كنت أحيانًا أراسلهم بصور الحيوانات، لكني كنت أرفض السفر، فأفضل مكان بالنسبة لي هو حديقة حيوان الجيزة”.

المصور أيمن برايز مع دينا ذو الفقار عضو منظمة حقوق الحيوان

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى