ترجماتمجتمع

السعوديات يتدافعن لتعلم القيادة “ليس لمجرد مقعد السائق”

نيويورك تايمز: شركات تعليم قيادة السيارات تواجه تدفق السائقات السعوديات

ترجمة: ماري مراد

المصدر: نيويورك تايمز

يفصل السعوديات 3 أشهر ونصف تقريبا عن الموعد المرتقب “أواخر يونيو 2018” الذي يسمح فيه حكام المملكة العربية السعودية “المحافظة جدا” برفع الحظر الطويل الأمد على قيادة النساء للسيارات، ومع اقتراب الموعد تجهز النساء أنفسهن لتعلم قيادة السيارات.

صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية نشرت تقريرا مطولا عرضت فيه ملامح المرحلة المهمة التي تمر بها السعودية استعدادا لتطبيق القرار، مشيرة إلى أن الجامعات النسائية أعلنت أنها تخطط لفتح مدارس لتعليم القيادة، وحولت شركات السيارات إعلاناتها بهدف الاستفادة من التدفق المتوقع للسائقات الجدد ومشتري السيارات في البلد التي يسكنها 32 مليون شخص.

ولن يتوقف الأمر على قيادة النساء لسيارتهن وممارسة الروتين اليوم دون الحاجة إلى سائق، إذ أوضح التقرير أن شركة “أوبر” تخطط لتعيين نساء لتدريب أخريات يطمحن للانضمام لفريق سائقي أوبر، وبعض الوكلاء خصصوا ساعات تسوق للنساء، كما سعت “فورد” و”نيسان” و”جاكوار” وحتى “كوكا كولا” للاستفادة من الضجة حول النساء اللاتي يجلسن على كرسي القيادة.

الصحيفة أوضحت أن المرأة السعودية اقتربت من التغيير مع مزيج من الحماس والتخوف في كثير من الأحيان، كما هو ملموس، يوم الإثنين، في حرم جامعة “عفت” في هذه المدينة الساحلية على البحر الأحمر، حيث قامت شابات بتجربة قيادة السيارات للمرة الأولى.

وذكر مسؤولون أن الجامعة ربما تفتتح لاحقا مدرسة نسائية لتعليم القيادة لكنها في انتظار إصدار الحكومة اللوائح المناسبة، لذا فإن هذه الدورة كانت أقرب إلى ورشة عمل قدمها صندوق شركة فورد موتور التي تسعى إلى تحسين سلامة السائقين، ونظرا لأن المملكة لم تصدر حتى الآن رخصا للنساء، فإن الدورة تستهدف النساء اللاتي ليس لديهن خبرة في قيادة السيارات.

وتجمعت حوالي 15 طالبة في حجرة دراسية لبدء الورشة، ارتدت جميعهن عباءات فضفاضة لإخفاء ملابسهن أمام العامة، وكانت معظمهن يغطين شعورهن، والقليل منهن غطين وجوههن، وبعضهن ارتدين حذاء تنس وجينز تحت العباءة، مصطحبات حقائب الظهر واليد.

مراسل الصحيفة “بن هوبارد” وصف اللحظات الأولى لإحدى النساء على مقعد السائق وقال: “صعدت إلى مقعد السائق، وضعت حزام الأمان، ووجدت الدواسات، وحررت فرامل اليد ووضع السيارة في وضع القيادة، ثم أخذت نفسا عميقا، وخففت قدمها من على الفرامل وبدأت للمرة الأولى، ما ستفعله النساء قريبا في جميع أنحاء المملكة العربية السعودية: القيادة”.

“هل هذا جيد؟” هكذا سألت الطالبة رهف الزهراني، 21 عاما، حينما كانت تتقدم ببطء، فأجابها المدرب: “نعم.. هذا جيد”.

ورشة العمل بدأت بحديث قصير عن السلامة على الطريق، وحوادث السيارات، التي تحدث في أغلبها بسبب استخدام الهاتف خلال القيادة،  ثم انفصلت النساء لمزيد من التجارب العملية، وفي فناء بالهواء الطلق، ارتدين نظارات “جوجل” لمحاكاة ضعف الرؤية إثر الدواء أو النعاس أو السكر، في حين أن الأخير ليس مشكلة لأن الكحول محظور في المملكة، وبعد ذلك كان يتعين عليهن قيادة عجلة صغيرة في خريطة على الأرض مع الانتباه إلى الشوارع وإشارات التوقف والمشاة، لكن العمل الحقيقي كان في جراج قريب توجد فيه سيارات حقيقية.

وجلست النساء داخل السيارات ليشرح لهن المدربون: تغيير التروس، ودواسات الغاز والفرامل وعداد درجة الحرارة وإشارات الانعطاف والمساحات وغيرها، وفي لحظة جلسة سيدة على مقعد القيادة لينصحها المدرب بوضع قدميها على الفرامل والبدء في التحرك.

بحسب المراسل، كان من الصعب المبالغة في مقدار كيف سيغير الحق في قيادة السيارة حياة المرأة السعودية، فالنساء كانت منفصلة عن الرجال في الكثير من المواضع، ولديها إمكانية محدودة للعمل في عدد قليل من الوظائف، أو كانت تشجع على البقاء في المنزل، ودائما ما كانت تضطر للاعتماد على السائقين أو أقاربها الذكور في قيادة السيارة.

لكن الكثير من السعوديات تغيرن خلال السنوات الأخيرة إذ سمح لهن بالعمل في مجالات جديدة وتقلدن مناصب رفيعة، وتخرجن بأعداد متزايدة من الجامعات، وتحدث ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان عن أهمية زيادة دور المرأة في القوة العاملة كجزء من جهوده لتنوع الاقتصاد بعيدا عن النفط.

في ورشة العمل، وضعت بالفعل المشتركات أنظارهن على سيارات محددة، إذ أرادت إحداهن سيارة “عودي”، وقالت: “هي سيارة قوية”، في حين أعربت أخرى عن رغبتها في شراء سيارة مرسيدس مثل والدها، وقالت ثالثة إنها سترسل سائقها الهندي إلى موطنه وستقود سيارتها بنفسها.

النساء أكدن أن تمكنهن من القيادة سيقلل من اعتمادهن على أولئك الذين كان يتعين عليهم توصليهن، ما يدفع المرأة حينها إلى ترتيب جدولها اليومي ليناسب هؤلاء.

“لا أريد قيادة السيارة فقط لمجرد القيادة” هذا ما قالته رحاب الهواري، 21 عاما، مضيفة: “أريد التمكن من تنفيذ روتيني اليومي”، إذ أعربت عن استيائها حينما كانت تريد الذهاب إلى الصالة الرياضية في الصباح إذ كان عليها انتظار شخص ليقودها إلى هناك، مشيرة إلى أن أهم ما في القيادة “الشعور بمزيد من الحرية”.

لكن بعضهن لم يكن متأكدا من كونهن مستعدات لمواجهة حركة المرور الشرسة في كثير من الأحيان أو السائقين الذين ليس لديهم خبرة في التعامل مع النساء على الطريق.

وأوضحت رنيم مودار، 22 عاما، أنها كانت تريد القيادة قبل أن تصطدم سيارة كانت فيها منذ شهر، ما أدى إلى إصابتها بكدمات في جانبها، مضيفة: “كان الأمر مروعا”، وهي الآن في انتظار رؤية كيف ستسير الأمور بالنسبة للأخريات قبل أن تحصل على رخصتها.

وانتهت ورشة العمل بفرصة نادرة للمرأة في السعودية: فرصة قيادة السيارة في مسار من المخاريط في جراج السيارات.

وقبل بدء القيادة، أوضحت الزهراني، أنها قادت “جت سكي” في البحر الأحمر ودراجات نارية في الصحراء، لكنها لم تقد سيارة على الإطلاقة وهذه الفكرة تجعلها عصبية، وقالت: “لا أعرف أين توجد الفرامل أو البنزين”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى