اقتصادمجتمع

دويتش فيله: في شرم الشيخ ..يغلقون الباب ويرحلون

العاملون في السياحة لدويتش فيلة: لا نستطيع تحمل تكلفة البقاء في شرم الشيخ

دويتش فيله – ناعومي كونراد – ترجمة: محمد الصباغ

يجلس “علي” في محله الصغير بشرم الشيخ، المكان ملئ بالمرايا، وعلى الأرفف هناك أهرامات بلاستيكية مطلية بالذهب وزجاجات من العطور تغطيها بعض الأتربة. في المساء، يقول بصوت يبدو عليه التوتر، إنه سيغلق الباب بحرص ثم يستقل الحافلة لينضم إلى عائلته في القاهرة.

أكد “علي”  لـ”دويتش فيله” أنه حزين لمغادرته المدينة لكنه لا يمتلك خياراً آخر: الشاب ذو الـ29 عاماً ووالد لطفلين لم يبع أي شئ خلال الأسبوعين الأخيرين ولا يستطيع تحمّل تكلفة البقاء بشرم الشيخ، المكان الذي عاش خلال العامين الماضيين.

علي

سيلحق بركب العديد من مدربي الغطس، وعمال الفنادق وحمامات السباحة الذين غادروا المدينة التي تقع على شواطئ البحر الأحمر في الأسابيع الأخيرة، بعد تحطم طائرة روسية تحمل 224 راكبا بعد إقلاعها من مطار شرم الشيخ الدولي بفترة فصيرة، في 31 أكتوبر الماضي.

زعم ما يدعى بـ”الدولة الإسلامية“ مسؤوليته عن الحادث، وقال التنظيم إن أعضائه استطاعوا تمرير قنبلة على متن الطائرة بداخل علبة معدنية للمشروبات الغازية.

علقت بريطانيا وروسيا كل رحلاتهم الجوية، وهي دول تمتلك نسبة كبيرة من السياح في شرم الشيخ. وبالمطار الذي كان دائماً مزدحماً، تهبط الآن طائرات قليلة منها الرحلات المباشرة من أوكرانيا وإيطاليا.

التأثير على شرم الشيخ، المدينة التي صنعت للأغنياء، وتمتلأ بالشواطئ والمطاعم وأماكن التسوق التي انشئت من أجل توفير احتياجات السياح الأجانب الأثرياء، الآن أصبحت تلك المدينة مدمرة. وكل من تحدثت معهم “دويتش فيله” اتفقوا على أن تلك الأزمة هي الأسوأ في العقود الأخيرة، التي شهدت انتعاش صناعة السياحة مرة أخرى بعد هجمات إرهابية سابقة وأزمات الاقتصاد في العالم.

قال أحد ملاك الفنادق إن نسبة الإشغال تراجعت من النسبة الطبيعية 600 إلى 45. وفي المرفأ كان مالك المحل الذي يبيع المشروبات والمسليات يغفو أمام بضائعه، بينما القوارب التي دائماً ما كانت تحمل السياح للغطس كانت تتمايل على الخليج.

أما رامي يسري المرح صاحب البشرة البرونزية  والبالغ 37 عاماً، فقال إن أعمال الغطس التي يديرها قد تستمر لثلاثة أشهر أخرى، وأضاف ”كي أكون أميناً، بعد ذلك لأ أعرف ما قد يحدث“.

بينما ستفرح ابنتاه برؤية والدهما لفترة أطول، ففي الظروف الطبيعية هذا التوقيت هو موسم قدوم السياح من الدول المحرومة من الشمس في شمال أوروبا وروسيا، لكن الوالد عكس ابنتيه يشعر بالقلق. فهو يخسر قرابة 600 دولار يومياً، واضطر إلى إعطاء أكثر من نصف موظفيه إجازة مفتوحة.

لكنه أشار إلى تفاؤله بعودة السياح مرة أخرى يوماً ما. وقال إنها مسألة وقت، حتى تتبخر من ذاكرة الناس حادثة الطائرة ويعود السياح.

أما الحكومة التي تعتمد على السياحة كمصدر رئيسي للعملة الأجنبية بعد سنوات من عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي بعد انتفاضة عام 2011 والإطاحة بالرجل القوي حسني مبارك، فتحاول فقط إنجاز ذلك.

وعلى منصة شديدة الأهمية ومليئة بالأضواء، تحدث محافظ جنوب سيناء بصوت أعلى من أصوات الألعاب النارية والفريق الأوكراني الذي يعزف بأحد الفنادق الفاخرة في محاولة لزيادة دخل السياحة. خرج السائحون بملابس قصيرة وكعوب عالية لا تحتمل ورقصوا بجوار العائلات المحلية التي تدفع عربات أطفالها أمامها.

حدث كل ذلك فقط ليرسل المحافظ خالد فودة رسالة إيجابية إلى العالم ولزيادة الأمن. وقال المحافظ: ”نعمل بشكل كبير مع أصدقائنا على تعزيز الأمن في المطار.. وشملت تلك الإجراءات التعاون مع دول أجنبية، مثل تدريب القوات الأمنية”، وأضاف فودة: ”نتفهم أن أصدقائنا قلقون حيال حياة مواطنيهم ويريدون ضمان سلامتهم. وهذا سبب تعاوننا معهم“.

كما بدأت الحكومة حملة دولية مثل استقبال وفد سعودي في شرم الشيخ محاولين تعزيز السياحة المحلية.

لكن المرشدين المحليين يتفقون على أن تلك إجراءات مؤقتة من أجل إبقاء الصناعة قائمة حتى تعود الرحلات الجوية مرة أخرى مع السياح الأجانب.

وعلى شاطئ الفيروز المثالي، تضحك سيفاتيا بروها، الإيطالية. قالت إن الرحلة التي جاءت فيها من إيطاليا كانت خاوية تماماً، لكنها لم تكن خائفة للحظة. وأضافت: ”لماذا أخاف؟ المكان جميل هنا، والناس لطفاء، والطقس مثالي“. وأكدت أنها تشعر بأمان تام وأشار بذلك أيضاً صديقها الذي جلس بجوارها.

أما “علي”، فيدعو دائماً أن يترك أجانب أكثر خوفهم ويعودون يوماً ما إلى محل الهدايا الخاص به. وقال إنه قبل حادث الطائرة ”كل شئ كان مثالياً. كان أناس من جميع أنحاء العالم يأتون إلى مكان عملي“. ثم نظر إلى المتجر من حوله وقال ببؤس: ”أخشى على مستقبل أولادي“ وبعد توقف قليل أكمل ”وعلى مصر“.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى