مجتمع

العفو الدولية: إباحة تجارة الجنس “من أجل المساواة”

الجارديان: تحاول منظمة العفو الدولية إلغاء تجريم تجارة الجنس من خلال تصويت 500 عضو

الجارديان – إيسوهي أجاتيس – ترجمة: محمد الصباغ

يصل هذا الأسبوع إلى دبلن حوالي 500 مبعوث تابعين لمنظمة العفو الدولية من أكثر من 80 دولة، وذلك للتصويت على اقتراح حول الدعارة يطالب بإلغاء تجريم كل من بيع وشراء الجنس على السواء، وأيضاً القوادة وتملك بيوت الدعارة. ويأتي  الاقتراح من منطلق أن الدعارة فعل يتم بالتراضي،كما أن  شراء الجنس من امرأة تعمل  بالدعارة هو حق انساني هام لبعض الرجال من أجل تحسين ”متعة وكرامة حياتهم.“

وكشخص عمل لعقود مع العاهرات، أعرف تحديداً ماذا تعني ”الموافقة“ في سياق تجارة الجنس. فتدخل أغلب النساء في هذا العمل في غياب خيارات حقيقية. وكان الكثيرات منهن أطفالاً أو كن في سن الطفولة عند الموافقة الأولى المزعومة.

يتسبب من يشترون الجنس في كون العنف والتمييز جزءاً لا يتجزأ من تلك التجارة. هم سبب الاتجار بالفتيات الصغيرات وفي أن الجريمة المنظمة تكثر في الدول التي لا تجرم تلك التجارة.

فشل تقنين تجارة الجنس بشكل كبير في الأماكن التي حدث فيها ذلك. زاد العنف والتهريب في دول ألمانيا وهولندا، وكلا الدولتين بدأتا في العودة إلى سياساتهما السابقة. أما في نيوزلندا و وفقاً لتقرير عام 2008، فقالت النساء العاملات في مجال الدعارة إنهن لم يكن قادرات على الإبلاغ عن أفعال عنف أو الحصول على الخدمات الصحية كما كان في السابق قبل إلغاء تجريم تجارة الجنس.

حدثت لحظة تاريخية في تاريخ منظمة العفو على صفحات تلك الجريدة عام 1961، عندما قدم بيتر بينينسون مناشدة إلى المنظمة بخصوص سجن طالبين برتغاليين لوحا بنظاراتهم نخباً للحرية. ولسنوات، قامت المنظمة بعمل هام، لكنها عادة ما يغيب عنها نوع القائمين على قضايا مثل الاتجار في الجنس.

ونشأت منظمة المساواة الآن “”، وهي منظمة دولية متخصصة في حقوق المرأة، بشكل ما كنتيجة لتلك الفجوة. وصدم خبراء القانون الدوليين بالمقترح المقدم من منظمة العفو الدولية، والذي لا يفترض أن الجنس التجاري يرتبط بشكل وثيق بالاتجار بالجنس. فلا يعرف مشتري الجنس ما إذا كانت المرأة أو الفتاة يتم الاتجار بها. لا يوجد شك بأن الرجال (والنساء القلائل جداً) الذين يشترون الجنس يبقون صناعة الاتجار بالأشخاص والتي قيمتها مليارات على قدميها.

يعكس القانون الدولي ذلك. فالمعاهدة الرئيسية المتعلقة بالاتجار بالبشر –اتفاقية باليرمو- تطلب من الحكومات تفعيل سياسات ”مواجهة كل أشكال الاستغلال التي تقود إلى الاتجار بالبشر وخصوصاً المرأة والأطفال.“ وتشير معاهدة حقوق المرأة الرئيسية، اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، إلى أن استغلال النساء في تجارة الجنس لازال مستمرا بوتيرة ثابتة ، والاتفاقية طالبت الحكومات بمواجهة الطلب على الدعارة.

ترى القوانين الدولية أن تجارة الجنس لا تتوافق مع مبادئ حقوق المرأة و مع انهاء الاستغلال الجنسي. فلماذا إذاً تتجاهل منظمة العفو الدولية القوانين العالمية المتعلقة بالدعارة و الاستغلال الجنسي إذا كانت كمنظمة تهدف إلى ”احترام القانون الدولي؟“

وأنشئت منظمات ك ”Space International“ من أجل أظهار صوت العدد اللا محدود من النساء الناجيات من وقائع مهينة متعلقة بتجارة الجنس. أصدرت المنظمة بياناً رداً على منظمة العفو الدولية. هن كناجيات يعرفن أنه لا يوجد ما يتعلق بالرضا أو التوافق و التحرر الجنسي بالنسبة للأغلبية الكاسحة من الأشخاص في مجال الدعارة. وتقول مؤسسة المنظمة ،راتشيل موران، ”من يقلن غير ذلك هن عادة من جمعن  أموالهن من مواقف لا تتم بالاتصال المباشر مثل الجنس عبر الكاميرا على الإنترنت، هذه الأصوات المؤيدة والتيت عمل بالفعل في مجال الدعارة هن نساء بيض وغربيات ولهن مزايا كبيرة في مجال الدعارة وليس لديهن عمل يتحدثون عنه لغالبية العالم.“

يعرف الناجون أن الطريق الوحيد لتقليل الاستغلال والتحرك نحو المساواة بين الجنسين هو بتعريف الأشخاص العاملين في مجال الدعارة على حقوق الإنسان. وتقديم لهم مجموعة من السياسات والقوانين المتعلقة بالمساواة بين الجنسين. أطلق على ذلك ”نموذج نورديك ، وفيه لا يتم تجريم من يتاجرون بالجنس، بينما يقدم لهم الدعم والمساعدة لترك تلك التجارة. وفي نفس الوقت، يجرم الاتجار بالبشر في الجنس، والقوادة، وشراء الجنس.

لا قى هذا النموذج نجاحاً في السويد، والنرويج، وأيسلندا، والآن يسير بنفس الوتيرة على مستوى العالم. واتخذت كندا وأيرلندا الشمالية قوانين مشابهة. أما أيرلندا وفرنسا وغيرهم من الدول فمن المتوقع أن يصوتون في الأشهر القادمة على نموذج نورديك وفقاً لتشريعاتهم.

بينما تتواجد مثل تلك المبادرات على المستوى المحلي. ففي بداية عام 2014، أشار قرار للبرلمان الأوروبي إلى أن ”هناك روابط عديدة بين الدعارة والاتجار بالبشر“ وعرف الدعارة –عالمياً وفي أوروبا- تغذي الاتجار بالبشر بالنساء المستضعفات والفتيات القاصرات. ومؤخراً تبنى البرلمان الأوروبي والمجلس الأوروبي قرارات توصي الدول الأعضاء بالاتحاد بأخذ نموذج نورديك بعين الاعتبار.

وتقف مسودة سياسة منظمة العفو الدولية على جانب معاكس للسياسة العامة. فتتجاهل التوصيات الدولية والإقليمية التي تستهدف مواجهة ما يغذي الاستغلال الجنسي. كما يناقض خبرات الناجين من تجارة الجنس.

وتتجاهل أيضاً الحاجة إلى حماية حقوق الإنسان للأشخاص العاملين في مجال الدعارة و يستفيد من سياستها المقترحة الجريمة المنظمة والقوادون و من يستغلون البشر في الجنس. فقط نستطيع أن نأمل في هذا الأسبوع أن كل الوفود التابعة لمنظمة العفو الدولية تفكر طويلاً وبجدية حول حقوق الإنسان التي يسعون جاهدين إلى حمايتها.

وكما قالت راتشيل موران ”ما نواجهه هنا مثل شئ خرج من رواية جورج أورويل 1984 ، حيث المدافعون عن حقوق الإنسان قرروا  فقط أن  يستخدموا موقعهم لتعزيز النظام نفسه الذي فيه يتم اضطهاد الضحايا.“

وتضيف ”لو وافقت منظمة العفو الدولية على القرار، سيتسبب في ضرر هائل لكثير من الأفراد الأبرياء في الكثير من الأماكن البعيدة عن الأنظار، والضرر الوحيد الذي سيكون مستحقاً هو الذي سيلحق بسمعة منظمة العفو الدولية.“

“إيسوهي أجاتيس تعمل كمديرة لمكافحة الاتجار بالبشر في منظمة “المساواة الآن –”Equality Now”

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى