سياسة

السجين إكس: قصة أفشل جاسوس إسرائيلي

السجين إكس: قصة أفشل جاسوس إسرائيلي

زحمة – إعداد وترجمة: أحمد سمير

x1

اهتمت إسرائيل دائما بطريقة تسوق نفسها للآخرين وخلق صورة –في العادة- لا تقترب من الحقيقة، واهتمت أيضا بالدعاية لجيشها وأجهزة استخباراتها المختلفة وعلى رأسها الموساد. فهو الجهاز الذي يستطيع الوصول لأعدائها في أي مكان ويتخلص منهم. لكن السؤال: هل ظل الموساد دون إخفاقات أو خروقات طوال مدة عمله؟.. السجين إكس (X) يحمل بعضا من الإجابات على هذا السؤال، لكنه شنق نفسه!

في ديسمبر 2010 عثر حراس سجن “أيالون” الإسرائيلي شديد الحراسة الواقع في مدينة الرملة المحتلة على أحد السجناء وقد شنق نفسه في الزنزانة رقم 15، وجده الحراس يتدلى من منشفة، وقد بدا جسمه باردا، أي إنه فارق الحياة منذ مدة، ولم يدر به أحد حتى الحراس المكلفين بمراقبته على مدار اليوم.

تسرب الخبر إلى الصحافة وبدأت مواقع إليكترونية تبث أخبارا عن ذلك السجين المعزول في تلك الزنزانة المراقبة على مدار اليوم التي سبق واستضافت قاتل إسحاق رابين، لكن الرقيب العسكري تدخل وأجبر تلك المواقع على محو الأخبار المتعلقة بالموضوع.

ظل الموضوع طي الكتمان حتى عام 2013 عندما كشفت شبكة ABC  نيوز الأسترالية أن ذلك السجين في إسرائيل، والذي تم الإشارة إليه بالسجين x بسبب عدم معرفة اسمه، هو استرالي الجنسية وتعود أصوله إلى ملبورن، بل ونشرت اسمه للمرة الأولى منذ انتحاره وهو بن زايجر.

x3

دارت كرة الثلج، وبدأت وسائل الإعلام تنقب عن تفاصيل خاصة بهذا السجين، وتسأل: لماذا سجنته إسرائيل؟ وما هي تهمته؟ ومتى تمت محاكمته وما الحكم الذي صدر بحقه؟

ظهرت بعض التفاصيل، أخطرها أن زايجر كان يعمل لصالح الموساد قبل القبض عليه، وأنه تسبب في أذى كبير لإسرائيل، جعلها تتصرف معه بهذه الطريقة، فتحاكمه سرا وتسجنه بدون اسمه الحقيقي وتحاول إخفائه عن العالم.

مجلة “دير شبيجل” الألمانية، نشرت تقريرا يحوي قصة مثيرة عن زايجر. المجلة ذكرت أن زايجر ولد في ملبورن بأستراليا لعائلة يهودية هناك، وتلقى تعليمه في كلية الحقوق بجامعة موناش الأسترالية.

قرر زايجر أن يهاجر إلى إسرائيل، وهناك قدم أوراقه إلى الموساد الإسرائيلي، بعد تخطيه الاختبارات التي عقدها له الموساد، تلقى دورات تدريبية مختلفة حتى يصبح عميلا للجهاز. وعندما اتمها كانت مهمته أن يعمل في إحدى الشركات التي تقوم بالتعامل مع شركات إيرانية ويستعملها كغطاء له ويبحث عن مجندين محتملين للتجسس لصالح الموساد.

بعد سنوات قليلة رأى الموساد أن النتائج التي أحرزها زايجر أقل مما توقع، فقرر استدعائه إلى إسرائيل وتحويله إلى وظيفة مكتبية. وهو الأمر الذي لم يعجب زايجر، فقرر أن يتصرف من تلقاء نفسه.

السجين X كان يريد إنجازا ميدانيا يحسن من صورته أمام قادته في الجهاز ويثبت كفاءته للجميع، ليودع العمل المكتبي ويعود إلى العمل الميداني. فسافر إلى خارج إسرائيل عدة مرات بدعاوى مختلفة لينفذ خطته.

خطته كانت بسيطة، لقد انشأ اتصالا مع أحد التابعين لحزب الله اللبناني، وكان يهدف لتجنيده كي يصبح عميلا مزدوجا وليمد الموساد بمعلومات عن الحزب. ويكون تذكرة العودة إلى الميدان.    

إلا أن ذلك الرجل التابع لحزب الله كان أذكى من نده الإسرائيلي، فألح عليه أن يثبت أنه يعمل فعلا مع الموساد، وهو ما دفع زايجر إلى تسليم معلومات خطيرة (هي موجودة تحت يده بحكم كونه يعمل في وظيفة مكتبية بالجهاز) عن شبكات العملاء الإسرائيليين في لبنان.

الشخص التابع لحزب الله سلم تلك المعلومات إلى الحزب، فسقط اثنان من أكبر عملاء إسرائيل في لبنان الأول زياد الحمصي الذي شغل منصب رئيس بلدية سعد نايل، وحكم عليه بالسجن لمدة 15 عاما ثم أطلق سراحه بعد 3 سنوات.

أما العميل الآخر مصطفى علي عواضة، فكان من أقدم عملاء الموساد في لبنان حيث تم تجنيده في العام 1984، وبذلك يكون قد قضى –حتى إلقاء القبض عليه في 2009- ربع قرن في خدمة جهاز الاستخبارات الإسرائيلي.

إسرائيل بدأت في البحث عن سبب تلك الضربة الكبيرة في لبنان، وما الذي أدى إلى سقوط عملائها هناك حتى توصلت لزايجر. وعندما ألقت القبض عليه وجدت معه CD يحوي معلومات أخرى خطيرة تخص الموساد يبدو إنه كان ينوي تسليمها. لكن القبض عليه حال دون ذلك.

وبذلك انتهت قصة السجين X بانتحاره في سجن شديد الحراسة. العاصفة الإعلامية التي تلت الكشف عن اسم السجين إكس وقصته. أدت إلى كشف آخر، فإسرائيل تحتجز سجينا اخر مجهول الهوية أطلقت عليه الصحافة السجين X 2 . لا يعرف على وجه التحديد ماذا فعل هذا السجين أيضا، ويبدو من المعلومات القليلة المتوفرة عنه إنه تم سجنه قبل بن زايجر. هذه قصة أخرى من إسرائيل لم تكشف تفاصيلها بعد وتقف الرقابة العسكرية على الإعلام كسد أمام تدفق أي تفاصيل عنها للجمهور في إسرائيل.

مصادر:

دير شبيجل: 

http://www.spiegel.de/international/world/how-the-mossad-career-of-ben-zygier-ended-in-treason-a-890854.html

الجارديان:

http://www.theguardian.com/commentisfree/2014/mar/10/the-prisoner-x-case-highlights-why-australians-deserve-more-transparency

http://www.theguardian.com/world/2013/mar/06/prisoner-x-working-israeli-government

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى