ثقافة و فنسياسةمنوعات

الشكمجية ..المصريات يبدعن الكوميكس

 920x920

أسوشيتد برس

ترجمة – محمود مصطفى

“الشكمجية” كتاب مصور نسوي جديد صدر في مصر وهو الإضافة الأحدث لمشهد مزدهر للكتب المصورة البديلة حيث يسعى الفنانون نحو منافذ أكثر حرية للتعبير عن الرأي في بلاد تجد فيها الأصوات المستقلة صعوبة في الحديث.

يعود تاريخ الكاريكاتير والسخرية السياسية في مصر إلى أكثر من مئة عام وهو مكون أساسي في الصحف التي لطالما سخرت من العادات الاجتماعية والمسئولين في المصالح الحكومية.لكن جيلاً جديداً من فناني الكاريكاتير الشباب وجد مساحة للتعبير عما يصعب قوله في وسائل الإعلام التقليدية  مستثمرين روح الثورة في المنطقة في السنوات الأربع الماضية ليجربوا أساليب جديدة وأكثر خلخلة لتناول الواقع المصري.

العدد الأول من “شكمجية” الذي صدر هذا الشهر يركز على التحرش الجنسي والعنف اللذين أصبحا أمراضاً متوطنة في مصر في ما دفع الحكومة أخيراً إلى أن تشدد العقوبات ضد المعتدين. قدم دزينة من الفنانين قصصاً تصور كيف تقاسي النساء من التحرش وكيف يفلت الرجال بسهولة بفعلتهم عندما غض معظم الناس الطرف.

تقدم المجلات الجديدة الأخرى صوراً موجزة تمثل مقتطفات من حياة الشباب، الأكثر نجاحاً هي مجلة أسمها “توك توك” تدور القصص فيها حول الحب والبطالة وتصرفات الكبار والسلطات وفوضى القاهرة وفي بعض الأحيان تكون القصص ساخرة وفي بعض الأحيان سوداوية وفي أحيان أخرى سريالية.

“الأبواب فُتحت على عالم جديد” قالت منى عبد الرحمن، صيدلانية بعمر 27 عاماً، التي أخذت بزمام المبادرة وبدأت بالعمل كرسامة كاريكاتير للصحف بعد الثورة على المستبد حسني مبارك في 2011 وشاركت بقصتها الأولى في “الشكمجية” التي ينشرها مركز نظرة للدراسات النسوية.

تقول منى  “بدأ الناس يهتمون بالفن الجديد كطريقة للتواصل مع التغيرات التي تحدث في البلاد.” ويقارن الباحث جوناثان جوير والذي يبحث في فن الكتب المصورة المصري المجلات الجديدة بتأسيس مجلة “ماد” في الخمسينات في الولايات المتحدة من حيث قصص المجتمع الخفي التي تتحدى الوضع القائم.

وقال إنه غالباً ما لا يعني الامر مناقشة القضايا السياسية ولكن بدلاً من ذلك الاهتمام بالمسائل الإجتماعية التي كانت وراء الثورة في 2011: الكرامة والعدل والاقتصاد والطبقية “إنهم يثيرون كل هذه القضايا الصعبة وغالباً عبر طريقة ساخرة.”

مع تقلب الأوضاع السياسية تغيرت المساحة المتاحة أمام رسامي الكاريكاتير، برز رسامو الكاريكاتير الساخرون خلال الاحتجاجات في 2011، وبعد سقوط مبارك انزعج الحكام العسكريون المؤقتون من الانتقادات وعرضوا الصحفيين لتحقيقات وضغطوا على رؤساء التحرير لتهدئة الانتقادات، الصحف من جانبها ردت بشكل ما .. إحدى الصحف اليومية المستقلة نشرت كاريكاتير لحذاء عسكري يدوس على الأقلام.

السخرية من القيادة

بعد انتخاب الرئيس الإسلامي محمد مرسي، أحتجز لمدة وجيزة الساخر التلفزيوني باسم يوسف وتم استجوابه حول سخريته لكن رسامي الكاريكاتير كان أمامهم مجال مفتوح للسخرية من القيادة الإسلامية.

منذ أن عزل الجيش مرسي في يونيو 2013، استجابت الصحف بشكل كبير لمطالبات الرئيس المنتخب الجديد وقائد الجيش السابق عبد الفتاح السيسي بإسكات الإنتقادات. بشكل عام طردت أصوات المعارضة خارج وسائل الإعلام واعتقل عشرات من النشطاء المؤيدين للديمقراطية بسبب تظاهرهم فيما شنت الحكومة كذلك حملة قمع عنيفة ضد الإسلاميين.

الخطوط الحمراء ليست واضحة دائماً، لكن رسامي الكاريكاتير أصبحوا يعلمون من جديد أن زعيم مصر خارج الحدود المسموح بها.

وقال هجرسي، أحد رسامي الكاريكاتير البارزين في البلاد، إن صحيفته توقفت عن نشر الكاريكاتير من الأصل بعد انتخاب السيسي ومؤخراً طلبت منهم الصحيفة العودة للرسم إلا أن شيئاً لم ينشر بعد.

“نحن لم نعد إلى عام 2010، بل عدنا إلى العصور الوسطى” يقول هجرسي، ويشارك هو وآخرين كثيرين في المجلات بأسمائهم الفنية فقط.

نجم آخر في هذاالنوع من الفن هو أنديل الذي استقال من العمل في إحدى الصحف العام الماضي ولم يكن الأمر فقط بسبب الرقابة ولكنه أيضاً أراد تجربة شيء أكثر “صدامية” من الناحية الفنية.

“لطالما كان هناك دفع مستمر ضد أي محاولة للتجريب أو للخروج عن المألوف” يقول الفنان ذو الـ28 عاماً والمعروف بأسلوبه ذو الضربات الثقيلة والقاتم في الرسم.

أنديل كان من بين مؤسسي “توك توك” التي صدرت في أوائل 2011 كمجلة ربع سنوية وتعد مجلة ناجحة. صدر العدد الثاني عشر مؤخراً ويتم طباعة 2000 نسخة من كل عدد وهو رقم مرتفع في سوق النشر الخصب في مصر.

ويقول شناوي، أحد مؤسسي توك توك، إن “الفكرة هي الإنفتاح وتغيير طريقة تفكير الناس. ليس فقط في القضايا سياسية ولكن في التفكير فيما حولنا من علاقات عاطفية وفتيات وعلاقات إجتماعية وحب.”

قد يعني هذا مثلاً نكات مباشرة، أحد شخصيات شناوي هو سايس ينقب عن الإكراميات بينما يبحث عن مساحات ركن للسائقين. في إحدى القصص يجد السايس مساحة للركن لدبابات تنظيم الدولة الإسلامية المتطرف عندما يغزو القاهرة فقط لتقطع رقبته عندما يتم “كلبشة” مركباتهم.

النظام يخاف من الفكرة

وقد تكون القصص أكثر تعقيداً مثل قصة تصور متاعب رجل على دراجته البخارية يحاول أن يصل إلى المنزل وسط زحام القاهرة المرعب ليرى جدته التي تحتضر.

يرى أنديل أن التجربة تبدأ حواراً في وقت تغيب فيه ثقافة الحوار، “النظام يخاف من فكرة أن أحداً لديه رأي يعبر عنه .. حتى لو كان الرأي عن الكوسة والبصل.”

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى